كتب “,”جوناثان سكانزير“,” المحلل الاستخباراتي السابق في وزارة الخزانة الأمريكية ونائب رئيس البحوث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، في صحيفة “,”ذي أتلانتيك“,” الأمريكية، تقريرًا حول مستقبل حركة حماس وفق ما اعتبره “,”خسارة“,” الحركة للربيع العربي. يقول التحليل إن الجماعة الفلسطينية تواجه نزاعًا مع إيران وحزب الله وروسيا التي تقف خلف نظام الأسد في سوريا، ومكاتب القيادة الخارجية لحماس مهجورة منذ فترة طويلة في دمشق، بعد أن تخلت الحركة عن إيران “,”محور المقاومة“,”. ولم يرق ذلك لملالي إيران، وأشارت تقارير خبرية أن إيران خفضت بشكل حاد المساعدة المالية لحماس لأكثر من 100 مليون دولار سنويًّا في الأشهر الأخيرة، بينما ينفي مسئولون من حماس صحة هذه التقارير، ويرجح المحلل السياسي جوناثان أن إيران مازالت تواصل تقديم أسلحة إلى الفصائل الفلسطينية، ولكن العلاقة متوترة بينهما. وتصف الصحيفة الربيع العربي بالنسبة إلى حماس بأنه “,”قاس“,”، والاختلاف مع إيران هو مجرد مثال واحد، فالحركة فشلت في الاستفادة من صعود الحكومات الإسلامية الأخرى في المنطقة، وبدلاً من ذلك يجد الفصيل الإسلامي نفسه في “,”نقطة انعطاف غريبة“,”؛ حيث تقيم تحالفات أيديولوجية ولكنها تحالفات “,”غير صحيحة“,”، وفقًا للمحلل السياسي في “,”ذي أتلانتيك“,”. حماس الآن في مفترق طرق، وذلك شيء كان غير متوقع قبل ثلاث سنوات؛ حيث عززت الحركة من مكانتها الإقليمية، وبدا من الطبيعي بعد صعود الإخوان إقليميا في أعقاب اضطرابات الربيع العربي، أن تندمج حماس بشكل سلسل في الشرق الأوسط الجديد. وملأت القوى الثلاث “,”مصر وقطروتركيا“,” المرتبطة بجماعة الإخوان الفراغ الناشئ عن مغادرة إيران، وساهمت قطر في تمويل مشاريع البناء في غزة، ودعمتها بشكل أكثر سخاء، ويعتقد أن تركيا قدمت أموالاً إضافية في بناء مستشفيات ومساجد في القطاع الساحلي، بالإضافة إلى بيعها مجموعة واسعة من المنتجات الاستهلاكية، أما مصر التي تغرق في الديون، وغير قادرة على تمويل حماس، فقد جاهدت حكومتها برئاسة مرسي الإخواني في إخراج حماس من العزلة. وانعكست تلك الترتيبات بشكل واضح في اختيار قيادة الحركة الأخيرة، مثل خالد مشعل مسئول المكتب السياسي، وموسى أبو مرزوق المتحدث الرسمي لوسائل الإعلام، إضافة إلى قيادات في الأردن ولبنان، ورئيس الوزراء إسماعيل هنية. ولكن منذ رحيل حماس عن دمشق وهي تبدو في هيكلها أقرب إلى السلك الدبلوماسي منها إلى حركة مقاومة. ووصفت الصحيفة مشعل بأنه ذو مكانة “,”هشة“,” في السنوات الأخيرة، وأشارت العديد من التقارير أنه مستعد للتنحي، وعملية انتخابه الأخيرة يشوبها الغموض، بعد أن تأجلت عدة مرات بسبب مسائل فنية. ولايزال اتجاه حماس تحت قيادة مشعل غير واضح، وحتى تنال الحركة الصفة الشرعية عليها الانضمام إلى منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن من غير الواضح كيف “,”ستتكاتف“,” الحركة الإسلامية مع منظمة التحرير الفلسطينية التي تتناقض معها في برنامجها، فمنظمة التحرير منفتحة للحوار مع إسرائيل على النقيض من برنامج حركة حماس. ويبدو أن مشعل سيعكس النفوذ المالي لقطر أكثر من النفوذ السياسي لشخصه، وتركيا من جهتها كانت أقل تأثيرًا من قطر على عملية صنع القرار في حماس، وكرس رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان نفسه لكسر عزلة حماس، ووصفها أمام قناة تلفزيونية أمريكية بأنها “,”حزب سياسي وليست منظمة إرهابية“,”. وقال أردوغان في 2011 أنه خصص من وزارة المالية لحركة حماس 300 مليون دولار، إضافة إلى مساعدة تركيا لحماس في إعادة بناء أراضيها بعد حرب 2012 مع إسرائيل. أما علاقة حماس بالإخوان في مصر، يقول جوناثان إنه لا يمكن التنبؤ بها، بعد انتخاب مرسي الإخواني في عام 2012 كان متوقعا أن تدخل حماس “,”حقبة جديدة“,” من العلاقات الدافئة مع مصر، بعد صعوبات واجهتها مع حسني مبارك، وعلى الرغم من ذلك توترت العلاقات بين البلدين، مصر وغزة؛ بسبب عنف الجماعات الجهادية في سيناء، والأنفاق التي تسمح لحماس بتهريب الوقود، واحتمالية أن تقوم حماس بعمليات في مصر عن طريقها، الأمر الذي تنفيه حماس. وأشار المحلل الاستخباراتي أن هناك “,”حرب باردة“,” بين حماس والأجهزة الأمنية في مصر، وارتفعت حدة التوتر بينهم العام الماضي، عندما هاجم الجهاديون موقعًا عسكريًّا مصريًّا في رفح وقتلوا 16 جنديًّا مصريًّا، وتواصل مصر مصادرة الأسلحة والمتفجرات في سيناء، ويعتقد أنها مرسلة إلى قطاع غزة، بما في ذلك الصواريخ قصيرة المدى والمضادة للدبابات، وأغلقت مصر 23 نفقا للتهريب في شهر مايو فقط، مما أجبر حماس على إعادة التفكير في “,”إستيراتيجية المقاومة“,” التي تنتهجها. واستعرضت الصحيفة تاريخ الأنفاق في غزة، تم إنشاؤها في السنوات الأولى من الانتفاضة الثانية 2000-2005 لنقل صواريخ الهاون إلى القطاع، ومع إقامة إسرائيل للجدار الأمني أصبحت الأنفاق شريان الحياة الأساسي لكثير من السلع الأساسية لحماس، إضافة إلى أنه مصدر مربح للحركة من الضرائب التي تجنيها. وأرجعت الصحيفة تمسك حماس بالأنفاق بدلاً من فتح الحدود فوق الأرض مع مصر، لإتاحة تدفق حر للبضائع، وهذا ما يفسر عدم قطع العلاقات مع إيران، ففي شهر سبتمبر من العام الماضي التقى محمود الزهار، مؤسس لحركة حماس، مع مسئولين إيرانيين في طهران، واعترف الزهار حينها بأنه لا يمكن لأحد تجاهل أهمية إيران في القضية الفلسطينية. وأشارت الصحيفة إلى أن إيران يمكن أن تمثل تهديدًا لحماس؛ حيث يمكن لإيران توجيه هجمات ضد المصالح المصرية في سيناء، وتهديد العلاقات المتينة بين حماس والقاهرة، ويمكن أن تمول وتدرب بعض الجماعات الجهادية في غزة، وقادة حماس تعرف أنهم سيدفعون الثمن إذا وجهت إيران هجومًا بالوكالة على إسرائيل، فأي عملية إسرائيلية ضد غزة يمكن أن تضعف قدرة حماس على الإمساك بالسلطة. وتمر حماس في الوقت الراهن بتغييرات كبيرة ومستمرة، ويبدو أنها فقدت شهيتها ل“,”الصراع“,”، الأمر الذي دفع عددًا من المراقبين للدفاع عن الحركة، وإقناع قادتها بالتخلي عن العنف، ولكن الصحيفة تستبعد ذلك مع تأكيدها على “,”عملية التحول“,” في الحركة، ولم تحدد ماهية هذا التحول.