يتفق المراقبون على أن قطار انفصال جنوب السودان عن الشمال انطلق بلا رجعة وأن الاستفتاء المقرر بهذا الشأن فى 9 يناير المقبل هو المحطة الرسمية لانقسام أكبر دولة أفريقية إلى شطرين، مؤكدين أن ما يهدد السودان، سواء اتحد أو انفصل هو النفط السودانى. وتحت عنوان «نفط السودان يهدد السلم قبيل الاستفتاء على انفصال الجنوب» تنقل صحيفة الجارديان البريطانية تحذيراً من اندلاع الحرب الأهلية التى دامت عقدين من الزمن من جديد مع قرب إجراء الاستفتاء على استقلال الجنوب، وتقول إن ائتلافاً من 26 منظمة إنسانية محلية ودولية حذر من أن البلاد غير مستعدة بشكل يثير القلق للتصويت لأنه لم تتم معالجة القضايا الخطيرة خاصة تلك المتعلقة بالنفط والحدود والذى كان من المقرر حلها بعد اتفاقية السلام الشامل عام 2005. وتوضح الصحيفة أن جنوب السودان يحصل على 98% من دخله من عائدات النفط بموجب تلك الاتفاقية ومع الانفصال سيكون الجنوب دولة حبيسة، محاطا باليابسة من كل جانب، فى حين أنه يعتمد بالكامل فى تصدير النفط على خط الأنابيب عبر الشمال كما أن مصانع التكرير كلها موجودة فى الشمال. وتعد أرقام عوائد النفط أحد أسباب تهديد السلام فى السودان أيضاً فقد حذرت منظمة «جلوبال ويتنس» الدولية من أن تفاوتا كبيرا بشأن الأرقام الفعلية لإنتاج النفط فى السودان قد يؤدى إلى تأجيج التوتر بين الشمال والجنوب. وقالت المنظمة، إن أرقام إنتاج النفط المعلنة من قبل شركة النفط الوطنية الصينية لعام 2009 بالنسبة للمناطق التى تعمل فيها فى ولاية أعالى النيل هى أكبر بنسبة 12% من تلك التى نشرتها الحكومة السودانية. وهذا يعنى أن هناك فارقاً فى الأرقام ب12 مليون برميل من النفط تقدر بقيمة 370 مليون دولار تكفى لإمداد مدينة فى الولاياتالمتحدة بحجم سان فرانسيسكو بالطاقة لمدة عام. ويرى بعض المراقبين فى ذلك الاختلاف شيئاً من الخداع من قبل الخرطوم ما يحمل على الاعتقاد بأن الشمال يخفى جزءاً من مبيعات النفط لتقليل حجم التحويلات إلى الجنوب، وينفى المسؤولون الشماليون هذه الادعاءات، ولكن هذا الوضع يغذى الشكوك المتبادلة بين الطرفين. وبرزت تلك الشكوك من خلال تصريحات لقادة الحركة الشعبية لتحرير السودان المتمردة السابقة فى الجنوب والمشاركة حالياً فى الحكم «بأن جنوب السودان لن يعطى الشمال جالون بنزين واحداً بعد الانفصال». ورد مسؤولون فى الشمال بأنهم لن يكونوا فى حاجة لاستيراد النفط فى حال انفصال الجنوب، معتبرين أن 30% من إجمالى النفط السودانى موجود فى الشمال وهو يكفى الاستهلاك المحلى فى حال الانفصال ولا يترك احتياجا لاستيراد هذه السلعة الحيوية. وتشير التقديرات إلى أن السودان ينتج 530 ألف برميل يوميا من النفط الخام معظمها من حقول فى الجنوب ويتم نقلها عبر أنبوب يمتد لمسافة تفوق 1610 كيلو مترات إلى موانئ التصدير المطلة على البحر الأحمر، شرق السودان. وبدأ إنتاج النفط فى السودان عام 1999 فى المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة المركزية فى الشمال قبل أن تمتد عمليات الاستخراج إلى المناطق الجنوبية، اعتباراً من عام 2006. وفى 2008، بلغ الإنتاج 480 ألف برميل يومياً (من بينها 86 ألفاً يتم استهلاكها محلياً) أما الباقى فيتم تصدير أغلبه إلى السوق الآسيوية وعلى رأسها الصين (214 ألف برميل يومياً) واليابان (102 ألف برميل يومياً). وتقع مناطق إنتاج النفط الرئيسية على الحدود بين الشمال والجنوب فى أحواض موجلاد وميلوت الجيولوجية. وتقدر احتياطيات السودان ب6 مليارات برميل وتأتى بذلك فى المرتبة الخامسة من حيث حجم الاحتياطى على المستوى الأفريقى بعد ليبيا ونيجيريا والجزائر وأنجولا. وتقوم شركات آسيوية غالبيتها من الصين باستغلال معظم حقول النفط فى السودان وتعمل فى إطار شراكة مع سودابست (الشركة الوطنية السودانية). بينما تعد شركات «سى. إن. بى. سى» الصينية و«أو. إن. جى. سى» الهندية و«بتروناس» الماليزية أهم 3 شركات نفطية فى السودان.