السلف تلف والرد خسارة.. مثل شعبي، قاله المصريون قبل مئات السنين، وجسدته "اليونان" في الوقت الراهن واقعيًا، ويبقي السؤال بعد تفاقم الديون المصرية وتخطيها الحدود الآمنة؛ هل تتجرع مصر من كأس اليونان؟، وتسير في طريقها نحو الإفلاس!. وفقًا لأحدث تقرير صادر عن البنك المركزى المصري، 6 يوليو 2015، فإن رصيد الديون المصرية سجل أعلى مستوياته في نهاية مارس الماضي ليرتفع إلى 2.016 تريليون جنيه، مرتفعًا بنحو 200 مليار جنيه خلال الشهور التسعة الأولى من العام المالي 2014 - 2015، بينما بلغت الديون اليونانية، 242.8 مليار يورو. في المقابل بلغت نسبة الدين المصري للناتج الإجمالي خلال العام المالي المنتهي في يونيو الماضي نحو 92.2%، مقارنة مع 90% متوقعة خلال العام المالي الجديد، منها 83.5% ديون داخلية و6.5% خارجية، فيما قدر موقع المفوضية الأوروبية، في مايو الماضي، حجم الدين العام اليوناني للناتج الإجمالي في 2015 ب180.2%. ومن المعروف أن الحدود الآمنة للديون، أقصاها أن تكون نسبة الدين "داخلي وخارجي" للدولة، هي 60% من ناتجها المحلي، وما زاد عن ذلك فهو بلغة الاقتصاد يعني أنها "دولة مفلسة"، خبراء أكدوا أنه رغم أن مصر ليست "مفلسة" إلا أن طريقة إداراتها جعلتها كذلك، حيث حجم الدين الداخلي حاليًا قد يتجاوز الناتج القومي المصري. وبالرغم من أن مستويات الدين العام المصرية، تعتبر في منطقة الخطر، وفق مؤسسات التصنيف الدولية، إلا أن خبير التصنيف الائتماني، عمرو حسنين، يرى أن مصر غير مرشحة لتكرار تجربة اليونان، وهو ما أرجعه إلى ارتفاع الديون المحلية في مصر بعكس الوضع في اليونان. مراقبون، أكدوا أنه رغم قدرة الحكومة المصرية على تغطية الديون المحلية، بالتوسع في طباعة "البنكنوت"، على عكس اليونان، والتي ترتبط بعملة الاتحاد الأوروبي "اليورو"، إلا أنهم حذروا من التوسع في تلك الخطوة لما لها من سلبيات كارثية تزيد من معدلات التضخم وتساهم في ارتفاع الأسعار. في الوقت ذاته، فإن فوائد الدين العام، قدرت في موازنة العام الجديد، بنحو 244 مليار جنيه، أي ما يمثل حوالي 28% من إجمالي الإنفاق العام، الأمر الذي اعتبره خبراء مؤشر "خطر"، حيث ستلجأ الحكومة إلى الاقتراض من البنوك لسد عجز الموازنة العامة. بدأت أزمة الدين المحلي، تتفاقم منذ عام 2005، وزادت بعد أحداث ثورة يناير 2011، وطرح سندات الخزانة تسدد الحكومة منه الفوائد المستحقة على القروض وأموال التأمينات البالغ حجمها 600 مليار جنيه، وفق ما قاله ممتاز السعيد، وزير المالية السابق. بينما رأى أحمد خزيم المستشار الاقتصادي، أن نسبة الدين إلى الناتج القومي باليونان في بداية الأزمة كانت تساوي 94% وهي نفس النسبة التي وصلت لها الديون المصرية حاليًا، محذرًا من تشابة العوامل المصرية مع نظيرتها التي أدت إلى الأزمة اليونانية، وأن استمرار هذه الأوضاع، لن يمكن الدولة من تسديد ديونها أو تقليل العجز في الموازنة. الأزمة في طريقة إدارة الاقتصاد المصري، فضلاً عن أن كافة الموجودين في دائرة صنع القرار الاقتصادي وتنفيذه من "المدرسة الإيرادية"، والتي لا تبحث إلا عن خفض النفقات وهو ما يتم عبر "التقشف"، بحسب ما أكده خزيم. فيما قالت مصادر مصرفية، إن لارتفاع الدين المحلي، مخاطر طويلة الأجل، مشددة على ضرورة الخروج من تلك الأزمة؛ عبر العمل والإنتاج إضافة إلى ترشيد الاستهلاك، فضلاً عن تنفيذ خطة الدولة لزيادة معدلات الإنتاج ورفع الناتج المحلى الإجمالى وتخفيض الاعتماد على الاستدانة بتقليص عجز الموازنة العامة للدولة. الفقراء أكثر من الأغنياء، سيدفعون ثمن تفاقم الديون، حال عجز الحكومة توفير إيرادات بديلة أو سد الديون المتراكمة؛ لما ستفرضه من إجراءات تقشفية.. فأي الطريقين تسلكهم الحكومة، العمل على توفير إيرادات لإنقاذ مصر، أم التوسع في السندات، وتحمل مزيد من الأعباء، ما بين ديون وفوائد!. # #