قرارات مصيرية تمس حياة الملايين من المواطنين تلك التى أصدرها رئيس الجمهورية وجاءت مصاحبة لارتفاع أسعار البنزين والسولار، البعض اعتبرها خطوة فى طريق إنقاذ الاقتصاد، والبعض الآخر يرى أنها إحدى وسائل سد عجز الموازنة وزيادة الموارد، وآخرون اعتبروها من جملة القرارات التى صدرت أزمات. التشريعات التى أصدرها الرئيس عبد الفتاح السيسى تضمنت قرارًا بقانون بتعديل بعض أحكام قانون التمويل العقارى، وقرارًا بقانون بزيادة الضرائب على السجائر والكحوليات وقرارا بقانون بتطبيق الحد الأقصى للأجور وجاءت جميهعا متعلقة بالجانب المادى. أما التعديلات التى أجريت على قانون المرور فقد نصت على أن يعاقب بغرامة لاتقل عن 500 جنيه ولاتزيد على 1500 جنيه كل قائد مركبة تسبب فى تلويث الطريق بإلقاء الفضلات والمخلفات، ومضاعفة العقوبة فى حالة تكرار المخالفة فى أقل من 3 شهور. ويعاقب بالحبس لمدة لا تزيد على 6 أشهر وبغرامة لاتقل عن ألف جنيه ولاتزيد على ألفى جنيه أو بإحدى العقوبتين كل من قاد مركبة دون الحصول على رخصة و يعاقب بغرامة لاتقل عن 500 جنيه ولاتزيد على ألف جنيه كل من أضاف ملصقات أو معلقات أو وضع أى كتابة أو رسم أو أى من رموز أو أى بيانات أخرى غير تلك الواجبة بحكم القانون واللوائح على جسم المركبة أو أى جزء من أجزائها أو لوحاتها المعدنية. فى حين نص قانون الحد الأقصى للأجور للعاملين بأجر بأجهزة الدولة، أن يكون الحد الأقصى لما يتقاضاه أى عامل من العاملين فى الحكومة ووحدات الإدارة المحلية والهيئات العامة والقومية الخدمية والاقتصادية وغيرها من الاشخاص الاخبارية العامة والعاملين بقوانين وكادرات خاصة هو مبلغ اثنين وأربعين ألف جنيه شهريًا وهو ما يمثل خمسة وثلاثين ضعفًا من الحد الأدنى ألف ومائتى جنيه وأكد قانون التمويل العقارى على التزام الدولة بتوفير المساكن الاقتصادية لذوى الدخول المحدودة، فضلاً عن إيجاد منظومة قانونية سليمة لتكون منظومة التمويل العقارى التى تنظم امتلاك الأفراد مساكن ملائمة ومناسبة لإمكاناتهم المادية والمالية المتوافرة، فيما تم تعديل بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات، وتضمنت التعديلات ارتفاع أسعار السجائر بقيمة تتراوح مابين 175 قرشًا إلى 275 قرشًا، وكذلك الكحوليات. وقد تباينت ردود الأفعال تجاه هذه القرارات الجديدة، حيث ذكر تقرير لمركز بحوث السوق التابع لشركة «بولتون» أنه تم إقرار الموازنة المعدلة للعام المالى 2014/2015 من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسى والتى تستهدف عجزًا فى الموازنة بنسبة 10% من الناتج المحلى الإجمالى بعد أن كان فى الموازنة المبدئية فى حدود 12% كنسبة من الناتج المحلى الإجمالى، وأضاف التقرير أن ذلك المستوى الجديد المستهدف للعجز متماش أكثر مع توقعاتنا للعجز عند 10.5 - 11%، كما وصل عجز الموازنة إلى 12% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام المالى 2013/2014 قريب من توقعاتنا عند 11.6%، وتم توفير 50 مليار جنيه من الموازنة المبدئية التى رفضها الرئيس السيسى وجاء ذلك من خلال زيادة الإيرادات بقيمة 30 مليار جنيه وزيادة توفير النفقات بقيمة 20 مليار جنيه، بصورة مبدئية نتيجة زيادة الضرائب وخفض الدعم ومن المقدر أن تصل الإيرادات فى موازنة العام المالى 2014/2015 حوالى 549 مليار جنيه بزيادة 30 مليار جنيه على الموازنة المبدئية التى تم رفضها، وتلك الزيادة تأتى فى الأساس نتيجة الإصلاحات الضريبية، مع الأخذ فى الاعتبار أن المنح المقدرة فى الموازنة قليلة نسبيًا مقارنة بالعام السابق وتتضمن فقط المنح البترولية المتوقع الحصول عليها خلال شهر أغسطس 2014، والزيادات فى الإصلاحات الضريبية فى الموازنة التى تم اقرارها تتضمن زيادة مؤقتة بنسبة 5% على الدخل الشخصى الذى يتعدى المليون جنيه سنويًا، على أن يرتفع معدل الضريبة على الدخل من 25% إلى 30% على الدخل الشخصى لمدة ثلاث سنوات حتى عام 2017، تمت الموافقة على القانون بالفعل ومن المتوقع أن يضيف 2 - 3 مليارت جنيه للإيرادات، ذلك التعديل تضمنه فى الموازنة المرفوضة، وأصحاب حقوق الملكية الفكرية سيخضعون للضريبة على الدخل الناتجة عن بيع وإدارة حقوقهم سواء فى مصر أو الخارج، وتم إقرار ذلك التعديل من قبل الرئيس. كما أن تطبيق نسبة 10% ضريبة على الأرباح الرأسمالية على صافى الأرباح المحققة فى نهاية العام، إضافة إلى 10% ضريبة على التوزيعات النقدية على الاستثمارات قصيرة المدى و5% ضريبة على التوزيعات النقدية للاستثمار طويلة المدى، قام الرئيس بإقرار ذلك التعديل فى الضريبة ومن المتوقع أن يضيف 3 مليارات جنيه إلى الإيرادات، وإلغاء 0.1% ضريبة الدمغة والتى تم اقرارها من قبل الرئيس وإقرار الضريبة العقارية بنسبة 10% على القيمة الإيجارية للعقار سواء السكنى أو التجارى أو الصناعى بعد خصم 30% و32% لأعمال الصيانة على المنشآت السكنية والصناعية ومن المتوقع أن يضيف 3 مليارات إلى الإيرادات. معالجة الاختلال المالى وترى د. ماجدة شلبى رئيس قسم الاقتصاد بجامعة بنها أن التشريعات الاقتصادية التى اتخذها الرئيس عبد الفتاح السيسى جاءت بسبب الاختلال المالى الهيكلى القائم فى الموازنة الجديدة. مشيرة إلى أن العجز السنوى المتزايد الذى وصل إلى 14% من الناتج المحلى والذى يخالف كافة الاتفاقيات الدولية مثل ميثاق الاستقرار والنمو الخاص بالاتحاد الأوروبى والذى يفترض ألا يزيد عجز الموازنة على 3% من الناتج المحلى الاجمالى وللأسف بلغ عجز الموازنة هذا العام 14% لافتة إلى أن هذا يعد مؤشرًا خطيرًا فى الموازنة وما يترتب عليه فى تراكم للدين المحلى. وأضافت شلبى أن الحكومات المتعاقبة اعتادت على طرح أذون الخزانة سواء قصيرة أو طويلة الأجل أو الاكتتاب على أوراق الدين الحكومى والتى تعتبر من أكثر الطرق أو الحلول التى تلجأ إليها الحكومة لسد عجز الموازنة موضحة أن البنوك تتجه للاستثمار فى تلك الأوراق بجانب الحكومة، مضيفة أن هذه الطريقة أثبتت فشلها على مدار السنوات الماضية فى سد العجز. وأوضحت رئيس قسم الاقتصاد بجامعة بنها أن الآثار المترتبة على عجز الموازنة تشكل خطورة بالغة على الأجيال المقبلة لذلك أصدر الرئيس السيسى هذه التشريعات الاقتصادية للخروج من الأزمة الاقتصادية الحادة بعد أن اقترب عجز الموازنة بالإضافة إلى فؤائد الديون والدين الخارجى الذى وصل إلى 2.1 تريليون جنيه إلى أن يصل إلى 73% فى الناتج المحلى الإجمالى. وتابعت شلبى أن أكبر البنود التى تسبب هذا العجز الدعم والمزايا الاجتماعية فعلى سبيل المثال أن الاتفاق الحكومى يستقطع 34% من الموازنة و23% فوائد الديون وأذونات الخزانة فضلاً عن 25% من أجور ومرتبات وبذلك يصل مجموع هذه الاستقطاعات إلى 81% فى الموازنة وبالتالى يصبح السؤال.. أين الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمى والاسثمار العام الحكومى. موضحة أن هذه البنود هى أهم عوامل نهضة أى دولة. وأكدت شلبى أن الرئيس السيسى يسير بخطوات ثابتة ومنطقية، مشددة على ضرورة أن يقف الشعب المصرى بجوار الرئيس لتجاوز هذه المحنة فى ظل المخططات الدولية التى تحاك ضد مصر لإفشالها وإسقاطها فضلاً عن أن أمريكا أعطت أوامر إلى جميع الدول بعدم مساعدة مصر فى أزمتها الاقتصادية. وطالبت الشعب المصرى بأن يكون إيجابيًا ويعمل على ترشيد الانفاق وبالتالى يزداد الانتاج والصادرات. إنقاذ الاقتصاد ويرى د. عبد الغفار شكر رئيس الحزب الشعبى الاشتراكى. ونائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان أنه كان من الضرورى اتخاذ هذه القرارات لإنقاذ الاقتصاد مشددًا فى الوقت نفسه على ألا تؤثر هذه القرارات على الفقراء. وطالب شكر الحكومة بالقيام بدورها فى التصدى للآثار الجانبية المترتبة على تطبيق هذه القرارات. كما شدد على مواجهة أى محاولات لاستغلال الشعب فى حالة زيادة أسعار السلع الزراعية والغذائية والمواصلات من قبل بعض التجار وأصحاب المصالح فى زيادة الأسعار. وأضاف شكر أن مشكلة مصر لن يتم حلها إلا من خلال خطة تنمية اقتصادية شاملة مثل المشروعات الصغيرة واستصلاح الأراضى وإقامة المشروعات الصناعية الكبرى. دعم الأثرياء فى المقابل هاجم الشيخ عبد الحليم الجمال نائب رئيس اللجنة الاقتصادية والمالية بمجلس الشورى السابق القرارات الأخيرة بزيادة أسعار البنزين والسولار والسجائر والخمور والقوانين المتعلقة بالمرور والتمويل العقارى، مؤكدًا أنه ليس هناك فرق بين الدعم وهيكلة الدعم، مشيرًا إلى أن الحكومة لاتضع فى اعتبارها من يستحق الدعم ومن لا يستحق، موضحًا أن إعادة الهيكلة التى أعلنت عنها الحكومة مؤخرًا ساوت بين الفقراء والأغنياء فى الدعم، مشيرًا إلى أن الأثرياء يستفيدون من الدعم أكثر فى الفقراء.