تعقد القوى السياسية «الكبرى» فى السودان (المؤتمر الوطنى الحاكم، وشريكه الحركة الشعبية لتحرير السودان، وأحزاب الأمة والاتحادى والشيوعى والمؤتمر الشعبى...) اليوم السبت لقاء بهدف «خلق رأى عام داعم للوحدة»، واستبدال مصطلح «الوحدة الجاذبة» الذى أقرته اتفاقية السلام 2005، بمصطلح «الخيار الطوعى» للوحدة فى جنوب السودان بحسب محمد إبراهيم نقد الأمين العام للحزب الشيوعى السودانى. وبالمثل فإن الحركة السياسية المرتبطة باستفتاء تقرير جنوب السودان المقرر إجراؤه فى يناير المقبل لم تقتصر على الداخل السودانى، فقد صدر تقرير عن مجموعة الأزمات الدولية، تحت عنوان «تجديد العهد: إعادة انخراط الضامنين فى اتفاقية السلام الشامل بالسودان»، داعيا شهود الاتفاقية الموقعة فى مدينة نيفاشا الكينية فى يناير 2005، إلى تنفيذ التزاماتهم بضمان إجراء استفتاء «حر ونزيه». ومن المعروف أن ستة دول (مصر وإيطاليا وهولندا والنرويج وبريطانيا والولاياتالمتحدة) وخمس منظمات دولية (الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقى وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبى ومنظمة ايجاد) قد وقعوا على اتفاق نيفاشا كشهود وضامنين لتنفيذه، إضافة إلى كل من رئيسى كينيا مواى كيباكى، وأوغندا يورى موسيفينى. ومن المقرر وفقا لاتفاقية السلام الشامل أن يشهد السودان استفتاءين الأول فى جنوب السودان الإقليم الأغنى فى البلاد، والآخر فى منطقة أبيى الغنية بالنفط، وهى منطقة متداخلة قبليا وعرقيا بين الأنواك أحد فروع الدينكا (القبيلة الأكبر عددا فى جنوب السودان والمسيطرة سياسيا وعسكريا) والمسيرية (قبيلة عربية بدوية)، كما ستشهد منطقتا جنوب كردفان وسط البلاد، وجنوب النيل الأزرق، ما سمته الاتفاقية «المشورة الشعبية»، وذلك لتحديد مصير المناطق الأربعة. ومن المرجح أن يسفر الاستفتاء عن تقسيم أكبر بلدان القارة الأفريقية مساحة، بين شمال السودان وجنوبه الذى سيصبح حينها أحدث دولة فى العالم من حيث تاريخ التأسيس.واشتمل التقرير الصادر بدعم من خمسة وعشرين منظمة إنسانية معنية بالشأن الإنسانى فى السودان، وقبل ست أشهر فقط على استفتاء الجنوب على عشر توصيات تدعو إلى الاعتراف الأفريقى الواضح والجماعى والعلنى، بحق الجنوبيين فى تقرير مصيرهم، كما يحث كل من جامعة الدول العربية ومنظمة إيجاد (الهيئة الحكومية للتنمية) على إعلان مماثل. وعلى الرغم من تقدير التقرير للمعونة الاقتصادية التى قدمتها عدد من الدول لجنوب السودان وشماله على حد سواء إلا أنه يدعو إلى دور سياسى لشهود الاتفاق فى هذه القضية الشائكة، يدعم إجراء استفتاء بصورة يمنع تجدد أطول حرب أهلية شهدتها القارة. ولم يفت التقرير أن يوضح سبل مساعدة السودان على ذلك، وذلك عبر ضمان إجراء استفتاء حر ونزيه، إضافة إلى المساعدة التقنية لطرفى الاتفاقية فى قضايا ترسيم الحدود وتقاسم عائدات النفط، وموقف ملايين السودانيين من الجنسية، وهى القضايا التى أسهمت فى توتر العلاقة بين شريكى الحكم. وكانت فاعليات سودانية عديدة قد دعت إلى دور أكبر لمصر فى القضايا السودانية سواء كان ذلك فى جنوب السودان أو فى مشكلة دارفور، أو فى الساحة السياسية فى شمال السودان.حيث علق عبدالرحمن الغالى الأمين السياسى لحزب الأمة على ضرورة إعادة تفعيل أدوار الضامنين، فى اتصال هاتفى مع «الشروق» بقوله «لطالما نادينا فى حزب الأمة بدور مصرى أكبر فى الشأن السودانى، كما لم نمانع من إشراك أشقائنا العرب، مستثمرين وسياسيين، وبالطبع جيراننا الأفارقة». وتابع «نعرف أن قضايا السودان الآن صارت تهم أطراف دولية عديدة على رأسها الولاياتالمتحدة وعدد من الدول الأوروبية، فلماذا لا يكون للعرب دور، متمثلا فى الدور المصرى وجامعة الدول العربية». يذكر أن شريكى حكومة الوحدة الوطنى قد عرضا خلافهما حول منطقة أبيى على لجنة تحكيم دولية، أعطت النفط لحكومة الشمال بينما جاءت المراعى من نصيب الجنوب، لكن لم ينهى هذا الحكم الخلافات بين الطرفين.