نعوم تشومسكي، الحالة استثنائية المثيرة للجدل في أميركا والعالم، اليهودي الذي اتُهم بمعاداة السامية لانحيازه إلى القضية الفلسطينية، والقضايا العربية، أخيرا أمام الكاميرا؛ حيث تعرض حياته على شاشات السنيما في فيلم تسجيلي. قام المخرج ميشال غوندري (الفرنسي) بصناعة فيلم ديكو دراما، حمل اسم «حديث حيوي مع نعوم تشومسكي» سيبدأ عروضه في الصالات الأمريكية اليوم الأربعاء في 30 أبريل. المثير أن تشومسكي، لم يثر الجدل في أمريكا وحدها بل أدى إلى حالة من الجدل واسعة في فرنسا أيضا حيث استقبل استقبال الفاتحين في السبعينيات لدرجة أن الفيلسوف لاكان طلب مقابلته والشاعر والمفكر جان بيار فاي قارنه بسولجنستاين. لكن بعد سنوات عشر، أدى تأييد تشومسكي لروبرت فورسون ومن بعدها تأييده للقضايا العربية والحق الفلسطيني إلى ارتداد كل هؤلاء عليه ومنذ ذلك الوقت، تحوّل إلى هدف دائم لليسار، الذي رأى في تأييده لفورستون، قناعًا لمعاداة السامية: ومن هؤلاء برنار هنري ليفي وفينكيل كروت وتاكبيف، وحتى إليزابيت رودنسكو أو فيليب كوركوف الذي اتهموه بالفكر "التبسيطي" لدرجة اتهامه بأنه "عدو الشعب الأول". الفيلم الذي تبدأ عروضه اليوم يعرض ليس فقط لحياة تشومسكي التي عرضها ميشال فوكو في كتابه عن تشومسكي "حياة فلسفية"؛ بل يعرض لشخصيته وسماته التي أهم اوجهها الثورة والتمسك بعدم التنازل عما يؤمن علاوة على العناد! إنه أعند الفلاسفة، وأكثرهم تشبشًا بحقائقه. لكن ما دعم هذا التمسك اتصاف تشومسكي العالم، بالعقلانية واتباع المنهج العلمي فهو غالبًا ما ربط السلوك بعلم النفس، والبيولوجيا، واعتبر أن أعمال بارت ولاكان، ودريدا وما بعد الحداثية ما هي الا مرض عقلي، فمراجعة ديكارت وراسل أو ديوي، لإيمانه بالعقل ووجود حقائق موضوعية، صلبة، قابلة علميًا للبرهان بفضل التجارب. تشومسكي الذي نقد اليهود والصهيونية رغم كونه يهودي الديانة، ونقد الليبرالية الأمريكية رغم كونه أمريكيا نشأ في فيلادلفيا، والناقد للماركسية واتهم بالانحياز للفوضوية؛ يعرض اليوم على شاشات السنيما وسط انتظار وترقب من قبل كل من الجمهور والفلاسفة والسياسيين.