■ فى أحدث رسالة أو بيان أو توجيه للتحالف قبل شهر رمضان بعنوان «عمروا المساجد واملأوا الشوارع»، مع دعوة صريحة للنزول للتظاهر فى الشارع فيه لإسقاط حكم العسكر. ■ تعجبت كثيراً للبيان وفكرته قائلاً لنفسى: «إِنَّا لِلهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ».. هكذا سيضيع شهر رمضان، لأن هذا السيناريو يعنى أن المساجد ستكون ساحة للجدال والحشد السياسى.. وهذا ستقابله الحكومة طبعاً بطيش أكثر منه، إذ قد تمنع بعض المساجد التابعة للجماعات السياسية من الاعتكاف وغيره خشية من التظاهر. ■ وقد يؤدى التظاهر فى هذا الشهر إلى قتلى وجرحى من المتظاهرين أو الأهالى أو الشرطة أو قطع الطريق أو حرق ممتلكات عامة أو خاصة.. فنفسد على أنفسنا صفاء ونقاء وسكينة وروحانية هذا الشهر العظيم الذى ننتظره بفارغ الصبر لنصمت فيه عن كل ما يفسد مودتنا.. ونتوقف عن صراعاتنا السياسية ونهجر خصوماتها المقززة.. وهل يتحمل شهر رمضان المهاترات السياسية وتلاسنه البغيض غير العفيف؟ ■ وهل تتحمل المساجد اشتباك الليبرالى مع الاشتراكى أو السلفى مع الإخوانى أو كذا مع كذا؟ ■ يا قوم، يا أهل مصر، يا حكومة، يا تحالف الشرعية، أيها الإخوان، يا أهل الإسلام، يا كل العقلاء... بالله عليكم لا تفسدوا علينا شهر رمضان هذا! دعوه يمر بسلام ووئام هو وعيد الفطر، ثم فكروا بعد ذلك فى الاشتباك السياسى مرة أخرى إن كان لا بد من ذلك. ■ اتركوا لنا ولعوام المسلمين والبسطاء هذا الشهر لكى نعيشه فى سلام، نريده شهراً بلا دماء ولا أحقاد ولا ضغائن ولا نقاشات سياسية فارغة عديمة الجدوى مل الجميع من تكرارها. ■ اتركوا الجميع يلتقط أنفاسه ويعود إلى هدوئه وصوابه، لعل القلوب تلين ولعل النفوس تصفو فتتحاب. ■ نريد للحكومة أن تشعر أن الإسلاميين يقدمون مصلحة الهداية والصلاح والعبادة فى رمضان على الصراع السياسى معها أو استغلال الشهر لإرهاقها واستدراجها إلى معارك جانبية. ■ ونريد من الحكومة أن تعطى درساً للتحالف والإسلاميين أنها تريد تأمين مصر ولا تريد أذاهم أو جرجرتهم إلى السجون أو حشرهم فى الزنازين أو منعهم من طاعاتهم وعباداتهم. ■ نريد من الإسلاميين أن يثبتوا أنهم يقدمون الدعوة إلى الله على الدعوة للحزب أو الفصيل أو الجماعة أو الدعوة لحرب الحكومة وكراهيتها وخصامها. ■ ونريد من الحكومة أن تقلد كل ملوك مصر قديماً وحديثاً الذين كانوا يصدرون عفواً كبيراً عن السجناء السياسيين فى رمضان، وحتى بعد إطلاق المبادرة كانت الشرطة تطلق أكبر دفعة إفراج عن المعتقلين فى شهر رمضان، فيكتسى رمضان بفرحة الطاعة والعبادة وفرحة الفرج والسعة. ■ نريد من الطرفين أن يثبت كل منهما للآخر أن حقن الدماء أعظم وأغلى عنده من أى نصر سياسى يحرزه على الآخر. ■ ويؤسفنى أن العرب قبل الإسلام كانوا يوقفون القتال بينهم فى الأشهر الحرم، وكان العربى إذا لقى قاتل أبيه فى الكعبة فلا يتعرض له تعظيماً للمكان والزمان. ■ أفلا يمكن أن نتوقف جميعاً عن الصراع السياسى فى رمضان، فنوقف وصلات الردح الإعلامى ومظاهرات الشوارع من الإخوان وطلقات الخرطوش والقبض من الشرطة، وكذلك قنوات تدعو بالويل والثبور وعظائم الأمور على الحكومة وأتباعها وأشياعها، لأنه يخالف هدى النبى الرحيم الذى رفض أن يدعو على ثقيف بل دعا لهم: «اللهم اهد ثقيفاً»، ورفض أن يدعو على دوس ودعا لهم ورفض أن يدعو على قريش ودعا لهم؟ ■ جربوا التوقف فى رمضان، جربوا الحكمة فيه، جربوا التغافر والتصالح فيه، جربوا أن يترك كل فريق ما يعلم يقيناً داخله أنه خطأ وباطل، جربوا ألا يكيد بعضكم لبعض، وليعزم وليقسم كل واحد منا بينه وبين نفسه ومع ربه ألا يريق دم الآخر، أو يكون سبباً فى إراقته، أو ساعياً فيه، أو طرفاً فيه. ■ يا عم الشيخ، قل: عمروا المساجد حتى يرضى الله عنا، ويغفر لنا جميعاً، وتنهض مصر من كبوتها، ويشفى المريض، ويعود الغريب سالماً، ويتصالح المتخاصمون، ويحيا الناس سعداء. «عمروا المساجد» ليجمع الله الشمل، ويحقن الدم، ويرفع الإصر، ويزيل القيد من القلب والعقل واليد. ■ «عمروا المساجد»، ولا داعى للتظاهر فى هذا الشهر بالذات، فتُراق الدماء، وتُحرق البلاد، وييأس العباد، ويطفش الصالحون، ويُسجن الأبرياء، ويهرب المحرضون من الجانبين. ■ لا داعى للتظاهر فى هذا الشهر الكريم حتى لا نعيد مآسى كدنا ننساها بصعوبة، وحتى لا يقف هذا خطيباً يوم 17 رمضان فيقول: هذا يوم الفرقان سيسقط الانقلاب اليوم، ثم لا نرى إلا دعوة الإسلام قد ضاعت وشباب المسلمين قد سُجنوا، وأبرياء الشرطة والجيش والعوام والإسلاميين قد سقطوا قتلى. ■ يا قوم، أجِّلوا صراعاتكم شهراً واحداً، لعله يغريكم بالاستمرار فى السلام والوئام، وإذا كان الحكم سيسقط فى أيدى التحالف كما تقولون فليسقط بعد رمضان، اصبروا شهراً فلا ضير من ذلك، المهم أن ينقضى شهر رمضان بسلام.