سعر الدجاج بالأسواق اليوم الاثنين فى المنوفية.. الفراخ البيضاء ب 74 جنيها    قطع الكهرباء عن عدد من قرى المحمودية بالبحيرة لمدة 7 ساعات    قافلة المساعدات ال 54 من زاد العزة تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    التاريخ ويتوج بكأس العالم للشباب    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى العجوزة دون إصابات    مراقب مزلقان ينقذ سيدة حاولت العبور وقت مرور القطار بالمنيا    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر    مونديال الشباب بين أنياب أسود الأطلس، المغرب تطيح بالأرجنتين وتتوج بطلا لكأس العالم    ضوابط إعادة القيد بنقابة المحامين بعد الشطب وفقًا لقانون المهنة    الحكم في طعون المرشحين لانتخابات مجلس النواب 2025 بالدقهلية غدا    ترامب يعلن فرض رسوم جمركية إضافية على كولومبيا اليوم    درجات الحرارة اليوم الإثنين في مصر    حوار مع يسرا وشريف عرفة الأبرز، برنامج مهرجان الجونة السينمائي اليوم الإثنين    الأهلي يحصل على توقيع صفقة جديدة.. إعلامي يكشف    سعر الذهب اليوم الإثنين 20-10-2025 بعد ارتفاعه في الصاغة.. عيار 21 الآن بالمصنعية    ويتكوف: التقديرات بشأن كلفة إعادة إعمار غزة تبلغ نحو 50 مليار دولار    هبوط الأخضر الأمريكي.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الإثنين 20-10-2025    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    «الترحال السياسى».. ظاهرة تثير الجدل فى «الانتخابات البرلمانية»    ارتفاع كبير تجاوز 2000 جنيه.. سعر طن الحديد والأسمنت اليوم الإثنين 20-10-2025    ملخص وأهداف مباراة المغرب والأرجنتين في نهائي كأس العالم للشباب    هل ينتقل رمضان صبحي إلى الزمالك؟.. رد حاسم من بيراميدز    ماكرون: سرقة اللوفر هجوم على تراث فرنسا    كيت بلانشيت: مصر دورها قيادى فى إرساء السلام    ولي العهد السعودي وماكرون يناقشان جهود إحلال الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط    موعد التحقيق مع عمر عصر ونجل رئيس اتحاد تنس الطاولة.. تعرف على التفاصيل    ميلان يقفز لقمة الدوري الإيطالي من بوابة فيورنتينا    عاجل - تفاصيل موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 بعد قرار وزارة المالية    هانى شاكر يُشعل دار الأوبرا بحفل ضخم ضمن مهرجان الموسيقى العربية    يسرا تشعل أجواء احتفال مهرجان الجونة بمسيرتها الفنية.. وتغنى جت الحرارة    والد ضحية زميله بالإسماعيلية: صورة ابني لا تفارق خيالي بعد تقطيعه لأشلاء    وفاة شابة عشرينية بسبب وشم قبل أسبوع من زفافها    مواد غذائية تساعدك على النوم العميق دون الحاجة إلى أدوية    منصّة صيد مشبوهة قرب مطار بالم بيتش تثير قلقًا حول أمن الرئيس الأمريكي ترامب    «سول» تحتجز جنديا من كوريا الشمالية بعد عبوره الحدود البرية    ليبيا.. حفتر يدعو إلى حراك شعبي واسع لتصحيح المسار السياسي    المغرب يرفع ميزانية الصحة والتعليم بعد موجة الاحتجاجات    6 أبراج «نجمهم ساطع».. غامضون يملكون سحرا خاصا وطاقتهم مفعمة بالحيوية    هشام جمال: «فشلت أوقف ليلى عن العياط خلال الفرح»    الذكرى الثامنة لملحمة الواحات.. حين كتب رجال الشرطة بدمائهم صفحة جديدة في تاريخ الشرف المصري    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    قيادة التغيير    ثقافة إطسا تنظم ندوة بعنوان "الدروس المستفادة من حرب أكتوبر".. صور    مضاعفاته قد تؤدي للوفاة.. أعراض وأسباب مرض «كاواساكي» بعد معاناة ابن حمزة نمرة    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. جدل واسع حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في الجونة    محافظ الغربية يجوب طنطا سيرًا على الأقدام لمتابعة أعمال النظافة ورفع الإشغالات    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    الداخلية السورية: القبض على عصابة متورطة بالسطو على البنك العربي في دمشق    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    طارق العشرى: حرس الحدود خلال فترة قيادتى كان يشبه بيراميدز    الذكاء الاصطناعي ضيفًا وحفلًا في جامعة القاهرة.. ختام مؤتمر مناقشة مستقبل التعليم العالي وتوصيات للدراسة والبحث العلمي    تألق لافت لنجوم السينما فى العرض الخاص لفيلم «فرانكشتاين» بمهرجان الجونة    ميلاد هلال شهر رجب 2025.. موعد غرة رجب 1447 هجريًا فلكيًا يوم الأحد 21 ديسمبر    لدغات عمر الأيوبى.. بيراميدز "يغرد" والقطبين كمان    «المؤسسة العلاجية» تنظم برنامجًا تدريبيًا حول التسويق الإلكتروني لخدمات المستشفيات    لجنة تطوير الإعلام تتلقى توصيات المؤتمر العام السادس لنقابة الصحفيين    ندب المستشار أحمد محمد عبد الغنى لمنصب الأمين العام لمجلس الشيوخ    هل زكاة الزروع على المستأجر أم المؤجر؟ عضو «الأزهر العالمي للفتوى» توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذكرياتى مع أبى وأخى محمد نوح
نشر في البوابة يوم 05 - 08 - 2023

عاصرت شقيقي ورافقته منذ حضوري إلي القاهرة في الستينيات وشاهدت كيف كان حزينًا بعد نكسة 1967، وأخذ يغني في كل التجمعات شيلي طرح الحزن السودة والبسي توب الحرية والله حي بكرًا جاي ومدد شدي حيلك يا بلد وجاء نصر أكتوبر 1973.
وتسابق كل الفنانين علي تقديم ما لديهم وازدحمت الاستديوهات. معظم الفنانين ونوح كالأرض الشرقانة لترتوي بالنصر، ليغني ويصرخ.
ورن جرس المنزل وكانت السيدة سميحة أيوب مديرة المسرح الحديث، وطلبت من نوح أن يقابلها فورا في المسرح.
عرضت عليه أن يتم عمل مسرحية تشعل حماس وفرحة المصريين بالنصر وأخبرته أن المخرج عبدالغفار عودة، أحضر شاعرًا من المنصورة لكتابة الأغاني للعمل ولديه اقترح، وحيث لا وقت لكتابة وتلحين أغاني، فالعرض عبارة عن أغاني نوح الحماسية التي كتب معظمها الشاعر الكبير إبراهيم رضوان ويعرفها الشباب يقوم شاعر المنصورة زكي عمر، بعمل ربط بين الأغاني بفقرات تمثيليته يلقيها الفنانون منهم فؤاد أحمد وعبدالسلام محمد وميرفت سعيد ونجوم المسرح، واقترح «نوح» ومن خلال البروفات أن يلقي البيانات العسكرية خلال العرض، وسميت المسرحية باسم «مدد شدي حيلك يابلد».
وجاء يوم الافتتاح والمسرح عن بكرة أبيه والشباب الذي يعرف أغاني نوح يقف في الطرقات وانطلق نوح يصرخ مدد مدد شدي حيلك يا بلد إن كان في أرضك مات شهيد فيه ألف غيره بيتولد، واحميني من ليل الغربة داريني وامسحي بقميصك طيني، أنا ابنك شادد حيلي وفي حبك أقول مواويلي. ويختم بشيلي طرح الحزن السودة والبسي توب الحرية، واطلعي بالقامة المفرودة ع السكك الأخضرانية، يا بلدنا يا أم ولادنا يازادنا يازوادنا.
وتحول المسرح إلي حالة وطنية. يصرخ نوح ويصرخ الشباب فرحًا النصر، وكنا أحيانًا وبعد العرض نخرج ونجد شبه مظاهرات تهتف بالنصر وتردد مدد مدد شدي حيلك يابلد.
في تلك الفترة كنت أجد «نوح» دائمًا يستمع للأسطوانات الغربية أحيانًا موسيقي كلاسيكية ثم كثير لنجوم البوب أمثال توم جونس وچيمس براون، وديمس روسس وأنجل بيرت وبول انكا، وأعجب بما يسمي في تلك المرحلة بال سول ميوزيك، وزاد ثقة في أنه في الطريق القادم والصحيح فقد كان أحيانًا يكتب البعض أن موسيقي نوح غربية ويستخدم آلات غربية فظهر مع أماني ناشد، وتحدث عن أن الآلات وسيلة مثل ماكينة الخياطة تصنع بها بدلة وجلباب وبالطو للدكتور، أنا بقدم ألحان شرقية بوسائط أكثر تأثيرًا للشباب وأنه عازف عود جيد وملم بكل المقامات الشرقية.
زادت معرفة الوسط الثقافي المصري بالنجاح الذي أحدثه محمد نوح في حفلاته وبدأت الشئون المعنوية بالقوات المسلحة والمسئولون عنها منهم العقيد رفعت صقر الانتباه لحالة الحماس التي يبثها محمد نوح فقد غني في معرض الغنائم بعد نصر أكتوبر1973 بأرض الجزيرة موقع الأوبرا الآن وانفعلت حوله الجماهير يهتفون بالنصر وبأعداد رهيبة ويرقص الجنود والمصابون من العساكر علي أغاني المدد واحميني لعبد الرحمن الأبنودي والله حي كلمات إبراهيم رضوان، ولكن كان بعض الأشخاص المسئولون عن الإعلام لا يرحب به ويراه مزعجًا ومُقلقًا وخصوصًا بعد أغانيه في مسرحية كلام فارغ لأحمد رجب وإخراج سمير العصفوري، ونوح ما زال مُنطلقًا يغني للنصر ويصرخ مدد شدي حيلك يا بلد والله الحي.
ولم يترك نوح مكانا في الجبهة إلا ويذهب إليه ويغني للجنود والظباط وينفعل معه الجنود ويزدادون حماسة وكأنه يتم شحنه بحماس الجنود ويعود وينتقل من محافظة إلي أخري ويغني للطلبة في الجامعات من الإسكندريه إلي أسيوط، وكان البعض يهاجمه أن كل اغانيه وطنية وماذا تغني في المناسبات السعيدة وكتب الأستاذ مفيد فوزي في عاموده الشهير سماعي، محمد نوح، وزئير محمد نوح حضر الرئيس السادات أكثر من حفلة لمحمد نوح وكان يعرف أن محمد نوح تنقل مع فرقته بين معظم وحدات القوات المسلحة والجبهة.
وفي أحد الأيام ونحن مجتمعون مع الحاجة نوحة بالمنزل ونتبادل الأحاديث وقد جلست أمي بعد أن أنهت أعمال المطبخ وأعدت طعام الغذاء للقبيلة النوحية، رن جرس التليفون ولاحقته أمي فهي في انتظار مكالمة، فرفعت السماعة بسرعة وأحمر وجهها وهي تردد مين مين والله ما ينفع الهزار كده عيب وأغلقت السماعة وهي غاضبة وقد اكتسي وجهها باللون الأحمر، سألها نوح: مين يا نوحة، أجابت وقد قضبت حاجبيها وما زال وجهها أحمر من حرارة المطبخ وزادها حرارة الموقف واحد بيهزر، ويقول: أنا أنور السادات، لم تكمل ورن جرس التليفون، وكان فوزي عبدالحافظ، مدير مكتب الرئيس، وتلعثم نوح: أيوه يا فندم، أمي الحاجة يمكن مش مصدقة أسف أسف جدا افتكرت حد بيعاكس.
وعلق الرئيس بعد أن أخذ السماعة من مدير مكتبه: قول لأمك يا محمد متقفلش في وش رئيس الجمهورية عيب وضحك وبصوته المعهود، إحنا بنكلفك بمهمة وطنية وأنا عارف دورك وإخلاصك لمصر. أوامر سيادتك، روح يا محمد سينا رجعت والناس يمكن بعضهم مش فاكر كلمة مصر والبلد والأرض، سمعهم مصر وغني وخليهم يغنو لمصر معاك وقول احميني ومدد وشدي حيلك يا بلد.
لقد كنّا ونوح والجنود المصريون أول من دخل سينا بعد خروج الصهاينة وغني نوح وهتفت معه الأهالي من سيناء والجنود المصريون بكل حماس.
ظلت الحاجة نوحة لا تقترب من التليفون لمده تقترب من الأسبوع وطبعا الكل يلاعبها ويضحك ايوه يا نوحة الرئيس.، وأعلّق أنا خايف كارتر يطلبك والله لو أبويا حامد موجود كان زمانه بياخد حقه وتعلق: اختشي ويعلق نوح شوف أمك بتقول كلمة أنا نسيتها من زمان من أيام اليشمك وبين القصرين معقول يا نوحة اختشي أربعيناتي قديمة جدًا.
كنا دائمًا أسرة تحاول البحث عن البهجة هل كان ذلك عوضًا عن إحساس بموت الأب والمسئولية والظروف التي مررنا بها. أمي كانت خفيفة الظل أحيانًا تغني وأخري تقلد إحدي الشغالات أو السائق أو البواب أو أحد من أبنائها كان لقاء الحاجة نوحة مقدس دائمًا لا يتغيب عنه أحد ولم يتوقف إلا بعد موت أمي رحمة الله عليها.
في فرح لإحدي بنات الرئيس السادات وكان نوح يشارك في معظم الاحتفالات الخاصة بالرياسة، وقد كان من ضمن المعازيم الفنان عمر الشريف، وقد دعاه الرئيس للعودة حين قابله في واشنطن، وحضر الحفل معظم الساسة والنجوم من مصر والدول العربية وبعض السفراء وضيوف عرب وأجانب، واندهش «نوح» حين أنهي إحدي أغانيه وطلبت ابنة الرئيس الصغري وبصوت عالي الكوسة يا نوح، وتكرر من أحد الحضور وبصوت عالي الكوسة يا محمد، نظر «نوح» للفرقة ومسح علي وجهه ونظر بنصف عين فوجد الرئيس يضحك ويشاور قول، وأشار «نوح» أن تبدأ الفرقة وبدأ بالموال:
حقولك إيه يا خال علي جري وبكاني سنين طويله شغال والشغل سواني
تقريري في الشغل امتياز ومخلص ومش مرتشي ومعرفش إيه. تانيييييييييي
لحد ما جه ابن أخت السيد الوزير، وهوبا وشغلوه مكاني ومشيت أهلوس لوحدي في مسألة محيراني ليه نزرع القمح في سنين يا بلد. يا بلد يا بلد. ويطلع القرع في ثواني
وزاد الهرج
وارتفعت الضحكات والتصفيق
وأكمل نوح علي الموسيقي ومع السقف
يا بلدنا يا عجيبة
يا بلدنا يا عجيبة
فيك حاجه محيراني
نزرع القمح في سنين
يطلع القرع ف ثواني
كانت دهشتنا جميعًا من مدي إعجاب الرئيس انتقلت الحالة لكل الحضور وصافح الرئيس «نوح» بعد الحفل وأصبح يتقابل كثيرًا معه وتوطدت علاقته به وكان يرسل له الجلاليب والرمان والمانجو وإحدي المرات سأل الرئيس، محمد نوح: «انت عمرك يا محمد ما طلبت أي حاجة من الدولة انت مش محتاج؟»، ولاحقه «نوح»: «محتاج يا ريس قطعة أرض أبني عليها مسرح حسيبه للبلد عاوز أبني مسرح يليق بتاريخ مصر في الفنون»، وطلب الرئيس فوزي عبدالحافظ وأبلغه ولم يمض الكثير من الأيام وكنا بمكتب محافظ القاهرة نشاهد الممكن من القطع المتاحة والصالحة، ولكن اغتيل السادات وأصبح مع محمد نوح ورقة موقعة من الرئيس السادات بمنح قطعة أرض لبناء مسرح وانتقلت من مكتب إلي آخر وسط دهاليز الموافقات والبيروقراطية إلي أن كتب الأستاذ أنيس منصور في عاموده، إمضاء السادات أوقفت حرب طويلة بين مصر وإسرائيل ولكنها لم تستطع أن تتخلص من بيروقراطية الدولة وموظفيها المتجذرة.
وأتذكر الآن صرخات نوح
صرخ حين مات والده وهو مازال طالبًا
صرخ في نكسة 1967
صرخ للجنود مُحفزًا في الجبهة
صرخ للطلبة في كل الجامعات والتجمعات
صرخ لنصر 1973 وفي معرض الغنائم بأرض الجزيرة
صرخ في استاد القاهرة
صرخ قهرًا حين تم إخلاء مسرحه وتحويله لمخزن
صرخ طالبًا الموت في سلام ومات في سلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.