في أحدث رسالة أو بيان أو توجيه للتحالف قبل شهر رمضان بعنوان "عمروا المساجد واملأوا الشوارع" مع دعوة صريحة للنزول للتظاهر في الشارع فيه لإسقاط حكم العسكر. تعجبت كثيرا ً للبيان وفكرته قائلا ً لنفسي"إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ".. هكذا سيضيع شهر رمضان لأن هذا السيناريو يعني أن المساجد ستكون ساحة للجدال والحشد السياسي.. وهذا ستقابله الحكومة طبعا بطيش أكثر منه إذ قد تمنع بعض المساجد التابعة للجماعات السياسية من الاعتكاف وغيره خشية من التظاهر. وقد يؤدي التظاهر في هذا الشهر إلى قتلى وجرحى من المتظاهرين أو الأهالي أو الشرطة أو قطع الطريق أو حرق ممتلكات عامة أو خاصة.. فنفسد على أنفسنا صفاء ونقاء وسكينة وروحانية هذا الشهر العظيم الذي ننتظره بفارغ الصبر لنصمت فيه عن كل ما يفسد مودتنا.. ونتوقف عن صراعاتنا السياسية ونهجر خصوماتها المقززة.. وهل يتحمل شهر رمضان المهاترات السياسية وتلاسنه البغيض غير العفيف. وهل تتحمل المساجد اشتباك الليبرالي مع الاشتراكي أو السلفي مع الإخواني أو كذا مع كذا؟ يا قوم.. يا أهل مصر.. يا حكومة.. يا تحالف الشرعية .. أيها الإخوان .. يا أهل الإسلام.. يا كل العقلاء.. بالله عليكم لا تفسدوا علينا شهر رمضان هذا.. دعوه يمر بسلام ووئام هو وعيد الفطر.. ثم فكروا بعد ذلك في الاشتباك السياسي مرة أخرى إن كان ولابد من ذلك. اتركوا لنا ولعوام المسلمين والبسطاء هذا الشهر لكي نعيشه في سلام.. نريده شهرا ً بلا دماء ولا أحقاد ولا ضغائن ولا نقاشات سياسية فارغة عديمة الجدوى مل الجميع من تكرارها. اتركوا الجميع يلتقط أنفاسه ويعود إلي هدوئه وصوابه لعل القلوب تلين ولعل النفوس تصفو فتتحاب. نريد للحكومة أن تشعر أن الإسلاميين يقدمون مصلحة الهداية والصلاح والعبادة في رمضان على الصراع السياسي معها أو استغلال الشهر لإرهاقها واستدراجها إلي معارك جانبية. ونريد من الحكومة أن تعطي درسا ً للتحالف والإسلاميين أنها تريد تأمين مصر ولا تريد أذاهم أو جرجرتهم إلي السجون أو حشرهم في الزنازين أو منعهم من طاعاتهم وعباداتهم. نريد من الإسلاميين أن يثبتوا أنهم يقدمون الدعوة إلي الله على الدعوة للحزب أو الفصيل أو الجماعة أو الدعوة لحرب الحكومة وكراهيتها وخصامها. § ونريد من الحكومة بأن تقلد كل ملوك مصر قديما ً وحديثا ً الذين كانوا يصدرون عفوا كبيرا ً عن السجناء السياسيين في رمضان.. وحتى بعد إطلاق المبادرة كانت الشرطة تطلق أكبر دفعة إفراج عن المعتقلين في شهر رمضان .. فيكتسي رمضان بفرحة الطاعة والعبادة وفرحة الفرج والسعة. نريد من الطرفين أن يثبت كل منهما للآخر أن حقن الدماء أعظم وأغلى عنده من أي نصر سياسي يحرزه على الآخر. ويؤسفني أن العرب قبل الإسلام كانوا يوقفون القتال بينهم في الأشهر الحرم.. وكان العربي إذا لقي قاتل أبيه في الكعبة فلا يتعرض له تعظيما ً للمكان والزمان. أفلا يمكن أن نتوقف جميعا عن الصراع السياسي في رمضان فنوقف وصلات الردح الإعلامي مظاهرات الشوارع من الإخوان وطلقات الخرطوش والقبض من الشرطة.. وكذلك قنوت الفجر بالويل والثبور وعظائم الأمور على الحكومة وأتباعها وأشياعها.. لأنه يخالف هدي النبي rالرحيم الذي رفض أن يدعو على ثقيف بل دعا لهم "اللهم اهد ثقيفا ً".. ورفض أن يدعو على دوس ودعا لهم ورفض أن يدعو على قريش ودعا لهم. جربوا التوقف في رمضان جربوا الحكمة فيه.. جربوا التغافر والتصالح فيه.. جربوا أن يترك كل فريق ما يعلم يقينا داخله أنه خطأ وباطل.. جربوا ألا يكيد بعضكم لبعض.. وليعزم وليقسم كل واحد منا بينه وبين نفسه ومع ربه ألا يريق دم الآخر.. أو يكون سببا ً في إراقته.. أو ساعيا ً فيها.. أو طرفا ً فيه. وتذكروا جميعا ً قولة ابن عمر"ما يزال المؤمن في فسحة من دينه مالم يصب دما ً حراما ً" لقد أسفت لبيان وتوجيه التحالف إذ ربط بين "عمروا المساجد" وسقوط حكم العسكر . يا عم الشيخ قل عمروا المساجد حتى يرضى الله عنا.. ويغفر لنا جميعا ً.. وتنهض مصر من كبوتها.. ويشفي المريض ويعود الغريب سالما.. ويتصالح المتخاصمون.. ويحيا الناس سعداء "عمروا المساجد" ليجمع الله الشمل ويحقن الدم ويرفع الإصر ويزيل القيد من القلب والعقل واليد. "عمروا المساجد".. ولا داعي للتظاهر في هذا الشهر بالذات.. فتراق الدماء وتحرق البلاد وييأس العباد ويطفش الصالحون ويسجن الأبرياء ويهرب المحرضون من الجانبين. لا داعي للتظاهر في هذا الشهر الكريم حتى لا نعيد مآسي كدنا ننساها بصعوبة وحتى لا يقف هذا خطيبا ً يوم 17 رمضان فيقول هذا يوم الفرقان سيسقط الانقلاب اليوم.. ثم لا نرى إلا دعوة الإسلام قد ضاعت وشباب المسلمين قد سجنوا.. وأبرياء الشرطة والجيش والعوام والإسلاميين قد سقطوا قتلى.. ونرى التفجيرات قد عادت .. والاغتيالات والتكفير قد نشط. وهل يوم الفرقان سيكون على أهلنا وقومنا وشعبنا وجيشنا وإخواننا؟.. وهل فتح مكة نضعه كذلك في غير موضعه.. فتثور العواطف بغير حق ويظن الشباب الغض الطري أنه في موضع الرسول الفاتح الأعظم وأن الحكم سيسقط اليوم أو غدا ً وما هو إلا صبر ساعة ثم يتبين له أنه كان يرى سرابا ً بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً يا قوم اجلوا صراعاتكم شهرا ً واحدا ً لعله يغريكم بالاستمرار في السلام والوئام.. وإذا كان الحكم سيسقط في أيدي التحالف كما تقولون فليسقط بعد رمضان.. اصبروا شهرا ً فلا ضير من ذلك.. المهم أن ينقضي شهر رمضان بسلام.