" أبراج حجبت أشعة الشمس ولم تحجب حرارتها ولا وحرارة الحياة" هكذا رأيتهم يعيشون وراء تلك الأبراج الشاهقة التي تتبع رجل الأعمال نجيب ساويرس، فالكثير منا يعبر يوميا من أمام تلك الأبراج من على كورنيش النيل ولم يخيل له يوما أن وراءها الكثير من القصص التي لا تنتهي. لم أكن أعرف أن تلك الأبراج تخفي وراءها تلك الطفلة التي تمنت أن تكون دكتورة للأطفال لتعالج الغلابة ببلاش، أو ذاك الولد الذي قال: "أنا مش هاخلي أخويا يشتغل.. أنا هاصرف عليه علشان يتعلم" مرورا بتلك التي وقفت وقالت: "أنا نفسي في سقف أوضه يحمينى من البرد في الشتا". لم أتخيل يوما أنه وفي ظل هذه الحياة المليئة بالزخم أن أرى منزلا لا يجيد أهله القراءة ولا الكتابة، ولكن أسماء الله الحسنى لم تختف من "عشتهم" متمنين أن يغيروها لواحدة أفضل منها حيث أصابها بلاء الجو المتقلب. وجدت وسط تلك الشوارع الضيقة أحلاما ضاعت وابتسامة ما زالت تحفر طريقها إلى الأطفال الذين شعروا بعناء الحياة من قبل أن يدخلوها، هكذا هي الحياة وراء برجين من أكبر أبراج القاهرة، حيث التكلفة والجمال، لنرى في النهاية منطقة من أشد المناطق فقرا في مصر " رملة بولاق...عن مصريين عاشوا أمواتا وما زالت أرواحهم تصارع للحياة" الصوره القادمة: من داخل المنطقة "أنا نفسي في أوضة بدل العشة علشان أعمل غية حمام".