في الخامسة مساء اليوم، بصالة 5، بجناح "روز اليوسف" بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، يوقع القاص محمد الهمامي، باكورة إصداراته الإبداعية، "همسات عاشق جنوبي"، الصادرة عن مؤسسة رهف للنشر والتوزيع، بغلاف للفنانة والشاعرة فاطمة وهيدي. يقول الناقد الدكتور أمين الطويل، الأستاذ بجامعة الفيوم عن مجموعة الهمامي: همسات عاشق جنوبي، مجموعة قصصية تحمل المتعة السردية السهلة والمؤانسة والخفة ودهشة جنوب مصر، وتؤكد إرادة القول ومقصديته إضمارًا أو كشفًا، تجربة قصصية تحمل بين حناياها فكرة أو أفكار القاص ونظراته الفردية لمحيطه الصغير والكبير والأكبر. القصة القصيرة جدًا هنا عجين المعنى ومادته الطيعة الحية الحاضنة للفجوات الدالة، مجموعة تنطلق من بؤرة العشق وتعود إليه، أحداث خاطفة لباسها لغة شعرية مرهفة، وطينتها الخصيبة الدهشة والمصادفة والمفاجأة والمفارقة، تدخل تفاصيل اللحظات الحرجة وتستقي من الواقع إشارات وإيماءات، تنصب أشراكًا جمالية أمام القارئ وهو يتابع هذا الجنين الإبداعي البكر للهمامي، وتعدد الرؤى في هذه المجموعة ما بين الرؤية بالحاسة كما في قصة "دلال" التي يظهر من خلالها العشق تنفسًا أو من خلال حاسة الشم، والرؤية بالوهم أو التخيل كما في قصة "عمق" والتي يتقلب فيها العشق من شاطئ إلى قاع سحيق وينتهي به المطاف صريعًا بين أمواج البعد، والرؤية بالتفكر كما تجلت في قصة "نداء" والتي أعلت قيمة الوطن والصالح العام للجماهير المسحوقة، أمام صخب فائر فشل العتاة في تصنيفه سلبًا أو إيجابًا، والرؤية من خلال العقل وتجسدت في قصة "ضمير" فضمير العاشق هو الذى يحكم قبضته على أعنة الرغبات الجامحة، ومن ثم يدير ظهره وقلبه وحواسه للجسد عندما تومض الروح حاملة بين أكفها صورة محبوبته. ويضيف الطويل، شاهدًا على إبداعية القاص الجنوبي، محمد الهمامي: تعد القصصية والاختزال والحذف ملامح بارزة في المجموعة، حتى تتحول إلى أطياف أو ظلال، تطل من وراء ستار البياض والصمت والتلميح الشفاف، وكأنها تسرع في الذهاب رأسا إلى اللحظة الدرامية، وتغرز سهم الحدث في تفاحة القصة، ويشكل المونولوج عنصرًا لافتًا في المجموعة، يقدمه المبدع في ثوب من لغة الشخصية، ومن خصائص عملياتها الذهنية الفائرة، مسهما في زيادة الترابط وتوصيل المشاعر والأفكار المتصلة بالحبكة، لجمهور محدد وحاضر بقوة فوق بياض الورق وسواده، كما تحمل النهايات المعاني والتأويلات المفتوحة الثاوية في بياض القصة وصمتها الناطق، مستحضرًا قول الجرجاني حول الحذف هو باب "دقيق المسلك، لطيف المأخذ، عجيب الأمر، شبيه بالسحر، فإنك ترى به الترك، أفصح من الذكر، والصمت عن الإفادة، أزيد للإفادة، وتجدك أنطق ما تكون إذا لم تنطق، وأتم ما تكون بيانًا إذا لم تبن". خيرًا استطاعت المجموعة أن تدرك العلاقات بين الأشياء، تارة في صورة منطقية وتارة معرجة على الخيال المجنح، وامتلكت القدرة على الاختيار والانتخاب بين المضامين المتفاوتة، معززة في النهاية بقدرة على التعبير الفني والجمالي في آن واحد.