يشهد مقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة "الاتحادية" حالة من العمل على قدم وساق للانتهاء من التجديدات الخاصة بأعمال الدهانات والصيانة وتنسيق الحدائق والأرضيات ودهان الأسوار وتنظيف المفروشات والسجاجيد واللوحات والصور والأجهزة الكهربائية والإلكترونية، استعدادًا لاستقبال الرئيس الجديد. بينما يواظب المستشار عدلي منصور، رئيس الجمهورية، على الحضور إلى مكتبه في تمام الساعة الثامنة صباحا لمتابعة كل الأحداث السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع اللواء عبد المنعم فودة، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، والسفير إيهاب بدوي، المتحدث باسم الرئاسة، ويُجري بعدها عددا من الاتصالات مع كبار المسئولين على رأسهم المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء والفريق أول صدقي صبحى وزير الدفاع والإنتاج الحربي، واللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، ونبيل فهمي وزير الخارجية، للاطمئنان على الأوضاع الداخلية والخارجية، ويغادر مكتبه في تمام الثامنة مساء. أما اللواء عبد المنعم فودة الذي عاصر الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك والمعزول محمد مرسي والمؤقت عدلي منصور، فيمارس مهام عمله داخل القصر دون تغير، وكل المؤشرات تؤكد استمراره مع الرئيس المقبل، حيث تم تعيينه كبيرا ل"الياوران" قبيل خلع مبارك ب4 سنوات، وأصدر المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري في الفترة الانتقالية قرارًا بتولي فودة رئاسة اللجنة المالية والإدارية في القصر، عقب عزل الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئاسة الجمهورية في عهد "مبارك"، وعقب تولي المعزول محمد مرسي تم إعادته إلى مكانه الأصلي كبيرا ل"الياوران"، حيث حاولت جماعة الإخوان بشتى الطرق جذبه إلى صفوفها عن طريق رئيس ديوان رئيس الجمهورية السفير رفاعة الطهطاوي، والدكتور أحمد عبد العاطي مدير مكتب الرئيس، والدكتور ياسر علي المتحدث باسم الرئاسة، وجميع مستشاري المعزول، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل. وعقب فشل كل محاولات رجال مرسي تولى المعزول بنفسه الأمر وبدأ يصطحبه في بعض الجولات خارج القصر لاستمالته، وفشلت أيضا محاولة مرسي حيث ظل الرجل ثابتا على مبادئه. فودة أبلى بلاء حسن طيلة الفترة الماضية، فالرجل يلازم "المؤقت" في كل تحركاته واحتفالاته وجولاته الداخلية والخارجية، ويعد العقل المدبر لأجندة عمل الرئيس وصمام الأمان لمنصور والقصر. أما اللواء محمد زكي، قائد الحرس الجمهوري، ففضّل الولاء لمصر بدلا من الولاء للإخوان ورئيسهم، حيث يعد زكي القائد الوحيد الذي لا يتلقى تعليماته سوى من رئيس الجمهورية، وتشمل مهامه حماية الرئيس والنظام الجمهوري بأكمله، يتولى حماية كل القصور الرئاسية ومراكز القيادة ومطارات الرئاسة صاحب المقولة الشهيرة "أنفذ إرادة الشعب الذي جاء بكم.. أنتم معتقلون"، حيث فضّل شرف الواجب الذي أقسم عليه وانحاز إلى ثورة 30 يونيو، ومن قبل انحاز إلى الثوار في أحداث الاتحادية، حيث قال "لن يُعتدى على أبناء الشعب ولا نتوقع أن يعتدي المصريون على الحرس الجمهوري"، مؤكدا أن حق التظاهر السلمي مكفول للجميع والحفاظ على ممتلكات الشعب، وأن قوات الحرس تؤدي دورها في تأمين وحماية النظام الرئاسي والقصور من الداخل، وأزال وقتها كل الحواجز الخرسانية والمعدنية من جوانب الشوارع المحيطة بقصر الاتحادية ونقلها بجوار سور القصر، لتكون حرما للقصر خلال مظاهرات 30 يونيو لحمايته، موضحًا أن الحواجز نقلت لتكون تحت سور القصر لمنع أي احتكاكات بين قوات حماية القصر والمتظاهرين، بهدف عدم التضييق على أصحاب المحال التجارية وسكان المنطقة والحركة المرورية. كما انحاز قائد الحرس الجمهوري إلى الشعب وتحفظ على الرئيس المعزول تنفيذا لإرادة الشعب، كما أن شهادته فيما بعد أمام النيابة كشفت عن أن قوات الحرس الجمهوري رفضت تنفيذ أوامر بقتل المتظاهرين ويمارس مهام عمله في تأمين كل القصور الرئاسية وعلى رأسهم "الاتحادية" قصر الحكم استعدادا لما هو قادم. اللواء محمد رأفت شحاتة، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية السابق مستشار الرئيس للشئون الأمنية، عينه المعزول خلفا للواء مراد موافي لخبرته الطويلة واتصالاته المباشرة مع كل الفصائل الفلسطينية صاحب الدور الكبير في إتمام صفقة مبادلة الأسرى الفلسطينيين بالجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ومنحه الرئيس الفلسطيني محمود عباس وسام نوط القدس تقديرا لجهوده في خدمة الشعب الفلسطيني، حيث يبتعد مستشار الرئيس الأمني عن الإعلام بحكم طبيعة عمله ويمارس مهامه داخل مكتبه بالهيئة الاستشارية، كذا يواظب على حضور اجتماعات مجلس الدفاع الوطني مقدما رؤيته الأمنية لعدد من المشكلات وعلى رأسها طرق مكافحة الإرهاب والحفاظ على الأمن القومي المصري. الرجل لعب دورا كبير في إفساد مخططات دول أجنبية وعربية في اختراق الشأن الداخلي المصري، عقب الانفلات الأمني في أثناء ثورة 25 يناير يمارس مهام عمله على أكمل وجه في انتظار الرئيس المقبل. في الوقت نفسه ما زال اختفاء الدكتور مصطفى حجازي مستشار الرئيس للشئون الاستراتيجية يمثل لغزا غامضا لجميع المتابعين لشئون رئاسة الجمهورية، حيث اختفى عن المشهد السياسي طيلة الفترة الماضية، ما جعل البعض يفسر الأمر بانشغاله بالعمل مع فريق حملة المشير عبد الفتاح السيسي المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية، حيث يقتصر دوره على تفعيل مفوضية الشباب التي كان يعدها من قبل، وتوقفت، ليبدأ العمل على تفعيلها ضمن البرنامج الانتخابي للمشير، والبعض الآخر فسّر الاختفاء بأنه لا يجوز لمستشار الرئيس الاشتراك في الحملة الانتخابية احتراما لطبيعة عمله لذا فضّل الاختفاء. في المقابل كثّف أحمد المسلماني، المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية، من الظهور الفترة الماضية من خلال مشروعه العلمي "تجديد النخبة" وعقد لقاءات مع نخبة من المصريين خريجي الجامعات الأجنبية، والتي وصل عددها إلى 7 لقاءات مع خريجي جامعات هارفارد – كامبريدج - MIT وستانفورد – موسكو – كولومبيا – اليابان للاستفادة من خبرات المصريين خريجي أعرق الجامعات الأجنبية في بناء المجتمع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. أما المستشار علي عوض، مستشار الرئيس الدستوري، فقام بعمل إجازة لمدة أسبوع لأخذ قسط من الراحة عقب الانتهاء من "صداع" قانون الانتخابات الرئاسية وجدل مسألة الطعن على قرارات اللجنة التي خاض فيها "عوض" حربا ضروسا حتى نجح بمعاونة المستشار عدلي منصور بالتصدي للأصوات المطالبة بالطعن على قرارات اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، وفرضا كلمتهما وحصنا قرارات اللجنة من الطعن عليها. وتعيش الكاتبة سكينة فؤاد، مستشارة الرئيس للمرأة، حالة من القلق والتوتر لعدم خروج مشروع قانون التحرش بالمرأة للنور، حتى كتابة هذه السطور، كمحاولة منها لعمل شيء قبل قدوم الرئيس الجديد للبلاد لترك بصمة واضحة تكون في صالحها في حالة اختيارها مجددا في فريق عمل الفريق الرئاسي الجديد. أما الدكتور كمال الجنزوري، مستشار الرئيس الاقتصادي، فاختفى نهائيا عن المشهد بحكم "السن" انتظارا لما هو قادم عقب الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويشذ عن القاعدة السفير إيهاب بدوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، الوحيد الموجود بقوة الذي تولى عددا من الملفات بخلاف الملف الإعلامي والملازم للرئيس كظله في كل لقاءات ومحادثات منصور، معلنا أنه يعمل من أجل المصلحة الوطنية، وزهدا في المنصب، متمنيا استكمال خارطة الطريق وتحقيق أهداف ثورتي 25 يناير و30 يونيو. أما الدكتور عصام حجى مستشار الرئيس العلمي ففضل التزام الصمت وعدم العودة إلى مصر الآن، حيث يقيم في الولايات المتحد الأمريكية "كاليفورنيا"، بناء على تعليمات جهات سيادية عقب تصريحاته العنيفة على اختراع القوات المسلحة جهاز علاج فيروس سي والإيدز.