"إثيوبيا" تفتح السد في أكتوبر.. و"السودان" تمثل خطرًا.. و"مصر" تكتفي بالمفاوضات - "الري" تؤكد: مفاوضتنا "لم تفشل".. و"خبراء": "لا جديد" - "جولة جديدة" من المفاوضات في الخرطوم نهاية نوفمبر - "الشريك" و"كجبار" سدود سودانية جديدة تشكل خطرًا على حصة مصر المائية - اجتماع سداسي في القاهرة يضم وزراء الري والخارجية في الدول الثلاث قريباً آمال معلقة، ووعود وردية، واعترافات متخاذلة، وسط مفاوضات "لا تنتهي"، حول "سد النهضة الإثيوبي".. والنتيجة، الدعوة إلى اجتماعين جديدين، أحدهما سداسي، في القاهرة، والآخر في الخرطوم، لاستئناف مسيرة المفاوضات، التي بدأت قبل نحو 5 سنوات.. ولكن ماذا بعد؟، الواقع، يؤكد أنه "لا جديد"، فإثيوبيا؛ تستمر في بناء السد دون توقف، ومصر؛ تستمر في مباحثات "عبثية"، حسبما رأى خبراء في الملف المائي. وزراء مياه، مصر والسودان وإثيويبا، شاركوا في اجتماع اللجنة الوطنية الثلاثية، في جولته التاسعة، والذي عقد يومي 7 و8 نوفمبر 2015، في قلب القاهرة، بهدف حل الخلافات بين المكتبين الاستشاريين "الفرنسي والهولندي"، ودفع المسار الفني للدراسات، بيد أن المفاوضات، لم تنتهي بنتائج "مفصلية" و"حاسمة"، حسبما توقع حسام مغازي، وزير الري، خلال كلمته أمام الجلسة الافتتاحية لأعمال الجولة التاسعة، حيث أسفر الاجتماع عن الدعوة إلى عقد جولات جديدة من المفاوضات، فحسب خبراء، "لن تخرج عن مزيدًا من إهدار الوقت، لصالح الجانب الإثيوبى"، بينما رأى مسؤولون بملف "سد النهضة"، أن "المفاوضات لم تفشل، بل تم خلالها التعبير عن مصادر القلق المصري حول تسارع البناء الإثيوبي، وعدم بدء الدراسات التي ستحدد الآثار السلبية للسد". في الاجتماع الأخير، رفضت مصر اقتراحاً، بشأن انفراد الشركة الفرنسية بإجراء الدراسات، وفق مغازي، مرجعاً ذلك لضمان أكبر قدر من الحياد والنزاهة، وكذلك الالتزام بالمعايير المهنية والموضوعية، كما أكد أن جولة المفاوضات الجديدة، ستشهد مساعٍ جديدة للتوفيق بين المكتبين الاستشاريين، وفي حال عدم التوافق بين المكتبين، سيتم بحث بدائل أخرى مقترحة من الدول الثلاث. الجولة التاسعة، اعتبرها علاء ياسين مستشار وزير الري ومسؤول ملف "سد النهضة"، في تصريحاته ل"المشهد"، "ناجحة"، نافية ما تردد حول فشل المفاوضات، قائلاً: "لقد قامت مصر بتسليم الطرف الإثيوبى شواغلها وعناصر القلق بخصوص سد النهضة"، من حيث، قواعد الملء الأول والتشغيل السنوي، فضلاً عن الحفاظ على حصة مصر المائية والتي تبلغ 55.5 مليار متر مكعب. جولة جديدة من المفاوضات، أو قل "الجولة العاشرة"، تعقد أيام 21 و22 و23 من نوفمبر الجاري، في العاصمة السودانية "الخرطوم"، بمشاركة "مصر والسودان وإثيوبيا"، والمكتبين الاستشاريين، " بي آر آل أي" و"دلتارس".. قد يسبقها أو يعقبها، اجتماع سداسي في القاهرة، بمشاركة وزراء الخارجية والري من الدول ذاتها، وفق ما أكده ياسين، منوهاً إلى سير المسارات السياسية والفنية، في مفاوضات سد النهضة، جنباً إلى جنب، خاصةً وأننا ليس لدينا ما يضمن حصة مصر من المياه. أكتوبر من العام المقبل، تفتح إثيوبيا، "سد النهضة" رسمياً، متجاهلة نتائج الدراسات أو قل المفاوضات، والتي لم يتم حسمها حتى نوفمبر الجاري، وتحتاج 11 شهرًا لإجراؤها، فربما كانت الجولة التاسعة من المفاوضات، تمثل "الفرصة الأخيرة"، للتوافق بين المكاتب الاستشارية، تمهيدًا للبدء في إجراء الدراسات التي ستحدد بدورها، الآثار السلبية للمشروع على دولتي المصب، مصر والسودان، والتي ستكون ملزمة للدول الثلاث "مصر والسودان وإثيوبيا"، بموجب وثيقة اتفاق المبادئ الموقعة من رؤساء الدول ذاتها، في مارس من 2015، هل تكشف الجولة الجديدة من المفاوضات عن مفاجآت تضمن الحفاظ على حصة مصر المائية؟ أم تستمر مصر في مفاوضات لا تنتهي؟. عدم التوافق، بين المكتبين، حتى الآن، يعني أن المفاوضات ليست إلا "مراوغة إثيوبية لإهدار الوقت"، ووضع مصر أمام الأمر الواقع.. خاصةً بعد أن اعترف، وزير الري، أن معدلات التنفيذ بموقع مشروع سد النهضة، أسرع بكثير من معدلات سير المفاوضات التي تتم بين الدول الثلاث "مصر والسودان وإثيوبيا"، قائلاً: "تأخرنا كثيرًا في تنفيذ خارطة الطريق المتفق عليها في أغسطس 2014 بين الوزراء الثلاثة، بما لا يتناسب مع الوضع الحالي فيما يتعلق بمعدلات التنفيذ"، ووفق ما كشف عنه، مستشار وزير الري، فإن معدلات تنفيذ السد، بلغت 45% من حجم الإنشاء الكلي. مسؤولون بالملف المائي، أرجعوا الأزمة بين المكتبين الاستشاريين الفرنسي "بي آر آل آي" والهولندي "دلتارس"، والذي تم اختيارهما من بين 9 مكاتب كانت مرشحة، إلى إصرار إثيوبيا على أن يعمل المكتب الهولندى كمقاول من الباطن مع المكتب الفرنسي، كما أصرت على أن يكون المكتب الفرنسي، هو المسؤول الوحيد عن إدارة الأعمال الخاصة بتنفيذ الدراستين، بينما ينفذ المكتب الهولندى ما يوكله إليه نظيره الفرنسى من أعمال فى حدود نسبة أقصاها 30%.. وهو ما رفضه المكتب الهولندي، في سبتمبر الماضي، معلناً انسحابه رسميًا من دراسات تقييم آثار سد النهضة، حيث قال : "بعد 3 أشهر من المفاوضات مع الشريك الفرنسي، حول الكيفية التي ستتم بها الدراسات، لعدم توافر مبدأ الاستقلالية في إجراء الدراسات"، في حين أكد مستشار وزير الري، أن مصر لم تتلق إخطارًا رسمياً من المكتب الهولندى يفيد انسحابه، مشيرًا إلى أن ما حدث مجرد خلاف بين المكتبين. "ستلتزم إثيوبيا بنتائج توصيات الدراسات"، و"لن نقلل حصة مصر من المياه".. أبرز تصريحات أطلقها الجانب الإثيوبي خلال المرحلة السابقة.. هذا ما نملكه من وعود إثيوبية، وفقاً لما أكده الدكتور هيثم ممدوح خبير الموارد المائية ورئيس قسم هندسة الري والهيدروليكا بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، قائلاً: الآن وبعد أن انتهت الجولة التاسعة من المفاوضات ب"لا جديد"، أمامنا طريقين، الأول: أن نعتمد هذه التصريحات التي تضمن حصة مصر المائية، والثاني: أن نستمر في المفاوضات تجنباً للأضرار السلبية المستقبلية. تابع، ممدوح في تصريحات خاصة ل"المشهد"، نحن نفتقد الدقة في إدارة المفاوضات، منوهاً إلى أن السودان، هي الخطر الحقيقي على مصر الآن نتيجة استعداداها للتوسعات الزراعية مع الانتهاء من سد النهضة، حيث أعلنت عن بناء سدين على نهر النيل، وهما "الشريك"، و"كجبار"، بالإضافة إلى تخزين نحو 3 مليار متر مكعب من المياه عبر سد قامت بتشييده قبل عام ونصف العام، كما تخطط لإنشاء سدين آخرين، وهما "دال" و"السبلوقة"، وهو ما يعتبر ذو تأثيرات سلبية. أوضح، أنه علينا الاعتراف بأنه مثلما هناك آثار سلبية للسد، فهناك أخرى إيجابية؛ تتلخص في منع الفيضان وتأخير وصول المياه، إضافة إلى أن انتظام عملية تدفق المياه يعد في صالح مصر، وقال: علينا المحاولة مع إثيوبيا والسودان، للوصول إلى حل توافقي بين الدول الثلاث، بحيث تكون مثال جيد للتعاون مع دول حوض النيل الشرقي. "لا أتوقع أى نتائج إيجابية".. هذا ما قاله الخبير المائي الدكتور نادر نور الدين، مستنكرًا الاستراتيجية المصرية في المباحثات، وانحصارها على عمل المكتب الاستشارى، فى الوقت الذى يعلن فيه الجانب الإثيوبي عن افتتاح المرحلة الأولى من السد في أكتوبر القادم، وتشغيل أول توربينين من السد لتوليد 700 ميجاوات. وشدد نور الدين، فى تصريحات ل"المشهد"، على ضرورة التفاوض حول "تعهد إثيوبى بعدم المساس بحصة مصر المائية"، هذا فقط ما يجب أن يسير إليه الفريق المصرى فى المفاوضات، دون ذلك مجرد "عبث"، مشيرًا إلى أنه يجب أن يكون التعهد كتابة، عبر اتفاقية جديدة لتقسيم المياه، وقال: "لن نسمح باكتمال بناء سد النهضة قبل أن نطمئن على حصتنا المائية دون نقصان". بينما رأى الدكتور مغاوري شحاته دياب، الخبير الدولي في الموارد المائية ومستشار وزير الري، في تصريحاته ل"ألمشهد"، أن النتيجة المرجوة من المفاوضات، هى "التوفيق بين المكاتب الاستشارية وتوقيع العقد بينهما، تمهيدًا للبدء في الدراسات وفق خارطة الطريق، والتى تستغرق 11 شهرًا". من العدد المطبوع من العدد المطبوع