سلامة الغذاء: تسجيل 57 منتج مكمل غذائي وفحص 467 منتجًا جديدًا في أسبوع    عاجل| قرارات جديدة للرئيس السيسي 2025    الإسكان الاجتماعى يستعرض موقف تنفيذ الوحدات السكنية بمبادرة "سكن لكل المصريين"    سعر الذهب اليوم الأحد 28 سبتمبر 2025.. استقرار عيار 21 بعد آخر ارتفاع    لجنة بالكنيست تصدق على طرح مشروع قانون لإعدام أسرى فلسطينيين    هجوم روسي مكثف بطائرات مسيرة وصواريخ يستهدف غرب أوكرانيا    ألمانيا تجدد عزمها مواصلة دعم سوريا من أجل تحقيق السلام والاستقرار    "ترامب": لدينا فرصة حقيقية لتحقيق شيء عظيم بالشرق الأوسط    بمشاركة مصر..قطر تكشف موعد بيع تذاكر بطولتي كأس العرب ومونديال للناشئين    موريتو: تشافي يدخل دائرة المرشحين لقيادة اتحاد جدة    رئيس مياه المنوفية يجتمع بمديري الأفرع لمناقشة استعدادات موسم الأمطار    حبس زوج وشقيقه بعد سحل زوجته بسبب خلافات بالشرقية    أحكام بالسجن للمتهمين برشوة الجمارك الجديدة والاستيلاء على 10 ملايين جنيه    "القومي للترجمة" يحتفل ب"يوم المترجم" بمركز الإبداع الفني بحرم الأوبرا.. الثلاثاء    المائدة الرابعة لمهرجان «القاهرة للعرائس» توصي بإنشاء بنك للنصوص ورابطة لفناني الطفل    قائمة بيراميدز في رحلة رواندا    ضبط عاطل تحرش بسيدة وحاول دهسها بأكتوبر    كشف ملابسات وضع شخصين سلسلة حديدية على مكان أسفل كوبري بطريق القاهرة- الإسماعيلية الصحرواى    السيسي يوجه بمواصلة العمل نحو تدبير الاحتياجات الدولارية لتوفير مستلزمات الإنتاج وتعزيز مخزون استراتيجى من السلع    تعيين دانيال لاريا حكما لمواجهة مصر ضد غينيا بيساو في ختام تصفيات كأس العالم    إعلام إسرائيلي: الجيش يتقدم ببطء نحو معاقل حماس في غزة ويستعد للتصعيد بالضفة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 28 سبتمبر 2025 في المنيا    صحة شمال سيناء: إحالة مدير مركز الرعاية الأولية ب"عاطف السادات" للتحقيق    ممثل جامعة الدول العربية يدعو لتوحيد الجهود لمواجهة مقاومة المضادات الحيوية    وزارة الصحة تسهم فى علاج ابنك من إدمان الألعاب الإلكترونية عبر خط ساخن ومنصة    سد النهضة| مصر تحسم رسالتها: لا تفريط في قطرة من النيل.. فيديو    بعد إغلاقه سنوات.. فتح شارع حديقة الأزبكية بوسط البلد بعد تطويره.. صور    عودة برنامج التوك شو الشهير (مصر انهارده) على شاشة التليفزيون المصرى    ضبط سائق تحرش بسيدة وحاول صدمها بسيارته في أكتوبر    تنظيم معارض منصة "أيادى مصر " للحرف البيئية والمشغولات اليدوية بحديقة بلازا بأسوان    استشهاد 23 فلسطينيا بمناطق متفرقة من قطاع غزة    خبير: الزخم الدبلوماسي المصري يضع إسرائيل في "عزلة دولية"    دفعات جديدة من المساعدات تغادر الأراضي المصرية لغزة    بالصور.. عمرو دياب يتألق في حفل جديد بالأهرامات    عروض فنية.. احتفالات أسوان بيوم السياحة العالمي    ريمون مقار مؤلف «أولاد الراعي» بطولة ماجد المصري في رمضان 2026    تخريج 1291 جنديًا وخفيرًا جديدًا بمعهد تأهيل الأفراد في القاهرة    جولة ميدانية لمدير تعليم القاهرة بمدارس إدارتي غرب وشرق مدينة نصر    محافظ أسوان: تكثيف أعمال صيانة الإنارة العامة بالشوارع الحيوية    ضبط 3 أشخاص لقيامهم ببيع خطوط هواتف محمولة مُفعلة ببيانات آخرين بالموسكي    «الصحة»: انطلاق التقييم الميداني بالمنيا استعدادًا لتطبيق منظومة التأمين الشامل    علاج 2285 مواطنا بقافلة طبية بإحدى قرى الشرقية    رفعت فياض يكتب: الذكاء الاصطناعي خطر قادم.. يمكن أن يكون نعمة أو نقمة.. سيغير وجه التعليم على مستوى العالم.. لن يكون بديلا عن الإنسان إذا طور نفسه ووضع ضوابط لتقليل مخاطره    نائب رئيس جامعة طوكيو يلقي محاضرة عن دور الذكاء الاصطناعي بألسن عين شمس    الاتحاد الأوروبي: العقوبات على إيران لا تعني نهاية المسار الدبلوماسي النووي    مفاجأة في الأفق.. ليفربول يضع أعينه على صخرة بايرن ميونيخ    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الاحد 28-9-2025 في محافظة قنا    مجموعة مصر - تشيلي تخطف انتصارا مثيرا أمام نيوزلندا في الدقيقة 97 بكأس العالم للشباب    مودريتش يواجه دي بروين في اختبار ناري بين ميلان ونابولي    جامعة الجلالة تحتفل بتخريج الدفعة الثانية لعام 2025    دعاء الفجر| اللهم اشرح صدورنا وارزقنا القبول والرضا    اليوم.. محاكمة 56 متهمًا في قضية «خلية الهيكل الإداري»    "مش من حقهم".. محسن صالح يقتح النار على لاعبي الأهلي بشأن زيادة عقودهم    العد التنازلي ل144 يومًا.. موعد شهر رمضان 2026 وأول أيامه فلكيًا    "شرف الدفاع عن الأوطان".. وزارة الأوقاف تحدد عنوان خطبة الجمعة المقبلة    موعد إجازة السادس من أكتوبر 2025.. عدد أيام الإجازات الرسمية للموظفين    آذان الفجر..مواقيت الصلاة اليوم اليوم الأحد 28-9-2025 في بني سويف    عليك إعادة ترتيب حياتك.. حظ برج الدلو اليوم 28 سبتمبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السودان.. هموم ما بعد الانتخابات
نشر في المصريون يوم 10 - 05 - 2010

انْتَهت الانتخابات السودانية باكتساح المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان لمعظم الدوائر الانتخابية في المركز والولايات، وأصبحت القوى السياسية السودانية معنيَّة بقضيتين، القضية الأولى أقل أهمية، وهي أن كل فصيل سياسي يدرس وضعه على الخريطة السياسية السودانية والخيارات المتاحة أمامه على ضوء نتائج الانتخابات، أما القضية الثانية الأكثر أهمية فهي انشغال الجميع، حكومةً ومعارضةً وإعلامًا ورأيًا عامًّا، باستفتاء الجنوب على مصيره، سواء بقبول الوحدة أو اختيار الانفصال، ودراسة أفضل السبل والخيارات لجعل الوحدة جاذبة لأهل الجنوب، حتى يختاروها وينحازوا إليها في الاستفتاء المرتقب.
أما بالنسبة لتأثير الانتخابات على القوى السياسية السودانية، فإن القوتين الفائزتين، وهما المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، من المنتظر أن تعملا على تفادي الآثار المتوقعة لفوزهما، سواء من حيث امتصاص غضب المعارضة، أو أن يظلَّ كل منهما (المؤتمر والحركة) حاصلًا على دعم صاحبِه وشريكه في الحكم، أو على الأقل حيادية، في الصراعات القادمة.
حاجة شريكي الحكم لبعضهما
فدعم المؤتمر الوطني للفصائل المتمردة ضد الحركة في الجنوب أمرٌ مزعِج للحركة، كما أن دعم الحركة لنشاط المعارضة الشمالية أمرٌ مزعج ومقلِق للمؤتمر، والذي يثق بأن تحركات المعارضة الرافضة لنتائج الانتخابات لن تكون لها قيمةٌ ما لم تدعمْها الحركة الشعبية لتحرير السودان.
وربما كان من أهم نتائج الانتخابات أن المؤتمر الوطني الحاكم يُقيم نتائج الانتخابات وينظر إلى ما حققه من انتصار كبير، على أنه تفويض شعبي لإكمال مسيرته في التنمية وتطوير العمل السياسي وقيادة مكلف استفتاء الجنوب والتعامل معه.
وتأثير نتائج الانتخابات على أحزاب المعارضة، شديد وقوي، بعد أن أعلن المؤتمر الوطني أن أحزاب المعارضة فارقت الحياة منذ زمن دون أن تدرك ذلك، وربما كانت المعارضة تدرك ضعفها في الشارع السوداني، وربما هو ما قادها إلى مقاطعة الانتخابات، ثم القول بتزويرها بعد أن ظهرت النتائج، فحتى لو سلَّمنا بقول المعارضة بتزوير الانتخابات، رغم الإشراف والمراقبة الدوليين، فإن معنى ذلك أن المعارضة تنسب إلى المؤتمر الوطني الحاكم قدرات كبيرة وكفاءة وبراعة، في الضحك على الجميع وتزوير الانتخابات وسط هذه المراقبة، وإلا لماذا لم تتمكن المعارضة من ضبط هذا التزوير، وتسليمه للمراقبين، وفضح المؤتمر الوطني الحاكم.
وأزمة أحزاب المعارضة يعكسها تصويتُ الشارع السوداني لصالح البشير ورفاقه، ولو كان يدعم المعارضة ولا يريد البشير، ما توجه أصلًا إلى صناديق الانتخابات.
شهادة بعدم تزوير الانتخابات
ولعل أفضلَّ ردّ على ادعاءات المعارضة، هو ما أكده الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، وهو الذي أشرف على عملية المراقبة الدولية للانتخابات، حيث تابع عمل آلاف المراقبين الأجانب، ثم خرج ليؤكد لصحيفة "لوس أنجلوس تايمز" الأمريكية، أن (الانتخابات السودانية، رغم أنها لم تستوفِ المقاييس الدولية ولم تكن مثالية، إلا أنها كانت عملية تصويت منتظمة، استطاع الناخبون خلالها اختيار من يريدون، ورغم تسجيل عدد من الخروقات خلال الانتخابات، من بينها قلة مراكز التصويت، وعدم وجود أسماء لأشخاص كانوا سجلوا أسماءهم، وعراقيل الترجمة بين العربية والإنجليزية ولهجات قبلية، وتهديد مراقبي مركز كارتر، إلا أن أكثر هذه التهديدات كان في الجنوب).
وعلى صعيد القضية الأكثر أهمية، وهي الاستفتاء على مصير الجنوب، فإن هذه القضية هي الشغل الشاغل الآن لكل السودانيين على اختلاف انتماءاتهم، وخرجت دعوات من جهات سودانية مختلفة، تطالب بتوعية شعب الجنوب ليختار بوعي، والعمل لتمكينه من إعادة الثقة بالنفس، من أجل بناء أمة حقيقية، ومن أجل إحداث تحوُّل جذري للمجتمع السوداني.
وتنطلقُ هذه الدعوات من جعل خيار الوحدة جاذبًا، من خلال مدّ جسور الثقة بين أبناء الوطن الواحد، وتأهيل البِنَى التحتية من بناء الكباري ورصف الشوارع، وتوفير الخدمات في مناطق الجنوب.
تسويق فكر الوحدة
دور المؤتمر الوطني والحركة الشعبية (وهما شريكا الحكم) في هذه القضية الاستراتيجية هو الترويج والدعوة للوحدة الطوعية الجاذبة، عن طريق التصريحات الصادقة والأمينة كخيار سياسي واستراتيجي ومنطلق ثقافي وفكري.
وإذا كان المؤتمر الوطني الحاكم منحازًا للوحدة قلبًا وقالبًا ولا يريد الانفصال بحال من الأحوال، فإن الحركة الشعبية عليها أن تؤكد للجميع انحيازَها لخيار الوحدة، وتكون البداية عن طريق تحويل الحكم في الجنوب إلى حكم مدني، بإبعاد الجيش الشعبي لقواعده، وتأسيس حياة مدنية فعلية من شرطة تقوم بدورها، وجهاز أمن يقوم بالدفاع عن حياة المواطنين، وقيام حياة مدنية تؤسِّس لأهل الجنوب أرضية يتمكنون من خلالها من اتخاذ القرار الصائب، والذي يريد السودانيون جميعًا أن يكون هو قرار الوحدة.
وعلى الحركة الشعبية أن تبتعد عن التصريحات التي تصدرها بين كل فترة وأخرى، والتي تتحدث فيها عن انتهاج خيار الانفصال، وهو ابتعاد يجب أن يبعدهم عن الانفعال والتكتيك، لتصبح قضية الوحدة قضية استراتيجية في المواقف الرسمية للحركة.
وهكذا، فإن تخفيف الاحتقان السياسي العام والتوتر في علاقة الشريكين، يمكن أن يلعب دورًا كبيرًا في دعم خيار الوحدة، كما أن تسيير قوافل تنموية وتعليمية وصحية لجنوب السودان قد يؤثر في الرأي العام هناك، خاصةً وأن الإجازة الصيفية على الأبواب وهناك قابلية لاستغلال طاقات الطلاب وموظفي الدولة والطواقم المهنيَّة للقوات النظامية في خدمة هذه القضية الكبيرة، مع تشجيع كافة المواطنين للمساهمة في هذا الجهد الجبار.
وقد كشف الحزب الديمقراطي المتحد عن تشكيل لجان لدعم الوحدة عبر الاستفتاء لتقرير المصير لشعب الجنوب على مستوى السودان لتهيئة الرأي العام بأهمية الوحدة، انطلاقًا من أن التحدي القادم للسودان هو تحقيق الوحدة، وتقول قيادة الحزب إنها تعمل بكامل طاقتها لتحقيق تلك الغاية، كاشفةً عن تشكيل لجان عمل ميدانية مهمتها الطواف على كافة ولايات السودان للتبشير بالوحدة.
ويقول الحزب: إن اللجان ستباشر عملَها بداخل وخارج السودان في الأيام المقبلة من خلال انتشارها والتصاقها بالجماهير، معتبرًا أن (70%) من الجنوبيين يؤيدون الوحدة.
الفيدرالية.. هل تكون حلًّا؟
وإذا كان الحديث عن الوحدة الجاذبة في هذه المرحلة قد أصبح متأخرًا جدًّا، كما تقول أطراف سودانية عديدة، فإنه كان من المفترض أن يبدأ العمل على جعل خيار الوحدة جاذبًا منذ وقت مبكر منذ بداية تنفيذ اتفاقية السلام، بل وحتى من قبل ذلك، إلا أن هناك من السودانيين من يتحدث الآن عن أنه إذا فشل خيار الوحدة، خاصةً وأن الحركة الشعبية تعمل ضده على طول الخط، وأصبح الانفصال هو الموقف الرسمي على لسان رئيس حكومة الحكم الذاتي سلفاكير، حين دعا أهل الجنوب علنًا إلى الأخذ بخيار انفصال الجنوب عن الشمال إذا أرادوا ألا يعيشوا "كمواطنين من الدرجة الثانية" في سودان موحَّد، فإن خيار "الفيدرالية" يصبح هو الخيار الأفضل، خاصةً وأن دولًا عديدة في العالم تعتمد نظام الفيدرالية، وبنجاح سياسي كبير، من أشهرها: الولايات المتحدة، الاتحاد الروسي، البرازيل، الهند، ماليزيا، سويسرا، ألمانيا، جنوب إفريقيا... إلخ، وعربيًّا فإن تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة تجربة فيدرالية ناجحة.
ويرى السياسيون والمثقفون السودانيون الذين يتحدثون عن الفيدرالية كخيار منقذ من كابوس الانفصال، أن الفيدرالية صيغة الضرورة لبلدان، إما مترامية الأطراف في مساحتها، وإما لأخرى شعبها يتألف من مكونات عرقية ودينية وعقدية عدة، وإما لضرورات الاقتصاد، وتضاؤل عدد السكان، مثل واقع حال الإمارات تحديدًا، حيث مثَّل النظام الفيدرالي الاتحادي قوةً لها ومنعة، وعزّز من هويتها العربية أكثر، وقضى على إمكانية أن تتنافس كلُّ إمارة مع نظيراتها مثلًا، إلا على الازدهار والتحديث والتنمية المستدامة.
ويبقى الأمل في القيادات الجنوبية الوحدوية، وفي أن الجنوب أصبح فيها اختلاف في الرؤى والمواقف، فهناك مخاوف من أن يؤدي الانفصال إلى فوضى في الجنوب، وربما تنازع وتقاتل وتنافس على السلطة والثروة، وعدم القدرة على إدارة الدولة الجديدة المترامية الأطراف، وعدم قدرة حكومتها على توفير أي مستقبل مريح لشعب الجنوب.
وربما يكون الإنقاذ في جهود وسطاء الخير، والمصالح الدولية المتنافسة؛ التي يمكن أن تضمن شكلًا فيدراليًّا أو كونفيدراليًّا، تتدفق عليه الاستثمارات العربية، وتتواجد فيه مصر بشكل قوي، خاصةً وأن مصر أصبحت خائفة من أن تنضمَّ الدولة الوليدة إلى دول حوض النيل المتحالفة ضد مصالح مصر والسودان.
المصدر: الاسلام اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.