«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المواجهة المنتظرة.. سيناريوهات الحرب والردع الأمريكى - الإيرانى

لم يعد السؤال «متى تندلع الحرب الأمريكية-الإيرانية؟» بل ما طبيعة الصراع الحالى، وأشكاله غير التقليدية، التى لا تتوقف عند الضغوط الاقتصادية، الحروب السيبرانية، استخدام الوكلاء، والضربات الموضعية، ومستقبل التصعيد العسكرى.
رؤية الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للصراع مع إيران خلال ولايته الثانية تجسيد لنهج قاسٍ يعكس رؤيته الاستراتيجية للأمن القومى الأمريكى ومواقفه من التهديدات التى تمثلها إيران، بعدما بدأ ترامب بتصعيد مواقفه بشكل غير مسبوق، ليتبنى موقفًا أكثر وضوحًا تجاه طهران.
وحذّرت إيران، مؤخرًا، من أى عمل عسكرى ضدها، كما توعّدت بردّ حاسم، فيما قال مندوب إيران فى الأمم المتحدة، أمير سعيد عرفانى: «أى عمل عسكرى سنرد عليه بشكل حازم».
وكان ترامب قد هدد بقصف إيران إذا لم تتوصل إلى اتفاق مع واشنطن بشأن برنامجها النووى، بينما تتوالى التصريحات الإسرائيلية بأن تل أبيب لن تسمح لطهران بحيازة سلاح نووى، وأُثيرت سابقًا سيناريوهات لضربة إسرائيلية تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، لكنها لم تتحقق!.
يكمل ترامب حاليًا ما أقدم عليه خلال ولايته الأولى فى 2017، حيث كان ملف البرنامج النووى الإيرانى إحدى الأولويات الأساسية فى سياسته تجاه إيران. خرج ترامب عن اتفاق «خطة العمل الشاملة المشتركة» (الاتفاق النووى الإيرانى) الذى وقعته إيران فى عام 2015، معتبرًا أنه «اتفاق سيئ».
لم يعبأ ترامب بنصائح الدول الكبرى (المملكة المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، وألمانيا) التى شاركت فى التوقيع على الاتفاق نفسه، بعدما أصبح على قناعة بأن الاتفاق لم يقلّص القدرات النووية الإيرانية، وأن تخفيف العقوبات أفاد طهران فى توسيع نطاق مخططاتها لزعزعة الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط. حاليًا، أضافت الحكومة الأمريكية، إلى جانب العقوبات الاقتصادية، الضغط الدبلوماسى والعسكرى، بما فى ذلك التحركات العسكرية فى منطقة الخليج العربى، وتعزيز وجود القوات العسكرية فى المنطقة. لذا، لا يمكن القول أن هناك تحركًا نحو «التفاوض» أو «التسوية» مع إيران رغم ما تقوم به «قنوات» غير مباشرة.
ويتصاعد الخطاب الأمريكى ضد إيران مؤخرًا، إذ يتبنى ترامب نهجًا أكثر صرامة فى تحديد الموقف الأمريكى تجاه «التهديد الإيرانى»، وهو ما يُترجم إلى تصريحات حادة وتحركات عسكرية أكثر جرأة، مقارنة بما كان عليه خلال ولايته الأولى، التى ركّزت على فرض العقوبات والضغط على إيران عبر وسائل اقتصادية.
الاحتقان العسكرى
يعتقد مراقبون أن المواجهة العسكرية الشاملة بين الدولتين أمر محتمل فى ظل التوترات المستمرة، لكن فى الواقع، تظل هذه المواجهة مستبعدة إلى حد كبير، كون التوازن العسكرى والاستراتيجى بين الجانبين يجعل الحرب الشاملة خيارًا مكلفًا يحمل مخاطر لا يستطيع أى طرف تحملها بسهولة.
وبعد نشر قاذفات أمريكية ثقيلة من طراز «بى- 2» فى قاعدة دييجو جارسيا، أشار على لاريجانى، مستشار المرشد الإيرانى على خامنئى، إلى أن «أى خطأ أمريكى تجاه النووى الإيرانى سيجبرنا على اتخاذ مسارات أخرى، وقد يضطرنا تحت ضغط الشعب إلى تصنيع سلاح نووى».
وهدد ترامب إيران ب «قصف لا مثيل له، وفرض رسوم جمركية ثانوية عليها إذا لم تتوصل طهران إلى اتفاق مع واشنطن بشأن برنامجها النووى»، وفق حديث هاتفى مع شبكة «إن بى سى» الأمريكية، فيما حذرت إيران من أنها ستستهدف جزر تشاجوس، التى تضم قاعدة دييجو جارسيا الأمريكية-البريطانية.
ونقلت الولايات المتحدة حوالى 4 قاذفات شبحية بعيدة المدى من طراز «بى- 2» إلى القاعدة المذكورة، وسط المحيط الهندى، التى تبعد حوالى 4 آلاف كيلومتر عن إيران، لاسيما أن القاعدة تنطلق منها العمليات الأمريكية فى منطقة الشرق الأوسط، كما فى الهجمات الأخيرة على اليمن، وقبلها العراق وأفغانستان.
تمتلك إيران قدرات عسكرية متعددة تجعلها قوة إقليمية مؤثرة، لكنها لا تملك قوة عسكرية تقليدية قادرة على خوض حرب شاملة ضد الولايات المتحدة أو إسرائيل، حيث إنها تعتمد إلى حد كبير على استراتيجيات غير تقليدية (حرب العصابات، الحرس الثورى الإيرانى، ووكلاؤها فى المنطقة).
قدرات إيرانية
يمكن تقسيم القدرات العسكرية الإيرانية إلى قوات تقليدية تشمل الجيش الإيرانى، الذى يتمتع بقدرات متوسطة فى مجال المعدات العسكرية، لكن العديد من أسلحته قديمة وقد لا تكون قادرة على مواجهة أحدث الأسلحة الأمريكية أو الإسرائيلية.
رغم ذلك، يمكن للجيش الإيرانى أن يلعب دورًا كبيرًا فى أى صراع إقليمى محدود، خصوصًا فى حالة استخدام تكتيكات غير تقليدية أو الاستفادة من التضاريس الجغرافية، فيما تمتلك إيران قوة بحرية تُعتبر من أبرز نقاط قوتها فى الخليج العربى.
لكنها فى المقابل تفتقر إلى أسطول بحرى ضخم مثل الذى تمتلكه الولايات المتحدة، إلا أن لديها عددًا كبيرًا من الزوارق السريعة والغواصات الصغيرة التى يمكن استخدامها لشنّ ضربات سريعة على السفن الحربية الأمريكية أو المنشآت النفطية فى الخليج.
أما القدرات الصاروخية الإيرانية فتشمل صواريخ باليستية ومنظومات طائرات مسيّرة، تشكل تهديدًا مباشرًا للولايات المتحدة وحلفائها فى المنطقة، وقد طوّرت إيران فى السنوات الأخيرة ترسانتها من الصواريخ بعيدة المدى القادرة على استهداف مواقع استراتيجية.
تستفيد إيران بشكل كبير من الحرب بالوكالة، حيث تملك شبكة من الميليشيات المسلحة المنتشرة فى العديد من دول الشرق الأوسط، مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، حيث تستخدم هذه الجماعات كأذرع عسكرية لتوجيه ضربات غير مباشرة إلى مصالح الولايات المتحدة وحلفائها فى المنطقة.
فى المقابل، تمتلك الولايات المتحدة تفوقًا عسكريًا تقليديًا عبر الأسلحة المتطورة مثل الطائرات المقاتلة، الطائرات المسيّرة، الأسلحة النووية، والقدرة على التدمير الهائل من خلال الأساطيل الحربية التى يمكن نشرها بسرعة فى المياه الإقليمية.
وتلعب إسرائيل دورًا محوريًا فى تشكيل السياسات الأمريكية تجاه إيران، عبر سعيها لمنع إيران من الحصول على سلاح نووى. هذا الهدف هو إحدى الأولويات الرئيسية للسياسة الإسرائيلية، التى تعتمد على الضغوط السياسية والعسكرية ضد إيران.
وتمارس إسرائيل ضغوطًا شديدة على الولايات المتحدة، سواء فى مجال التحالفات الدولية أو فى المجال السياسى الداخلى، وتواصل حشد الدعم الدولى لسياسات واشنطن المتشددة تجاه إيران، وتحاول إقناع الإدارة الأمريكية بضرورة تكثيف العقوبات المفروضة على طهران.
الحلفاء والوسطاء
رغم التصعيد المستمر بين الولايات المتحدة وإيران، يبقى السؤال الأهم: هل هناك نافذة دبلوماسية يمكن أن تساهم فى تهدئة التوتر أو دفع الأطراف نحو تسوية سياسية؟ خاصة أن إيران تعتمد بشكل كبير على دعم حلفائها فى المنطقة والعالم لتحديد موقفها فى مواجهة الضغوط الأمريكية.
وردّت روسيا على التهديد الأمريكى بضرب منشآت إيران النووية بالتحذير من أن ذلك ستكون له عواقب كارثية على المنطقة بأسرها. وقال سيرغى ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسى، إن بلاده تعتبر تلك «التهديدات وسيلة لفرض الإرادة الأمريكية على الجانب الإيراني».
تنظر روسيا والصين إلى هذه الأزمة من زاويتين مختلفتين، لكنهما متوافقتان بشكل عام فى محاولة احتواء التأثيرات الأمريكية فى المنطقة وتعزيز مواقفهما الاستراتيجية. روسيا، التى تحظى بعلاقة استراتيجية مع إيران وتعتبرها شريكًا رئيسيًا فى الشرق الأوسط، تفضل أن تبقى إيران صامدة فى مواجهة الضغوط الأمريكية.
وفيما تعزز روسيا تعاونها العسكرى والدبلوماسى مع إيران لتفادى انهيار نظامها، فإنها تدعو إلى حل دبلوماسى للأزمة، لكنها لا تميل إلى الضغط على إيران للقبول بتسوية تقليدية قد تضر بمصالحها الاستراتيجية، حيث ترفض العقوبات الأمريكية بشكل صارم.
أما الصين، فتتبنى أيضًا موقفًا داعمًا لإيران، لكنه أكثر حذرًا. فرغم أن بكين تسعى لتعزيز علاقتها الاقتصادية مع طهران من خلال الاستثمار فى قطاعى النفط والغاز الإيرانى، إلا أنها لا ترغب فى تصعيد الأزمة بشكل يؤدى إلى مواجهة شاملة بين إيران والولايات المتحدة.
وتدعو الصين إلى العودة إلى الدبلوماسية والتفاوض، وسبق أن عبّرت عن رفضها للعقوبات الأمريكية، مؤكدة ضرورة أن تظل طهران جزءًا من الاتفاق النووى وأن تُستأنف المحادثات. وفى الوقت نفسه، تدرك الصين أن وجود إيران القوى فى المنطقة يعزز مصالحها الاقتصادية ويمنحها نفوذًا فى مجال الطاقة.
أوروبا والخليج
أوروبيًا، تواجه دول الاتحاد الأوروبى تحديًا كبيرًا فى أن تصبح وسيطًا فعّالًا بين إيران والولايات المتحدة. فهى تؤيد الاتفاق النووى الإيرانى منذ البداية، لكنها تجد نفسها فى موقف صعب بين الحفاظ على علاقاتها مع إيران واتباع سياسة الولايات المتحدة التى تعتمد على «الضغوط القصوى».
يتأرجح الموقف الأوروبى بين التمسك بالاتفاق النووى ومواصلة دعوة إيران للامتثال للالتزامات الدولية، ودعم المفاوضات اللاحقة حول الملف النووى خلال السنوات الأخيرة. فى المقابل، تشعر إيران أن أوروبا ليست قادرة على تحدى هيمنة العقوبات الأمريكية.
تُعدّ دول الخليج عنصرًا مهمًا فى المعادلة الإقليمية، إذ تشكل مواقفها المتباينة تجاه إيران أحد العوامل التى تحدد طبيعة التفاعلات الدبلوماسية فى المنطقة. ورغم تنسيق دول الخليج علاقاتها مع الولايات المتحدة فى قضايا الأمن الإقليمى، إلا أن علاقاتها مع إيران شديدة التعقيد.
تبحث دول الخليج عن كيفية مواجهة التهديدات الإيرانية دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة، من خلال تجنب التصعيد الذى قد يؤدى إلى حرب مفتوحة، مع الحرص على تقليل التوتر العسكرى مع إيران. وفى الوقت نفسه، تسعى هذه الدول إلى تقوية تحالفاتها مع واشنطن لتعزيز قدراتها الدفاعية.
وتعمل دول الخليج على تحقيق توازن بين احتواء إيران من جهة، والاحتفاظ بعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة من جهة أخرى. إلا أن هذه السياسات لا تخلو من التحديات، خصوصًا فى ظل الضغوط الأمريكية المتزايدة من جهة، ورغبة إيران فى تحقيق مصالحها الإقليمية من جهة أخرى.
الحرب السيبرانية
تلعب التكنولوجيا دورًا واضحًا فى الصراع الأمريكى-الإيرانى، عبر الحروب السيبرانية التى تشمل الهجمات الرقمية لتعطيل الأنظمة الإلكترونية، سرقة البيانات، وشن هجمات على البنية التحتية الحيوية للدول المعنية، حيث يتداخل الأسلوبان الهجومى والدفاعى.
وطوّرت الولايات المتحدة وإسرائيل قدرات سيبرانية متقدمة تستهدف إيران مباشرة بهدف تعطيل برنامجها النووى، فى حين أن إيران أيضًا دخلت ساحة الهجوم السيبرانى، مستهدفة البنية التحتية للدول الغربية، وفى مقدمتها الولايات المتحدة وإسرائيل.
تتواصل الهجمات السيبرانية ضد إيران، مستهدفة برامجها النووية والعسكرية، بالإضافة إلى البنية التحتية الحيوية (الكهرباء، المياه، النقل، الاتصالات، والخدمات المالية). فالهجمات على هذه الأنظمة يمكن أن تكون مدمرة للغاية، وقد تؤدى إلى تعطيل الاقتصاد الوطنى وتضرر الحياة اليومية للمواطنين.
دور الوكلاء
فى حالة الصراع الإيرانى-الأمريكى والإسرائيلى، يعد استخدام الوكلاء حلًّا استراتيجيًا فى المناطق ذات الأهمية الجغرافية والسياسية الكبيرة. فحزب الله فى لبنان، والحوثيون فى اليمن، وفصائل الحشد الشعبى فى العراق، وغيرهم من الفصائل المسلحة التى تدعمها إيران، يلعبون دورًا رئيسيًا فى هذا الصراع.
من خلال دعم إيران لهذه الفصائل المسلحة، تحاول طهران خلق خطوط دفاع استراتيجية فى مناطق مختلفة من الشرق الأوسط، وهذا الأمر يتيح لها القدرة على تنويع أساليب الصراع وتوجيه رسائل سياسية وعسكرية متعددة للولايات المتحدة وحلفائها، رغم الضربات المتلاحقة التى حدت من قوة هذه الجماعات.
تتعدد السيناريوهات المحتملة لتوظيف هذه الفصائل، لكن أخطرها قد يكون الإقدام على استهداف قواعد عسكرية أمريكية بالصواريخ والطائرات المسيّرة. وهذا السيناريو قد يجر المنطقة إلى حرب شاملة مع القوى الكبرى، حيث ستستمر القوى الإقليمية فى اللعب على ساحة المعركة غير المباشرة.
ومع ذلك، فإيران التى تسعى دائمًا إلى تشكيل تحالفات مع الفصائل المسلحة فى المنطقة، وتوظيف هذه الجماعات كوسائل لتحقيق أهدافها الإقليمية، لا تملك سيطرة مطلقة على هذه الكيانات، كون بعض الفصائل لديها أجندات شبه مستقلة قد تتناقض مع مصالح إيران، أحيانًا.
توازنات الصدام
تتعدد سيناريوهات مستقبل الصراع الإيرانى الأمريكى (المدعوم من إسرائيل) بعدما أصبح يشكل أحد أكثر القضايا تعقيدًا فى الشرق الأوسط، وتتعلق السيناريوهات بكيفية إدارة إيران لبرنامجها النووى، وعلاقاتها مع القوى الكبرى، وكذلك تفاعلاتها مع التوترات الإقليمية.
الملف النووى الإيرانى أصبح مصدرًا رئيسيًا للتوتر، رغم أن إيران لا تزال تحافظ على الانخراط فى مفاوضات مع المجتمع الدولى، والتسوية مع القوى الكبرى لتخفيف العقوبات المفروضة، وتجنب العزلة الاقتصادية الكاملة، عبر توسيع دائرة علاقاتها التجارية مع دول أخرى كالصين وروسيا ودول آسيوية وأفريقية.
غير أنه فى حال أى تدخل عسكرى مباشر من الولايات المتحدة وحلفائها، يواجه صعوبة أكبر فى تحجيم إيران، خاصة مع القدرات العسكرية الإيرانية، حيث تمتلك طهران قوات مسلحة متطورة نسبيًا، وشبكة وكلاء إقليميين، يمكنهم تعزيز قوتها العسكرية.
لدى إيران أيضًا قدرات دفاعية وهجومية، تشمل صواريخ دقيقة، وأسطول طائرات مسيّرة، وبالتالى، فإن توازن القوى الحالى فى الشرق الأوسط يجعل من فكرة غزو إيران أمرًا معقدًا وصعبًا، كما أن تحديات السياسة الداخلية الأمريكية قد تمنع تكرار تجربة غزو العراق 2003.
هذه المعطيات ستجعل الإدارة الأمريكية أكثر حذرًا فى اتخاذ قرار الحرب ضد إيران، ما يعنى أن أى نية لمواجهة مفتوحة مع إيران ستراعى بشكل مسبق توازنات المنطقة، حيث لا تزال إيران تعتمد بشكل كبير على استراتيجية الدفاع المتقدم، عبر مواجهة التهديدات خارج حدودها.
اللافت أيضًا أن ترامب لم يقدم أى بديل عملى أو استراتيجى للوصول إلى ما أعلنه من أهداف، مما يجعل سياساته محل انتقادات على الصعيدين المحلى والدولى، إذ يعتبر البعض أن النهج الذى يتبعه ترامب لا يحقق تقدمًا ملحوظًا فى تقليص الطموحات النووية الإيرانية.
يراهن مراقبون وأوساط سياسية إقليمية ودولية على أن التصعيد مجرد تكتيك تفاوضى، بدليل أن السنوات الأخيرة أظهرت أن إيران والولايات المتحدة قد تكونان على وشك مواجهة عسكرية كبيرة، لكنهما تتجنبان المواجهة الشاملة عبر الضربات الموضعية.
2
4


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.