بقلم : رفعت فياض [email protected] تبدأ غدا أهم وأخطر انتخابات في تاريخ السودان حيث ستهيئ النتائج التي ستأتي بها هذه الانتخابات لتاريخ جديد سيتم كتابته لهذا البلد قد يغير من معالمه تماما.. فربما لا يكون فيه السودان بعد ذلك بلدا واحدا بل دولتين واحدة في الشمال وأخري في الجنوب، وربما تتجاوز الاثنتان إلي ما هو أخطر إذا تنامت ظاهرة الانقسام والانفصال في أجزاء أخري خاصة منطقة دارفور بغرب السودان.. وتشهد البلاد حاليا في ظل هذه الانتخابات الرئاسية والتشريعية وانتخابات حكام الولايات وهي أول انتخابات تعددية تجري في السودان منذ 24 عاما تشهد حراكا متسارعا ومتصارعا، تتداخل أطرافه ابتعادا واقترابا، تغيب فيه المرجعيات الوطنية، وتدخل فيه القبلية، والإثنية، والجهوية، مع وفرة في السلاح، وسعة في التدريب، وطاقة علي التدمير خاصة في منطقة دارفور وجنوب السودان يغذيها قدر غير قليل من الاحتقان السياسي، وحضور كثيف لقوي دولية وإقليمية، وشجار لا ينطفئ أواره بين من يفترض فيهم أن يكونوا أهل الحل والعقد من قادة القوي السياسية. وأخشي أن يموت الأمل في التحول الديمقراطي قبل أن يعلن أي مهزوم رجاحة فوزه. أقول هذا بعد أن علا صوت المعارضة السودانية حاليا قبل إجراء هذه الانتخابات وإنسحاب بعضها وفي مقدمتهم حزب الأمة ومعهم حزب الحركة الشعبية لتحرير السودان الذي كان شريكا في الحكم لحزب المؤتمر الوطني »حزب الرئيس البشير« لأنهم يرون ان الرئيس السوداني عمر البشير قد زور الانتخابات قبل أن تبدأ.. ومع أن البشير يؤكد أنه ليس في حاجة إلي تزوير الانتخابات لأنه متيقن بأن حزبه سيكون هو الفائز وأن المعارضة تفعل ذلك بعد أن اكتشفت ضعفها في الشارع السوداني لكن الكثيرين يرون أن سحب الحركة الشعبية لتحرير السودان مرشحها للانتخابات الرئاسية ياسر عرمان سيؤثر بلا شك علي مستقبل عملية السلام في جنوب السودان وعلي مصير استفتاء الجنوب المقرر إجراؤه مطلع العام المقبل وفقا لاتفاقية السلام التي وقعتها الحكومة السودانية مع الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ خمس سنوات في نفاشا بنيجيريا. ويري الكثيرون أيضا أن الحكومة التي ستنبثق من الانتخابات المقبلة ستكون أمامها صعوبات لا حصر لها لأنها لن تجد القبول من الحركة الشعبية مما قد يؤدي إلي مشاكل ومواجهات بين حزب المؤتمر الوطني برئاسة البشير وحزب الحركة الشعبية لتحرير السودان أكثر بكثير مما حدث في الفترة السابقة خاصة بعد أن هاجم سلفا كير رئيس حكومة جنوب السودان حكومة الخرطوم برئاسة عمر البشير قبل أيام من إجراء هذه الانتخابات لأنها ترجئ ترسيم الحدود بين شمال وجنوب البلاد في محاولة للاحتفاظ بالسيطرة علي احتياطيات النفط، وقال كير أمام ناخبين في اجتماع حاشد في ولاية البحيرات التي تقع في جنوب البلاد أن السبب وراء عدم ترسيم الحدود أن هناك نفطا، الشماليون يرغبون في الاستحواذ عليه.. ويرغبون أيضا في الاستحواذ علي الأرض الزراعية لتملكها حتي تصبح أرضهم". وأشعلت احتياطيات محتملة من النفط في السودان تقدر بنحو 500 ألف برميل يوميا، تستخرج من حقول يقع معظمها في الجنوب حربا أهلية استمرت 22 عاما بين الحركة الشعبية لتحرير السودان وحزب المؤتمر الوطني، انتهت باتفاق سلام في عام 2005 وبموجب الاتفاق يحصل جنوب السودان علي نحو 05٪ من إيرادات النفط الحكومية من الحقول الواقعة في الجنوب، لكن توزيع الإيرادات الذي يفتقر للشفافية أثار المزيد من الخلافات.. ويقول محللون إن الفشل في حل قضية الحدود بين الشمال والجنوب، قد يجدد النزاع إذا لم تجر تسوية المشكلة قبل إجراء استفتاء في أكبر دولة في إفريقيا وهي السودان في يناير 2011 علي استقلال الجنوب. وعلي الجانب الآخر بدأ ملف دارفور يعود مرة أخري إلي الظهور بشدة قبل هذه الانتخابات وبدأ يلقي بثقله علي الحالة السياسية في البلاد خاصة عندما وجه الإتحاد الأوربي هو الآخر صفعة للانتخابات السودانية بعد تأكيده أنه سيسحب مراقبي الانتخابات التابعين له من منطقة دارفور مشيرا إلي أن الخوف علي سلامتهم يعوق عملهم،اذا قررت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات السودانية سحب مراقبيها من إقليم دارفور المضطرب غرب السودان. ولذلك فقد ألقت مشكلة دارفور بظلالها علي الانتخابات وأعطت شرعية لأي طرف يقول انه لا يريد المشاركة في الانتخابات.. فأين يتجه السودان في الساعات والأيام القليلة القادمة؟ لننتظر ونتابع مفاجآتها.. ونتائج الإتتخابات فيها.. وشكل السودان الجديد الذي سيتشكل بناء علي هذه النتائج.