كنا فى بداية عشش "رملة بولاق"، كانت الساعة حوالى الثانية ظهرًا، والصمت يعم على المكان كنت أظن أننى وحيد، ولا هناك سكان فى المنطقة التى لم أرَ فيها " طوبة حمراء " إلا فى نهايتها جميع أسقفها من " الصاج " ولا شىء يحميهم من تقلبات الجو. وبالرغم من حرارة الجو كان يسير وفى يده حمامتان وقفت لأساله عن المنطقة، وعن حالة قال لى وعلى وجهه ابتسامة خفيفة " زى ما انت شايف المنطقة كلها عشش مش محتاجة سؤال ". تردد قليلا حين طلبت منه أن التقط له صورة مع حماماته ولكنه فى النهاية وافق بعد عدة نظرات بينه وبين صديقه الذى رفض أن يظهر فى الصورة. " أنا نفسى فى أوضة بدل العشة علشان أعمل غية حمام "، هكذا كان رده حين سألته عن أقصى أمنياته لتكون إجابته بعيدة تماما عن أمنيات تمناها الكثير مثل " شقة أو تعليم أو أموال "، ولكن حبه للحمام كان الدافع له بأن يترك تلك المنطقة ويعيش فى أوضة ليضع فوق تلك الأوضة بيتًا كبيرًا للحمام. أما إجابته عن المكان الذى يربى فيه الحمام حاليا قال: " أنا بربيه فى أوضتى بخليه قاعد معايا ". فى النهاية نظر لنا نظرات الخجل وفضل الصمت والرحيل عن استكمال الحديث حينها سألته عن اسمه قال: " أنا اسمى أشرف عندى 16 سنة "، ولكن فجأة قاطعه صديقه وقال لنا: " لا هو مكسوف وماسموش الحقيقى أشرف هو اسمه مرسى بس هو خايف ". حينها عزم على الرحيل لتكون تلك أولى أرواح " عشش رملة بولاق " التى ما زالت تصارع للحياة. الصورة القادمة.. رغم أنه فى نظر الكثير " متخلف عقليّا " يتمنى أن يعيش إنسانًا.