اتفق المؤتمرون في ندوة اطلاق تقرير "تطوير سوق الدين في دبي لتعزيز الاستثمار والنمو"والتي نظمها "مجلس دبي الاقتصادي" بشراكة مع "ديلويت الشرق الأوسط" يوم أول أمس الأثنين في فندق كونراد دبي على ضرورة العمل على تعميق سوق الدين في دبي والدولة وبما يعزز دورها في جذب الاستثمارات الأجنبية والتنويع الاقتصادي. كما شدد المشاركين على أهمية ايلاء الاهتمام الكبير في زيادة حصة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من حجم الائتمان المقدم، اضافة الى توفير نظام اكثر كفؤ وفاعلية في اسواق الدين بما فيها الصكوك. وأشار هاني الهاملي الأمين العام لمجلس دبي الاقتصادي الىأن دبي قد نجحتطوال السنوات الماضية في أن تتحولالى اقتصادنموذجي يحتذى به للعديد من دول العالم بفضل الاستراتيجيات التي تبنتها حكومة دبي وبتوجيهات رشيدة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (رعاه الله) والتي استهدفت تنويع القاعدة الانتاجية.كما استطاعت الامارة ان ترسخ مكانتها اقليمياً وعالمياً بفضل التطورات الكبيرة التي شهدتها العديد من القطاعات، كالتجارة، والخدمات اللوجستية، والنقل، الى جانب التطوير العقاري، والتسوّق، والسياحة، وغيرها. وذكر: أنه وبهدف الحفاظ على تلك الانجازات، فإنالتحدي المقبل هو كيفية استدامة النمو بما في ذلك تلبية استحقاقات خطة دبي 2021 والتي ترمي الى جعل دبي في طليعة دول العالم على سلم التنافسية العالمية، والمدينة الاكثر ابتكاراً، والعاصمة العالمية للتمويل الاسلامي، هذا فضلاً عن تلبية شروط نجاح استضافة المعرض الدولي إكسبو 2020، وفيض المشاريع المرتبطة به،مؤكداً أن الحل يكمن الى جانب عوامل أخرى هو في تحقيق الاستدامة المالية. وأضاف: أنه في الوقت الذي نرى أن القطاع المالي وهدف الاستدامة المالية بات حتمياً من أجل استدامة النمو، إلاّ أنها تشكل في ذات الوقت تحدياً لارتباطه بعوامل عدة داخلية وخارجية. وأفاد الهاملي ان حكومة دبي قد وعت الى استحقاقات التحدي المالي وشرعت باتباع سياسات مالية متوازنة ومنسجمة مع خطط التنمية. كما عززت الحكومة الاطار المؤسسي للقطاع المالي من خلال انشاء مركز دبي المالي العالمي، واللجنة العليا للسياسة المالية والتي تعنى بترسيخ الاستدامة المالية للامارة، حيث كانت لتوجيهات رئيس اللجنةسمو الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم رئيس هيئة الطيران المدني في دبي الرئيس الأعلى الرئيس التنفيذي ل”طيران الإمارات” والمجموعةبالغ الأثر في نجاح اللجنة في القيام بمهامها وفق الأهداف المرسومة. وسلط الضوء على مبادرة "دبي عاصمة الاقتصاد الإسلامي" التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتومواصفاً إياها بانها من المحطات الهامة في مسيرة القطاع المالي في دبي. كما تم تشكيل مركز دبي لتطوير الاقتصاد الاسلامي ليأسس ثقافة أعمال تتجه الى تحقيق هذه الرؤية. وأشار الهاملي الى أن تجارب الاقتصادات المتقدمة قد أثبتت أن اسواق الدين يمكن أن تشكل أداة فاعلة لدعم القطاع المالي من خلال توفير الأموال والادخارات القومية وإعادة توجيهها الى مختلف القطاعات وبما يساهم في تعزيز نمو هذه القطاعات وانعكاس كل ذلك بالتبعية في معدل النمو الاقتصادي للامارة. وأكد أنه بوسعنا أن نذهب لأبعد من ذلك، حيث يمكن أن يشكل سوق الدين وسيلة لاصلاح القطاع المالي من خلال تعزيز هيكلته وجذب الاستثمارات الأجنبية الى الامارة وتنويعها. وفي ختام كلمته، أعرب الهاملي عن أملهفي أن يوفر التقرير بما جاء به من استنتاجات وتوصيات أطراً مرجعية لصناع القرار في دبي لاتخاذ السياسات الملائمة والخطط الاستراتيجية التي من شأنها تعزيز دور سوق الدين في بيئة الاستثمار المحلي واستدامة النمو الاقتصادي. من جهته، ذكر همفري هاتونالرئيس التنفيذي لقسم الخدمات الاستشارية في ديلويت الشرق الأوسطفي كلمته أن مجلس دبي الاقتصادي قد بادر الى ابرام شراكة استراتيجية مع شركة "ديلويت " باعداد سلسلة من التقارير السنوية حول القطاع المالي في دبي وسبل تطويره وبما يساهم في تعزيز الاستثمار والنمو. حيث تم اطلاق باكورة تلك التقاريرالعام الماضي والذي انطوى على إطار عام لأهم المفاهيم المرتبطة بالقطاع المالي وعلاقته بالاستثمار والنمو، وفي هذه الندوة سيتماطلاق الاصدار الثاني من سلسلة التقارير المذكورة والذي يركز على سوق الدين في دبي. وذكر هاتون ان وجود سوق دين قوي ومعزز من شانه أن يوفر مصادر تمويل اضافية وبالتالي يعمل كمصدر للاستقرار الاقتصادي من خلال دعم النمو لاسيما في ظل المتغيرات التي ما فتأ يشهدها الاقتصاد العالمي وما تنطوي عليه من دورات اقتصادية. وأضاف أن تطوير سوق دين عميق وأكثر سيولة هي عملية مستمرة ومتنامية، لكنها تتطلب دعم وتعاون مشترك بين القطاعين العام والخاص لضمان توحيد الجهود وتوجيهها نحو تعزيز الاستثمار والنمو في دبي. وأختتم هاتون كلمتهان تكثيف الجهود نحو دعم الابتكار، وتطوير البنية التحتية لسوق الدين، الى جانب تعزيز الاطار التنظيمي والقانوني تشكل جميعها أدوات فاعلة لتوسيع وتطوير سوق الدين في دبي سواء التقليدي أو الاسلامي. وجرى خلال الجلسة الأولى استعراض أهم ما جاء به التقرير من نتائج وتوصيات. ترأس الجلسة الدكتور عبد الرزاق الفارس، الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية، مجلس دبي الاقتصادي، وشارك في تقديم التقرير الفريق الفني لمجلس دبي الاقتصادي وشركة ديلويت، ضم كل من الدكتور إبراهيم البدوي، مدير الاقتصاد الكلي والتنبؤ، مجلس دبي الاقتصاديوالسيد/ راجيف باتيل، مدير خدمات الصفقات، شركة ديلويت للشرق الأوسط في حين قام باستعراض أهم نتائج التقرير وتوصياته ضحى فاضل، باحث اقتصادي أول ، مجلس دبي الاقتصادي، وبانوس ستافروبولوس، مدير، شركة ديلويتللشرق الأوسط، وكريم لبان، مدير، خدمات إعادة الهيكلة، شركة ديلويتللشرق الأوسط. وقد تضمن الاستعراض خلفية عن التقرير وأهميته، اضافة الى المنهجية التي اعتمدها والتي تستند الى أفضل الممارسات العالمية. كما شمل الاستعرض آخر التطورات الحاصلة في سوق الدين في دبي، وتحديد العواملالتي يمكنأن تحفز على تطوير وتوسيع سوق الدين التقليدي والاسلامي في دبي، اضافة الى المجالاتالتي بحاجة الى المزيد من التطويربالنسبة لأسواق الدين من أجل تعزيز دورها في تمويل مختلف الانشطة الاقتصادية بما في ذلك جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وبالتالي تعزيز عملية النمو الاقتصادي لدبي. وبعد الانتهاء من استعراض التقرير، جرت فعاليات المائدة المستديرةلمناقشة التقرير من وجهة نظر مختلف الأطراف الفاعلة في سوق الدين في دبي ودولة الامارات. حيث تراس الجلسة السيد/ تريفر ماكفارلين، المؤسس والرئيس التنفيذي، مؤسسة "الأمير" لأبحاث الأسواق الناشئة. وأشارت د. ماجدة قنديل، كبير الاقتصاديين ورئيس إدارة البحوث الاقتصادية، مصرف الامارات العربية المتحدة المركزي الى أن التقرير جاء في وقته حيث يبرز الدور الحيوي الذي يمكن أن تلعبه سوق الدين في تعزيز عملية النمو الاقتصادي وخاصة في ظل الأوضاع الراهنة التي تشهدها البيئة الاقتصادية العالمية لاسيما التباطؤ الاقتصادي في الدول المتقدمة وبعض الدول الصاعدة، وحالة اللايقين في حصول تعافي حقيقي في الاقتصاد العالمي في المستقبل المنظور وما يرتبط في مثل هذه الضروف عادة من نقص في حركة السيولة الدولية والمحلية. وسلطت قنديل الضوء على أهم التطورات الاقتصادية العالمية، وذكرت أن اقدام السلطات المختصة في الولاياتالمتحدة على رفع سعر الفائدة على الدولار الأمريكي سيكون له تأثير على الأوضاع النقدية لدول العالم وخاصة تلك التي تعتمد نظام سعر الصرف المثبت بالدولار وإن كان بمستويات مختلفة، الأمر الذي يؤكد الحاجة الى وجود سوق دين عميق ومتنوع كأداة للتحكم في حركة وحجم السيولة وتوفير التمويل اللازم لمؤسسات الاعمال المختلفة سواء في القطاع الخاص أو المؤسسات المملوكة من قبل الدولة. وأضافت: أنه وبسبب ارتباط اقتصاد دبي ودولة الامارات في السوق العالمية وخاصة في ظل تنامي وتائر العولمة المالية، فان وجود وتعميق سوق الدين سواء أكان التقليدي منه أو الاسلامي يشكل تحدياً أمام الاقتصاد المحلي. وفي هذا السياق، ذكرت ماجدة قنديل أن حكومة دولة الامارات بصدد تشريع قانون للدين والذي سيساهم كثيراً في إدارة السيولة في الاقتصاد الوطني، هذا الى جانب أهمية بقية التشريعات الأخرى ذات العلاقة مثل قانون إعادة الهيكلة المالية والافلاس. كما طالبت قنديل بضرورة توفير التمويل الكافي والملائم للمنشآت الصغيرة والمتوسطة في الدولة والتي لا تحصل سوى على نسبة 3% من حجم الائتمان مقابل توجه النصيب الاكبر من الائتمان الى المؤسسات الكبيرة، مؤكدة الدور الحاسم الذي تلعبه المنشآت الصغيرة والمتوسطة في التنويع الاقتصادي والابتكار. وأشار محمد علي ياسين، العضو المنتدب، بنك أبوظبي للاوراق المالية انه رغم التطورات الأخيرة الحاصلة في سوق الدين فأنه لايزال ثمة مجالات لتطوير السوق وتعميقها وبما يواكب الأسواق الناضجة في الدول المتقدمة وبعض الأسواق الناشئة. ونوه ياسين الى ضرورة الاهتمام بحجم التعاملات في السوق وفي إطار من الشفافية وليس فقط عددها. وفي هذا السياق، طالب محمد علي ياسين بضرورة العمل الجاد على استقدام "صانعي السوق" الى دبيوالامارات أي المؤسسات المالية وكبرى الشركات وليس فقط المستثمرين الافراد للعمل والاستقرار في الدولة. كما طالب ياسين باعادة النظر في بعض التشريعات واستحداث البعض الآخر منها بهدف تشجيع وتسهيل استقدام المستثمرين في اسواقنا المالية المحلية. كما أوصى بضرورة الاهتمام في توقيت اصدار الصكوك. وفي ختام حديثه، اقترح ياسين الاسراع بالعمل على اصدار السندات المقومة بالدرهم الاماراتي وبما يعزز الاستقرار النقدي في الدولة.
في حين أكد شيراك شاه،نائب الرئيس التنفيذي - الإستراتيجية وتميز قطاع الأعمال، سلطة مركز دبي المالي العالمي، مركز دبي المالي العالميعلى فاعلية السياسات الاقتصادية الكلية في تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصاديين اضافة الى تعزيز دور اسواق الدين في الاقتصاد.
فيما ذكرحسين التاجر، مدير استشاري،أسواق رأس المال، بنك HSBCالشرق الاوسط المحدود أن قيادة دولة الامارات قد وفرت الاطر التنظيمية والتشريعية الملاءمة لخلق بيئة عمل واستثمار محفزة على الجودة والتميز، كما ان صناع القرار في الدولة يتميزون بالسرعة في اتخاذ القرارات الملاءمة وبما يواكب احتياجات السوق المحلية. وسلط التاجر اهم الانجازاتالتي تحققت في السوق الاماراتية خلال السنوات القليلة الماضية، من قبيل تحديث البنية التحتية التشريعية، والالتزامات المالية، والتنويع الاقتصادي، وسلسلة المبادرات الاستراتيجية التي اطلقتها الحكومة، اضافة الى تعزيز جانب الشفافية في مختلف الانشطة الاقتصادية. وفي معرض حديثه عن واقع ومستقبل التمويل الاسلامي في الامارات، اشار التاجر الى أن عوامل النمو والتوسع في هذا السوق متوفرة بدءً بجانب الطلب حيث يشكل المسلمين الأغلبية الساحقة في دول المنطقة، كما لوحظ اهتمام البنوك التقليدية سواء أكانت المحلية او الأجنبية في سوق الصكوك وفتحت منافذ اسلامية وباتت تعتمد كثيراً على المستثمرين والمتداولين في المنطقة، هذا الى جانب فيض التشريعات والانظمة التي ساهمت في تعميق هذا السوق. في حين أكد د. سيد فاروق، مستشار المشاريع، مركز دبي لتطوير الاقتصاد الاسلامي على أهمية توافر المعلومات الكافية عن التمويل الاسلامي. وذكر أن السنوات الماضية قد كشفت وجود تعاون بين البنوك ومصرف الامارات المركزي فيما يتعلق بسبل تعميق سوق الصكوك في الدولة. وأضاف: رغم التطور الحاصل في هذا السوق فأنه لاتزال ثمة فجوة بين الواردات والصادرات من الصكوك، منوهاً الى احتمالية حصول انحسار في حجم السيولة على الامد الطويل مالم تتخذ اجراءات لتنشيطها. وفي هذا السياق، طالب فاروق بضرورة محاكاة افضل الممارسات العالمية في سوق الصكوك مثل ماليزيا والتي ذكر انها لديها أهداف واضحة بالنسبة لسوق الصكوك وأنه تم تحديد احتياجاته، مشدداً في ذات الوقت بضرورة توفير نظام لتقليل التكاليف والوقت المستغرق لاتمام المعاملات في السوق المذكورة.