إذا كان مدحت شلبى قد خرج على الناس مؤخراً بألفاظ خادشة للحياء قالها على شاشة مودرن.. فلا يمكن أن نلوم مدحت وحده على هذا الخطأ الفادح.. لأن هذا الخطأ كان هو النتاج الطبيعى لمناخ عام اقتسمنا كلنا تشكيله وصياغة قواعده وملامحه.. تماماً مثلما لا يمكننا تجاهل خطأ مدحت والتعامل معه باعتباره هفوة سهل جداً التغاضى عنها ونسيانها بابتسامة هنا وكلمة مجاملة هناك.. ولا حتى التظاهر بالغيرة على الأخلاق ومحاولة استغلال هذا الخطأ لقطع رقبة مدحت وطرده من شاشات مصر والدنيا كلها.. ولكن يبدو أننا نعيش الزمن الذى أصبح فيه أى خطأ قابلاً لكل وأى شىء.. كل التفاسير ممكنة.. كل التبريرات جاهزة.. كل الغفران وارد.. كل المشانق جاهزة.. الفيصل فقط هو شخصية الذى أخطأ واسمه وعنوانه.. فالعدالة فى بلادنا لم تعد عمياء.. وبدلاً من ذلك السيرك الإعلامى الذى سيقام الآن لمحاكمة مدحت بالحق أو الباطل.. مثلما هو قائم منذ فترة لمحاكمة رئيس وأعضاء اتحاد الكرة.. وقام مؤخراً لمحاكمة رئيس الزمالك.. تعالوا نرتب الأوراق بهدوء وعدالة ومنطق ورقى فى الفكر والتناول والسلوك مهما كانت درجة الاختلاف أو الصراع على الأضواء والمغانم.. وفى الورقة الأولى.. لابد أن نعترف بأن مدحت شلبى نجح كثيراً وجداً.. وكان ولايزال له حضور استثنائى وبريق لافت ولاتزال تعليقاته وتعابيره تملأ الشارع الكروى المصرى.. وبالتالى فإن كل ما يتقاضاه الآن مقابل التعليق أو التقديم أو الظهور التليفزيونى هو حق طبيعى وأصيل له.. ولا شأن لى بمن يرون هذا الأجر كثيراً على مدحت، لأن هؤلاء سيرون نفس الأجر كثيراً على أى أحد غيرهم لأنهم لا يرون نجاحاً لأى أحد غيرهم.. وفى الورقة الثانية لابد أن نعترف بخطأ مدحت شلبى.. خطأ ليس يقبل أى التفاف فى التفسير أو تأويلات متعددة وأكثر من وجهة نظر.. نعم أخطأ مدحت.. ولكن لا أحد منا يملك حق العقاب.. الجمهور الذى شعر بالاستياء يستطيع فقط أن يتحول باهتمامه إلى شاشات وبرامج أخرى.. لكن تبقى المشكلة هى: هل يليق بمن ارتكب هذا الخطأ أن يبقى متحدثاً رسميا باسم الاتحاد المصرى لكرة القدم.. وأنا أظن أن مدحت لم يعد يليق به أن يبقى جامعاً بين برامجه التليفزيونية وبين وظيفته النهارية فى اتحاد الكرة.. ولكننى لن أطالب بخروج مدحت إلا حين يتم وضع قاعدة دائمة تمنع كل من له وظيفة تنفيذية فى اتحاد الكرة من العمل فى أى برامج تليفزيونية.. وتمنع القاعدة أيضاً كل من يتعاقد مع الاتحاد مدرباً أو إدارياً لمنتخب، والأهم من ذلك كله كل أعضاء مجلس إدارة اتحاد كرة القدم.. فهذا هو المنطق والطبيعى وأصل الأشياء.. فليس هناك من يستحق أن يأخذ كل شىء أو يكون كل شىء.. أما الورقة الأخيرة فهى تحديد ما إذا كان مدحت قد أخطأ لمجرد أنه لم يدرس الإعلام كما بدأ يروج لذلك حاملو شهادات الإعلام الرسمية.. وهل يعنى ذلك التشكيك فى نجاحات إبراهيم حجازى وعلاء صادق وأحمد شوبير وخالد الغندور ومحمد شبانة رغم أنهم لم يدرسوا الإعلام. [email protected]