شهد مهرجان فينسيا فى يومه الثالث عرض الفيلم الروسى «أرواح صامتة» إخراج ألكسى فيدروشينكو، وجاء الفيلم تحفة من روائع السينما جديرة بالأسد الذهبى، أو أولى تحف مسابقة ال24 فيلماً، وإن كان من الصعب الوصول إلى هذه الدرجة من الاكتمال الفنى فى أكثر من فيلم فى مسابقة واحدة. ورغم أن الفيلم عن رواية «الرايات» للكاتب أيست سيرجييف، إلا أنه من السينما الخالصة وليس من السينما الأدبية، ورغم أن مخرجه لم يكتب السيناريو، وإنما كتبه دينيس أوسكن، إلا أنه من سينما المؤلف المخرج بامتياز. هذا فيلم قصيدة من الشعر السينمائى الكلاسيكى الخالد، وقد دخل تاريخ السينما وتاريخ الإبداع بعد عرضه الأول فى مهرجان فينسيا يوم الجمعة الماضى بغض النظر عن الجوائز. إذا كان من الممكن «تلخيص» قصيدة فى جملة أو جمل نثرية لا تكون شعراً، وهكذا فيلم فيدروشينكو، وتحليل الفيلم يحتاج إلى صفحة كاملة من الجريدة، ولكن يمكن القول أنه يدفع جمهوره إلى أعمق تأمل فى الحياة والموت والحب والعلاقات بين البشر، وإلى الاستمتاع بأكبر درجات الإبداع فى تشكيل الصور وتشكيل الأصوات عبر علاقة جدلية فذة بين الصوت والصورة. إنه الفيلم الروائى الطويل الثالث لمخرجه فى خمس سنوات منذ 2005، والذى أخرج أيضاً ثلاثة أفلام تسجيلية منذ 2002، وكانت أفلامه كلها متميزة، ولكنه مع «أرواح صامتة» ينضم إلى عائلة شعراء السينما المفكرين الكبار، والتى تضم برجمان وتاركوفسكى وأنجلوبولوس وقلة معدودة من المخرجين، وكذلك الروسى الشاب أندريه زفياجينتسييف الذى فاز بالأسد الذهبى فى الدورة ال60 عام 2003 عن فيلمه «العودة». ولابد أن نذكر هنا أن مهرجان فينسيا شهد عام 1961 عرض «طفولة إيفان» أول أفلام تاركوفسكى، حيث فاز بالأسد الذهبى. ومن أهم أفلام المسابقة فى الأيام الأولى من المهرجان إلى جانب «أرواح صامتة» و«ميرال» (انظر «صوت وصورة» أمس) الفيلم الأمريكى «مكان ما» إخراج صوفيا كوبولا، وهى إحدى ثلاث مخرجات يشتركن فى المسابقة هذا العام. جاء الفيلم إنسانياً وحميمياً مثل فيلمها «ضائع فى الترجمة» عام 2003، والذى عرض فى المسابقة ذلك العام. إنه فيلم أمريكى، ولكنه أنشودة فى تمجيد قيمة العائلة مثل أكثر الأفلام الإيطالية كاثوليكية. [email protected]