فى لقائه مع محمود مسلم، في برنامج "مصر تقرر" على تلفزيون الحياة فى الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر، قال اللواء ممدوح شاهين مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية وعضو المجلس العسكري، إنه ((لا يحق لمجلس الشعب المقبل سحب الثقة من الحكومة الحالية، أو إقالتها ، أو اختيار أعضاء الحكومة المقبلة، وذلك طبقاً للإعلان الدستوري الذي ينص على أن تشكيل الحكومة من سلطات رئيس الجمهورية، لأن النظام المصري رئاسي برلماني، دستورياً وقانونياً، وليس برلمانياً فقط)). وهو التصريح الذى أثار كثيراً من البلبلة و الغضب فى صفوف الكثيرين، خاصة مع البداية الفعلية للانتخابات البرلمانية، بل أصبح كلام شاهين هو الحجة الأقوى والأبرز فى حديث دعاة المقاطعة. ومصدر الغضب هو رغم ان تشكيل الحكومة لن يكون بالفعل من صلاحيات البرلمان القادم، التى سيتولى تشكيلها المجلس العسكرى، أو رئيس الجمهورية وفقًا للمادة 56 من الإعلان الدستورى، وذلك إلى حين الانتهاء من الدستور الجديد. نقول رغم ذلك إلا إنه من الثابت أن الصلاحيات الرئيسية للبرلمان القادم مثل كل البرلمانات النزيهة، هى مراقبة الحكومة ومحاسبتها ورفض أو اعتماد ميزانياتها، واستجواب وزرائها وسحب الثقة منهم أو تأكيدها. وبعض التذكر قد يكون مفيدًا: نص الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة يوم الأربعاء 30-3-2011، بعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى المادة 56 منه على أنه (( يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شؤون البلاد، وله فى سبيل ذلك مباشرة السلطات الآتية: 1 التشريع.....7 تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفائهم من مناصبهم)). ولكن ذات الإعلان الدستورى، عاد ونص فى مادته رقم 33 على ما يلى: ((يتولى مجلس الشعب فور انتخابه سلطة التشريع، ويقرر السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية)). وتم تأكيد ذات المعنى فى المادة 61 فنص على: ((يستمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى مباشرة الاختصاصات المحددة فى هذا الإعلان وذلك لحين تولى كل من مجلسى الشعب والشورى لاختصاصاتهما، وحتى انتخاب رئيس الجمهورية ومباشرته مهام منصبه كلُ فى حينه)) *** الخلاصة أن صلاحيات البرلمان القادم تجاه الحكومة مسألة واضحة وجلية، تبدأ من لحظة تشكيله. وأى تصريحات عكس ذلك مخالفة للحقيقة، كما أنها تلقى بمزيد من الشك حول نوايا المجلس العسكرى تجاه التسليم الكامل للسلطة فى مواعيدها، فالرغبة الصادقة فى التسليم تتنافى مع المراوغة والمساومة والفصال فى توصيف صلاحيات البرلمان لإلغائها أوتقليصها، وتتنافى مع ما تم من قبل من محاولة لتأجيل الانتخابات الرئاسية إلى إبريل 2013 قبل أن تضغط مظاهرات التحرير إلى التعجيل بها الى يونيو 2012 ، كما تتنافى مع تكليف الدكتور السلمى بإصدار وثيقته سيئة السمعة بمادتيها التاسعة والعاشرة اللتين نصتا على صلاحيات دستورية خاصة للقوات المسلحة. و أظن أننا فى أمس الحاجة فيما تبقى من المرحلة الانتقالية إلى تجنب مثل هذا النوع من التصريحات والتفسيرات، من أجل إعادة الثقة إلى الجميع فى مصداقية خريطة الطريق المعلنة، خاصة بعد الدرس القاسى الأخير الذى عاشته مصر كلها وأسفر عن سقوط كل هذا العدد من الشهداء، وما فجره من انشقاق وطنى حاد لم نخرج منه بعد.