أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر منصته "تروث سوشيال" أن الصين يمكنها الاستمرار في شراء النفط الإيراني، وذلك بعد إعلان وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، وهي تهدئة جاءت عقب ضربات جوية أميركية استهدفت 3 منشآت نووية إيرانية، هذا الإعلان، الذي لم يأتِ في سياق بيان رسمي، أحدث صدمة داخل دوائر القرار في واشنطن، وأثار تساؤلات حول مدى استمرارية العقوبات الأمريكية، وواقعية خطاب الضغط الأقصى الذي لطالما تبنته إدارة ترامب تجاه إيران. الهدنة الهشة: قصف ثم مصافحة إعلامية
جاء الإعلان عن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل كمنعطف غير متوقع في التصعيد المتصاعد بين الطرفين، خاصة بعد الضربات الأمريكية الأخيرة، وقد بدا أن ترامب يحاول توظيف هذا التطور لفتح قنوات ضغط جديدة، ليس فقط على إيران، بل أيضًا على الصين، إلا أن توقيت تصريحه المتعلق بالنفط الإيراني أثار الارتباك، لا سيما وأنه جاء في وقت لم تُعلن فيه الإدارة عن أي تغييرات رسمية في سياسة العقوبات.
التناقض بين القول والفعل
رغم لهجة التصريح التي توحي بتخفيف العقوبات، سارع البيت الأبيض لاحقًا للتأكيد على أن العقوبات لا تزال قائمة، وأن دعوة ترامب كانت تهدف لتشجيع الصين على شراء "النفط الأمريكي الرائع" بدلاً من الإيراني. إلا أن واقع الأمر يكشف عن تناقض واضح بين رسائل الإدارة، خاصة أن مسؤولي وزارتي الخزانة والخارجية – المعنيين بتطبيق العقوبات – لم يكونوا على علم مسبق بتصريح ترامب، ما يسلط الضوء على حالة من الفوضى أو الارتجال في عملية اتخاذ القرار.
الأثر الاقتصادي والسياسي: النفط في قلب العاصفة
أسواق النفط التقطت الإشارة فورًا، إذ تراجعت الأسعار بنحو 6% بعد إعلان ترامب، مدفوعة بانخفاض المخاوف من تصعيد عسكري في الشرق الأوسط، وكذلك بإشارات محتملة لتخفيف القيود على تدفقات النفط الإيراني، ولكن خلف هذا التراجع تكمن رهانات جيوسياسية أعمق، إذ تمثل تصريحات ترامب محاولة لخلق توازن معقد بين الاستمرار في الضغط على إيران، وبين تليين الموقف تجاه الصين في سياق محادثات تجارية متعثرة.
الصين.. بين تحدي العقوبات ومغازلة التفاهمات لطالما اعتبرت الصين العقوبات الأمريكية على إيران إجراءً أحاديًا وغير قانوني. وقد استمرت في استيراد النفط الإيراني، رغم التهديدات الأميركية. ومن هنا، قد تبدو تصريحات ترامب بمثابة رسالة مزدوجة: فتح نافذة تفاهم اقتصادي مع بكين، وإرسال إشارة مرونة في وقت تحاول فيه واشنطن إعادة التفاوض على قواعد التجارة العالمية مع العملاق الآسيوي.
داخل الإدارة.. انقسام أم مناورة تكتيكية؟
وصف سكوت موديل، المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية، ما جرى بأنه "عودة إلى تطبيق متساهل للعقوبات"، في تلميح إلى وجود توجه مقصود خلف تصريح ترامب، في المقابل ترى مصادر أخرى أن ما حدث هو ارتجال سياسي قد تكون له عواقب قانونية واستراتيجية، خصوصًا إذا فُسّر كإخلال بالتزامات واشنطن تجاه حلفائها أو ضعف في تنفيذ سياساتها العقابية.