سيطر مسلحون على مطارين بمنطقة القرم اليوم، فيما وصفته الحكومة في أوكرانيا بأنه غزو واحتلال من جانب قوات روسية، وعاود الرئيس المعزول، فيكتور يانوكوفيتش، الظهور في روسيا بعد فراره منذ أسبوع. وقال "يانوكوفيتش" إن روسيا ستستخدم كل الوسائل المتاحة لها لوقف الفوضى في أوكرانيا، وسط تصاعد التوتر في شبه جزيرة القرم على البحر الأسود، وهي المنطقة الوحيدة التي يمثل أصحاب الأصول الروسية، أغلبية سكانها وآخر معقل كبير للمقاومة لعزل الرئيس المدعوم من موسكو. وقالت قوة حرس الحدود في كييف إن أكثر من عشر طائرات هليكوبتر عسكرية حلقت في المجال الجوي الأوكراني اليوم فوق القرم واتهمت جنودا روس بمحاصرة إحدى وحداتها في مدينة سيفاستوبول الساحلية، حيث يتمركز جزء من أسطول البحر الأسود الروسي. وأكد جندي في الموقع ل "رويترز" أنه من أسطول البحر الأسود، وقال إنهم موجودون هناك لمنع تكرار الاحتجاجات التي أطاحت بيانوكوفيتش في كييف. ونقلت وكالة انترفاكس الروسية للأنباء عن الأسطول الروسي في البحر الأسود المتمركز في المنطقة نفيه أنه شارك في الاستيلاء على أحد المطارين، بينما وصف مؤيد المجموعة المسلحة في الموقع الآخر بأنهم رجال ميليشيا من القرم. وفي موسكو قال الكرملين إن بوتين شدد في اتصالات هاتفية مع رئيس الوزراء البريطاني والمستشارة الألمانية ورئيس المجلس الأوروبي على ضرورة عدم تصعيد العنف في أوكرانيا. وفي لندن أبلغ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الرئيس بوتين يالوم بأن على روسيا احترام سلامة أراضي أوكرانيا. وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية إن كاميرون اتصل هاتفيا ببوتين لبحث التوتر المتصاعد في منطقة القرم في اوكرانيا. وأضاف "أكد رئيس الوزراء أنه ينبغي لكل الدول احترام سيادة أوكرانيا وسلامة أراضيها. اتفق الرئيس بوتين مع ذلك وأكد أن التدريبات العسكرية الروسية في المنطقة كانت مقررة قبل الوضع الحالي في أوكرانيا." وقال وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إن بلاده حذرت روسيا من تأجيج الوضع في أوكرانيا، وأثارت تساؤلات بخصوص تقارير عن وجود عربات مدرعة وجنود روس هناك. وأضاف "كيري" بخصوص محادثة هاتفية مع نظيره الروسي سيرجي لافروف "تحدثنا عن مسألة المطارات ومسألة العربات المدرعة ووجود العسكريين في أماكن متعددة." كانت روسيا قد تعهدت بالدفاع عن مصالح مواطنيها في أوكرانيا، وبينما كانت قد صرحت بأنها لن تتدخل بالقوة فإن تصريحاتها منذ عزل يانوكوفيتش قبل أسبوع تشبه تلك التي سبقت غزوها لجورجيا عام 2008. ومن شأن أي مواجهة مسلحة في القرم أن تكون لها تداعيات عالمية خطيرة، في ظل تصاعد حدة التوتر بين روسيا والغرب بشأن تغيير القيادة في أوكرانيا، ودعم كل منهما لأحد طرفي الصراع في سوريا، لكنهما تعهدتا بالتعاون لدعم اقتصاد أوكرانيا المتداعي. وقال اندريي باروبي، الأمين العام لمجلس الأمن القومي والدفاع الأوكراني ،في تصريحات بثها التلفزيون إن المسلحين يتلقون أوامرهم من القيادة في روسيا. وأضاف "هذه جماعات منفصلة. يقودها الكرملين." ومضى يقول إن أحد الخيارات التي تجري دراستها إعلان حالة الطوارىء في القرم. وحث وزراء خارجية كل من فرنسا وألمانيا وبولندا، الذين ساهموا في المفاوضات على اتفاق سلام لوقف العنف في كييف في وقت سابق الشهر الحالي، جميع الأطراف على الابتعاد عن أي تصرف يعرض وحدة أراضي أوكرانيا للخطر. وأعلنت روسيا عن إجراء مناورات الأربعاء الماضي قرب الحدود الأوكرانية، ووضعت 150 ألفا من جنودها في حالة تأهب قصوى، وإن كان وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، صرح بأن نظيره الروسي سيرجي لافروف كان قد أبلغه بأن هذه المناورات مقررة مسبقا. وعاود يانوكوفيتش الظهور في مدينة روستوف اون دون اليوم وهو مطلوب لدى الحكومة الجديدة للتحقيق معه في اتهامات بالقتل الجماعي بعد مقتل محتجين في كييف الأسبوع الماضي. وقال إنه لم يقابل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لكنه تحدث اليه هاتفيا. وأضاف في مؤتمر صحفي "لا يمكن أن تتصرف روسيا بلا مبالاة ولا أن تقف متفرجة تراقب مصير (دولة) شريكة قريبة منها مثل أوكرانيا." ونفى أن يكون قد فر قائلا إنه اضطر لمغادرة كييف،بسبب التهديدات وندد "بالانفلات الأمني والإرهاب والفوضى السياسية وانعدام القانون." واتخذت سويسرا والنمسا وليختنشتاين اجراءات لتجميد أصول وحسابات بنكية خاصة، بما يصل إلى 20 أوكرانيا من بينهم يانوكوفيتش وابنه، وذلك بعد أن تحدث الحكام الجدد في أوكرانيا عن فقد المليارات. كان حكام أوكرانيا الجدد قد صرحوا بأن قروضا قيمتها 37 مليار دولار اختفت من حسابات الدولة خلال عهد يانوكوفيتش الذي دام ثلاثة أعوام. وقالت القيادة الأوكرانية الجديدة إن البلاد بحاجة الى مبلغ مقارب لهذا الرقم، وهو 35 مليار دولار في العامين القادمين لتفادي الإفلاس. وقالت إنها تأمل الحصول على مساعدات مالية قريبا وإنها مستعدة لإجراء الإصلاحات التي يطلبها صندوق النقد الدولي حتى تحصل عليها. وقالت رئيسة صندوق النقد الدولي، كريستين لاجارد، إنها لا ترى شيئا على الساحة الاقتصادية يستدعي الذعر وحثت القيادة على الابتعاد عن الإعلان عن أرقام وصفتها بأنها جزافية لحين إجراء تقييم بالطريقة الملائمة. واتهم وزير الداخلية أرسين أفاكوف، القوات البحرية الروسية، بالاستيلاء على مطار عسكري قرب ميناء سيفاستوبول، حيث توجد قاعدة للأسطول الروسي في البحر الأسود، واتهم قوات روسية آخرى بالاستيلاء على مطار سيمفروبول الدولي المدني. وقال أفاكوف في صفحته على فيسبوك "أعتبر ما حدث غزوا مسلحا واحتلالا في انتهاك لجميع الاتفاقات والأعراف الدولية." وقوبل هذا بنفي روسي لتدخل البحرية الروسية في عمل المطار العسكري. ونقلت وكالة انترفاكس عن متحدث باسم الأسطول قوله "لم تتحرك وحدات من أسطول البحر الأسود وبالتالي لم تشارك في أي حصار." وبالقرب من المطار العسكري أغلق ستة رجال يرتدون زيا مموها، ويحملون أسلحة آلية الطريق باستخدام شاحنة لا تحمل لوحات معدنية، ومنع أفراد ميليشيا متطوعون الصحفيين من الاقتراب من الرجال الستة. وأغلقوا طريقا ثانيا يبعد نحو 150 مترا. وقال مكسيم لوفينتسكي، وهو أحد المتطوعين الذين يحرسون الموقع "بالطبع هم روس"، وأضاف "جاءوا الليلة الماضية." وظهر الزعيم القومي الروسي المتشدد فلاديمير جيرينوفسكي في مدينة سيفاستوبول، حيث استقبله حشد غفير أمام مبنى البلدية استقبال الأبطال وهم يرددون هتافات يوجهون فيها الشكر لروسيا. وقال جيرينوفسكي للحشد "إذا كان من حق الشعب أن ينتقض ويطيح بالسلطات فلماذا لا يكون لسيفاستوبول الحق في أن تفعل ذلك؟"رغم انتماء جيرينوفسكي للمعارضة الروسية غير أنه يعد على نطاق واسع منفذا لسياسة الكرملين ويستخدم لطرح الآراء المتشددة لاختبار رد فعل الجمهور. وطلبت الولاياتالمتحدة من روسيا الالتزام بوعودها بعدم التدخل في أوكرانيا قائلة ان استخدام القوة سيكون خطأ جسيما. وقال الكرملين إن بوتين أمر حكومته بمواصلة المحادثات مع أوكرانيا بشأن العلاقات الاقتصادية والتجارية والتشاور مع الشركاء الأجانب، بما في ذلك صندوق النقد الدولي بشأن المساعدات المالية. وكان يانوكوفيتش قد أثار احتجاجات في أوكرانيا في نوفمبر تشرين الثاني بالتراجع عن توقيع اتفاقيات مهمة مع الاتحاد الاوروبي وقال بدلا من ذلك ان كييف ستسعى لعلاقات اقتصادية وتجارية أوثق مع روسيا. وفي ديسمبر، وعد بوتين الرئيس الأوكراني المعزول بمساعدات انقاذ قيمتها 15 مليار دولار لكن روسيا جمدتها بعد أن قدمت دفعة أولى قائلة انها تريد مزيدا من الوضوح بشأن الحكومة الجديدة وسياساتها. وارتفعت قيمة العملة الأوكرانية الهريفنيا اليوم بعد أن هبطت لمستويات تاريخية، بعد أن فرض محافظ البنك المركزي قيودا على الحصول على العملات الأجنبية، وقال متعاملون إن سعر تداول الهريفنيا تراوح بين 9.80 و10.10 أمام الدولار بعد أن هبط إلى 11.20-10.10 يوم الخميس. وعانت العملة الأوكرانية من هبوط شديد بينما يشعر المستثمرون بقلق إزاء قدرة أوكرانيا على سداد ديونها. وقال الحكام الجدد في كييف إن أي تحرك للقوات الروسية خارج قاعدة أسطول البحر الأسود في سيفاستوبول سيمثل عدوانا. لكنهم يواجهون تحديا في منطقة شبه جزيرة القرم التي كانت أراض روسية أعطيت لاوكرانيا في عام 1954 اثناء الحقبة السوفيتية. وتأججت مشاعر الانفصال كثيرا في أوقات التوتر بين موسكو وكييف. واستولى مسلحون مجهولون على برلمان القرم ورفعوا العلم الروسي أمس الخميس. ولم يعلن المسلحون أي مطالب وتقوم الشرطة بحراسة المبنى. واستولى مسلحون على مطار سيمفروبول مساء الخميس ويتولون حراسة أراضيه صباح اليوم . وقال شاهد من رويترز في مكان الحادث أن الرجال الذين يرتدون ملابس عسكرية ويحملون أسلحة الية يتحركون بحرية ويدخلون ويخرجون من برج المراقبة. وقال رجل يدعى فلاديمير إنه متطوع يساعد الجماعة، وتابع قائلا "نحن أناس بسطاء متطوعون... نحن هنا عند المطار للحفاظ على النظام.