قال هاني قدري وزير المالية إن مجلس الوزراء أحال اليوم الاثنين مشروع قانون الموازنة العامة للعام المالي 2014 /2015 إلى المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية للتصديق عليه وإصداره بقانون بقرار جمهوري تمهيدا لبدء العمل بها اعتبارا من أول يوليو المقبل. وأضاف قدري اليوم الاثنين إن حجم الإنفاق العام بمشروع الموازنة العامة يبلغ نحو 807 مليارات جنيه بزيادة نحو 65 مليار جنيه عن الموازنة المعدلة للعام المالي الحالي أي بنسبة نمو تقارب ال10%. وأوضح أن حجم الإيرادات العامة بلغ نحو 517 مليار جنيه، وهو أقل من الإيرادات المقدر تحصيلها هذا العام، حيث شهد هذا العام ورود حجم استثنائي من المنح والمساعدات الخارجية بلغت جملتها 20 مليار دولار في حين أن جملة المنح المدرجة على مشروع الموازنة 2.4 مليار دولار في صورة منح بترولية حتى أغسطس 2014 ومنح نقدية. وأشار إلى أن العجز الكلي في مشروع الموازنة العامة للعام المالي القادم يصل إلى نحو 288 مليار جنيه أو ما يعادل نحو 12% من الناتج المحلي، أخذا في الاعتبار افتراض تراجع المنح الخارجية وتمويل المرحلة الأولى من الاستحقاقات الدستورية للإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمي، وتمويل أعباء الحد الأدنى للأجور، وهو ما سيتطلب إجراءات اقتصادية هيكلية تشمل ترشيد دعم الطاقة وتطبيق عدد من الإصلاحات الضريبية خلال العام المالي القادم . والجدير بالذكر أن العجز المقدر في مشروع الموازنة السابق بدون إجراءات سجل نحو 14 % من الناتج المحلي. وأوضح وزير المالية أن مشروع قانون الموازنة العامة يأتي كخطوة أولى مهمة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام، وتحقيق العدالة الضريبية في توزيع الأعباء، وبحيث يتم توجيه جانب مهم من الإنفاق نحو خفض معدلات الفقر، وتوفير فرص العمل خاصة للشباب، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية كالتعليم والصحة، وتحديث البنية الأساسية. وقال إن السياسة المالية تستهدف زيادة معدلات التشغيل لخفض معدلات البطالة المرتفعة والتي تبلغ نحو 13.5% بالإضافة إلى استيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل خاصة من الشباب، باعتباره خط الدفاع الأول للخروج من الفقر وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وهو ما يتطلب بالضرورة رفع معدلات النمو الاقتصادي إلى مستويات أعلى تدريجيا، حيث أنه من المتوقع زيادة معدلات النمو الاقتصادي إلى نحو 3.2%، ومع تطبيق السياسات التي تحقق النمو الاقتصادي الشامل الذي يصل ثماره إلى مختلف فئات المجتمع. كما يستهدف مشروع الموازنة تدعيم العدالة الاجتماعية من خلال تحسين الخدمات العامة الأساسية للمواطن كالتعليم والصحة والإسكان والمواصلات والمياه والصرف الصحي، ومن خلال تطبيق برامج أكثر فاعلية وكفاءة لحماية الفئات الأولى بالرعاية كالدعم النقدي المباشر الذي يصل مباشرة لمستحقيه دون تسرب أو إهدار مثل الدعم السلعي. وأوضح قدري أن ذلك سيتطلب تحقيق الانضباط المالي من خلال خفض عجز الموازنة لتحقيق الاستدامة المالية والاستقرار الاقتصادي على المدى المتوسط، واستعادة الثقة في الاقتصاد المصري، وهو ما يخفف من أعباء خدمة الدين عن الأجيال المقبلة، ويوفر مزيد من الموارد نحو الإنفاق التنموي. وأشار إلى أن الموازنة الجديدة راعت الالتزام ببدء تنفيذ الاستحقاقات الدستورية، حيث يتطلب الدستور أن يصل معدل الإنفاق على الصحة، والتعليم، والبحث العلمي إلى 10% من الناتج المحلي بحلول عام 2017 بينما كان معدل الإنفاق 6% فقط في العام الماضي، واتساقا مع هذه التوجهات تتخذ الحكومة من خلال الموازنة الجديدة خطوات جادة لزيادة الإنفاق العام على التعليم والصحة والبحث العلمي خلال 3 سنوات بما يزيد عن 100 مليار جنيه، كما ستستخدم الحكومة الاستثمارات الجديدة لرفع مستوى العلاج وتحديث المستشفيات العامة، وبناء مدارس جديدة، ورفع أجور المعلمين والأطباء. وأضاف أن مشروع الموازنة العامة للعام المالي 2014 / 2015 يعد أيضا خطوة مهمة لوضع مصر على طريق النمو الاقتصادي المستدام واستعادة الثقة في الاقتصاد المصري من خلال تبني عدد من الإصلاحات لعلاج الاختلالات الهيكلية في المالية العامة وتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي على المدى المتوسط, بما يسهم في زيادة الاستثمارات وفرص العمل. وقال إنه سترتكز السياسة المالية خلال المرحلة القادمة على إعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام في صالح تحقيق العدالة الاجتماعية وتحقيق أكبر حماية ممكنة للفقراء والفئات الأولى بالرعاية، وتحسين الأحوال المعيشية للمواطن البسيط، وكذا الدفع بمعدلات النمو من خلال الاستثمار الحكومي والمشروعات المشتركة بين القطاعين العام والخاص تحت مظلة الشراكة "بي.بي.بي"، إلا أن هذه الأمور ستتطلب توفير موارد مالية ضخمة وتدفقات مستمرة. وأضاف أنه مع الأخذ في الاعتبار أن السيطرة على معدلات العجز بالموازنة العامة والدين العام باتت أولوية قصوى، فإنه لا مجال لتجنب خفض الدعم الموجه للطاقة بصورة منتظمة وبآليات متعددة، وزيادة موارد الدولة من الضرائب والرسوم من خلال تضمين الدخول الكبيرة والأنشطة الاقتصادية الضخمة التي لا تزال تتحقق خارج المظلة الضريبية إلى داخلها، وهو أمر لا يخص فقط زيادة الموارد المالية المطلوبة للإنفاق العام على مختلف المجالات، ولكنها تتصل أيضا بتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال المساهمة في توزيع الاستحقاقات والالتزامات على مختلف فئات المجتمع. وحول أهم برامج الموازنة الجديدة، أوضح الوزير أنه تم زيادة مخصصات الأجور حيث ارتفعت من 184 مليار جنيه بالربط المعدل للعام المالي الحالي إلى 209 مليارات جنيه العام المقبل بزيادة 13%، مشيرا إلى أن الزيادة المطردة في فاتورة الأجور تجاوزت الحدود الآمنة، وهو ما ستلتفت الحكومة إليه في المرحلة القادمة. وعلى جانب الإنفاق الاجتماعي، فقد ارتفعت مخصصات الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية من 212 مليار جنيه إلى 253 مليار جنيه بزيادة 19%. وقال قدري أن الحكومة من خلال الموازنة العامة الجديدة بدأت خطوات تدريجية مبدئية لتطبيق نظم الدعم النقدي المباشر للأسر الفقيرة لضمان وصول الدعم لمستحقيه بالكامل، كما سيتم زيادة الدعم الموجه للغذاء، والصحة، والإسكان، بالإضافة إلى زيادة الدعم للدواء ووجبات أطفال المدارس، ودعم المزارعين، مشيرا إلى ارتفاع مخصصات 19 برنامج للدعم النوعي والحماية الاجتماعية بنسبة 22%، حيث ارتفعت مخصصاتها بنحو 22 مليار جنيه لتصل إلى 118.4 مليار جنيه من أول يوليو المقبل . وأشار إلى أنه رصد لبرنامج دعم السلع التموينية نحو 34 مليار جنيه بزيادة 10% عن العام الحالي بخلاف مبلغ 2.6 مليار جنيه لدعم فروق أسعار القمح المحلي والمسجلة في دعم المزارعين. وذكر أن دعم رغيف الخبز يبلغ نحو 24 مليار جنيه مقابل نحو 6 مليارات فقط عام 2006 /2007 أي أنه تضاعف 4 مرات خلال هذه الفترة، كما تبلغ اعتمادات البطاقات التموينية (سكر، زيت طعام ،أرز) نحو 13 مليار جنيه، وهو ضعف مستوياتها منذ 5 سنوات، وذلك التزاما باستكمال دعم السلع الغذائية الأساسية للمواطنين خاصة من محدودي الدخل، لافتا إلى أن هذه المخصصات يتم توزيعها على نحو 18.7مليون بطاقة يستفيد منها نحو 67 مليون مواطن أي ما يقرب من نحو 80% من السكان الحاليين في مصر. ولفت إلى نجاح تجربة منظومة توزيع الخبز التي بدأتها وزارة التموين، قائلا إن جزءا كبيرا من تسرب المواد التموينية المدعومة سيتم القضاء عليه بموجب التطبيق الكامل للمنظومة، وهو ما سيتيح إعادة تدوير جزء من الوفورات المحققة في صورة دعم نقدي مباشر للمواطنين. الجدير بالذكر أن الكميات المدعومة على بطاقات التموين الموجهة شهريا للفرد هي 2 كيلوجرام سكر و 2 كيلو جرام أرز و 1.5 لتر زيت طعام، وبالنسبة لأسرة مكونة من 4 أفراد فإنها تحصل على 8 كيلو جرامات سكر و 8 كيلو جرامات أرز و 6 لترات زيت شهريا، وذلك بالأسعار المدعومة. وبالنسبة لتدعيم الحماية الاجتماعية والدعم النقدي، قال وزير المالية إن مخصصات برامج البعد الاجتماعي تشمل أيضا 38.7 مليار جنيه قيمة مساهمة الخزانة العامة في صناديق التأمينات والمعاشات بزيادة 33% عن العام الحالي. وفي إطار التوسع في تقديم الدعم النقدي للأسر الفقيرة فقد تم تخصيص مبلغ 12 مليار جنيه لبرنامج معاش الضمان الاجتماعي بزيادة بنحو 8 مليارات جنيه، وهو ما يمثل أربعة أضعاف المخصصات لهذا البرنامج في العام الماضي، حيث تستهدف الحكومة مضاعفة عدد الأسر المستفيدة من 1.5 مليون أسرة إلى 3 ملايين أسرة، فضلا عن برنامج معاش الطفل والذي تم مضاعفته أيضا ليصل إلى 53 مليون جنيه. وحول دعم ألبان الأطفال، قال الوزير إن المخصصات تشمل أيضا 3.3 مليار جنيه لدعم ألبان الأطفال وأدوية العلاج المجاني في المستشفيات و2.5 مليار جنيه لبرنامج العلاج على نفقة الدولة و168 مليونا لبرنامج التأمين الصحي على الأطفال دون السن المدرسي و104 ملايين لبرنامج المرأة المعيلة و239 مليون جنيه لبرنامج التأمين الصحي على الطلاب. وأضاف أن البرامج تشمل أيضا مبلغ 3.3 مليار جنيه لدعم المزارعين بنسبة نمو 9% وهي موزعة على 300 مليون فروق أسعار القطن, و380 مليونا لدعم الإنتاج الزراعي، و 2.6 مليار جنيه فروق أسعار القمح. كما تبلغ الاعتمادات لدعم اشتراكات الطلبة والخطوط غير الاقتصادية بهيئة السكك الحديدية نحو 1 مليار جنيه، و1.5 مليار جنيه لدعم نقل الركاب، و200 مليون جنيه لدعم تنمية الصعيد، و150 مليونا لدعم وحدات إسكان محدودي الدخل, و750 مليون جنيه لدعم فائدة القروض الميسرة. وحول الخطة الاستثمارية للعام المالي المقبل، أعلن قدري عن تخصيص نحو 62.2 مليار جنيه لتمويل الاستثمارات العامة التي تم إعدادها بالتنسيق مع وزارة التخطيط. وأوضح أن هناك عدة برامج ذات طبيعة استثمارية وهي برامج الإسكان الاجتماعي وخصص له 9.5 مليار جنيه بزيادة 1.5 مليار جنيه عن العام الحالي بنسب نمو 19%، مشيرا إلى أن الحكومة تخطط لتمويل 3 مشروعات أساسية ضمن برامج الإسكان الاجتماعي الأول إنشاء مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل على مدار الخمس سنوات المقبلة، وبرنامج لتوفير 250 ألف قطعة أرض سكنية للعائلات بمساحات صغيرة لتلبية احتياجات متوسطي الدخل، والثالث طرح 50 ألف قطعة أرض عائلية للقادرين, كما تشمل المخصصات مبلغ 7.9 مليار جنيه لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي لمدها للمناطق المحرومة بأنحاء الجمهورية. كما تشمل الاستثمارات الحكومية مشروع تطوير وتنمية القرى الأكثر فقرا ورصد له نحو 848 مليون جنيه، وكشف الوزير عن تحديد 1153 قرية بمحافظات الشرقية والبحيرة والجيزة وبني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان للبدء في تنميتها، كما تتضمن الخطة تطوير 24 منطقة عشوائية رصد لها 1.6مليار جنيه، وذلك لتمويل خطط إمدادها بالمرافق الأساسية من مياه وصرف صحي وكهرباء.