شهدت مصر خلال الأيام القليلة الماضية، إصدار مجموعة من القرارات والقوانين الخاصة بإجراء المزيد من الإصلاحات الإقتصادية للتصدي لزيادة العجز الكلي للموازنة الذي حقق خلال عام 2013/2014 نسبة 13.7% من إجمالي الناتج القومي. وعليه قد أصدرت الحكومة المصرية مع بدء تولي رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، مهامه وبالتزامن مع بداية العام المالي الجاري، مجموعة من التشريعات بهدف تقليص العجز الكلي للموازنة خلال العام المالي 2014/2015 لنحو 12% من الناتج المحلي.
وتضنمت تلك التشريعات فرض ضريبة أرباح رأسمالية وضريبة توزيعات نقدية على تعاملات سوق المال، وقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 44 لسنة 2014 لإقرار ضريبة مؤقتة لمدة ثلاث سنوات بنسبة 5% على الدخول والأرباح أعلى من 1 مليون جنيه ، وكذلك إعداد مجموعة تعديلات تشريعية أخرى فى قانون الضريبة على الدخل تهدف لتوسيع القاعدة الضريبية وعدالتها وزيادة موارد الدولة.
الحد الأقصي
أصدر رئيس الجمهورية قراراً، يوم الخميس الماضي، بشأن وضع حد أقصى للأجور، بحيث يكون صافي الدخل الذي يتقاضاه العاملون بالجهاز الإداري للدولة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والهيئات الاقتصادية والأجهزة الخدمية، لا يجوز أن يزيد على خمسة وثلاثين مثل الحد الأدني وبما لا يجاوز 42 ألف جنيه، على أن يتم تطبيق ذلك القانون بداية من يوليو الجاري.
وتضمن قرارا رئيس الجمهورية بمشروع القانون استثناءات على العاملين بهيئات التمثيل الدبلوماسي والقنصلي والتجاري وغيرهم ممن يمثلون جمهورية مصر العربية أثناء مدة عملهم في الخارج.
ومن جانبه أكد المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، أن قرار رئيس الجمهورية المشير عبدالفتاح السيسيى بتطبيق الحد الاقصى للأجور على كافة مؤسسات الدولة بدءاً من الشهر الجارى، سوف يخضع لرقابة الجهاز المركزى للمحاسباتواصفاً قرار رئيس الجمهورية بالجريء والقوي وجاء لمحاربة الفساد والقضاء على تفاوت الأجور.
كانت قد تواردت أنباء عن رفض بعض الهيئات وقطاعات الأعمال تطبيق قرار الحد الاقصى للأجور على رأسهم وزارة الاتصالات، حسب ما ذكرت بعض الصحف المحلية.
وعلى نفس النسق صرح المهندس عاطف حلمي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، في بيان له اليوم الأحد ، بأن تفعيل قانون الحد الأقصى للأجور خطوة هامة في طريق الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي ويسهم بشكل كبير في تحقيق العدالة الاجتماعية بين العاملين من خلال الحد من التفاوت في معدلات الدخول بين الموظفين مؤكداً على التزام الوزارة بتطبيق القانون بداية من يوليو الجاري.
من جانبه أكد أشرف العربي وزير التخطيط، - في تصريحات صحفية - أنه سيتم محاسبة من يحصل على أكثر من 42 ألف جنيه، وأنه لا استثناءات فى التطبيق حتى ولو رحلت بعض الكفاءات.
ضرائب البورصة
تهدف ضريبة الأرباح الرأسمالية وضريبة التوزيعات النقدية إلى تخضيع صافى الأرباح السنوية المحققة عن ناتج التعامل على الأوراق المقيدة بالبورصة المصرية وكذلك توزيعات الأرباح، إلى تحصيل ضريبة بنسبنة 10% من صافي الأرباح، ويصاحبها فى ذات الوقت إلغاء لضريبة الدمغة واحد فى الألف على التعاملات بالبورصة.
وهزت تسريبات وزراة المالية خلال دراسة مشروع الضريبية تعاملات البورصة المصرية، وتأثرت بعض الجلسات سلباً، إلا أن الحكومة المصرية راهنت على استيعاب السوق للضريبة، ومع أول يوم تطبيق لضريبة الأرباح الرأسمالية وضريبة التوزيعات، ربحت المصرية نحو 2 مليار جنيه متلافية الأثر السلبي للضريبة.
ضريبة الأغنياء
ويعد تشريع قانون يلزم من تزيد دخولهم عن مليون جنيه بسداد ضريبة مؤقتة بنسبة 5% لمدة ثلاث سنوات، بمثابة أحد مصادر زيادة موارد الدولة خلال مرحلة الإصلاح الإقتصادي التي تشهدها مصر، وأثار تلك الضريبة اللغط حول تطبيقها في اشارة إلى أن مثل تلك التشريعات تميل إلى النزعة الإشتراكية ومحاولات الأخذ من الأغنياء لصالح الفقراء.
ومن جانبه قال الدكتور مصطفى عبد القادر رئيس مصلحة الضرائب أن ضريبة ال 5% الإضافية ( والمؤقتة ) على دخول الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين التى تزيد على المليون جنيه سنويا والمعروفة إعلاميا باسم "ضريبة الأغنياء" تسدد فى الأصل نقداً وليس عيناً، مع إقرار يناير 2015.
وأضاف عبد القادر فى بيان له، اليوم الخميس الماضي، أن قرار رئيس الجمهورية أجاز للممول طلب استخدام مبلغ ضريبة ال 5% الإضافية فى تمويل مشروع خدمى أو أكثر من المشروعات ذات المنفعة العامة التى ستدرج فى قائمة تصدر بقرار من وزير المالية بعد التنسيق مع وزير التخطيط فى مجالات التعليم أو الصحة أو الإسكان أو البنية التحتية أو غيرها من المجالات الخدمية الأخرى.
إصلاح المنظومة
من جانبه طالب الدكتور علي لطفي رئيس الوزراء الأسبق والخبير الإقتصادي، حكومة المهندس ابراهيم محلب بضرورة مراجعة سبل الإنفاق الحكومي وترشيده من خلال اعادة النظر في عدد الهيئات والقنصليات الخارجية لتمثيل مصر، وترشيد الانفاق الحكومي الداخلي أيضاً لبعض الوزارات والهيئات الحكومية.
وأشار لطفي إلى ضرورة أن تكون هناك خطة شاملة لإصلاح المنظومة الاقتصادية بشكل كلي وليس جزئي، لافتاً إلى ضرورة تقليص عجز الموازنة والدين الداخلي للدولة بالتزامن مع تعويض محدودي الدخل جراء تلك الإصلاحات.