أصدر القضاء البحريني حكما بحل المجلس "العلمائي الشيعي" وتصفية أمواله وإغلاق مقرّه، بعد دعوى قضائية رفعها وزير العدل ضد المجلس باعتباره تنظيما مخالفا للقانون والدستور في المملكة. وفي الوقت الذي اعتبرت فيه الحكومة، المجلس منبرا دينيا خارجا عن التقاليد، يعمل على توفير الدعم لحزب سياسي طائفي للمساهمة في بث الكراهية بين طوائف المجتمع البحريني، قالت "جمعية الوفاق الإسلامية" المعارضة إن الحكم سياسي، وضرب لمبادرة ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، الساعية لبدء جولة جديدة من حوار التوافق الوطني. وقضت المحكمة الكبرى الإدارية - وفقا لما نشرته جريدة الشرق الأوسط، اليوم الخميس - بحل المجلس العلمائي وتصفيته إثر دعوى رفعها الشيخ خالد آل خليفة وزير العدل البحريني، جاء في لائحتها: "إن المجلس يمارس نشاطا سياسيا بغطاء ديني طائفي، وتصريحاته تهدد أمن وسلامة المملكة والسلم الأهلي، وتشجع روح العنصرية المذهبية، ما يؤدي إلى تمزيق الوحدة الوطنية ويذكي نار الفتنة الطائفية، كما أن مبادئ المجلس وأهدافه وبرامجه ووسائله تتعارض مع الثوابت الوطنية التي يقوم عليها نظام الحكم في المملكة". وتعود تفاصيل القضية التي رفعتها وزارة العدل إلى 16 سبتمبر من عام 2013، والتي أعلنت حينها أنها بدأت في خطوات قضائية لوقف أنشطة "المجلس الإسلامي العلمائي" وتصفية أمواله وإغلاق مقره، ووصفه البيان الصادر عن الوزارة حينها بالتنظيم غير المشروع، وأنه تأسس خلافا لأحكام الدستور والقانون، وقد أكدت وزارة العدل - عندما رفعت القضية - أن الخطوة التي اتخذتها جاءت في إطار تنفيذ توصيات "المجلس الوطني" - البرلمان البحريني بغرفتيه النواب والشورى - بعد الاضطلاع بمسؤوليتها في تطبيق القانون. ووصف بيان صادر عن "جمعية الوفاق الإسلامية" - كبرى جمعيات المعارضة السياسية - الحكم بأنه سياسي، ويستهدف مكونا رئيسيا من مكونات الشعب البحريني، كما تساءلت "الوفاق" في بيانها عن الهدف من الحكم، وهل هل هذا القرار السياسي يأتي لتهيئة الأجواء من أجل إنجاح الحوار؟، وهل يأتي ضمن ما يفترض بالسلطة القيام به لإنجاح فرص الحل؟، أم يمثل مؤشرا على توجه النظام الحقيقي نحو المزيد من التأزيم للموقف؟. وبدورها أشارت الحكومة البحرينية - على لسان المتحدثة باسمها سميرة رجب - إلى أن "الاستهداف الحقيقي للشعب البحريني يأتي عبر العنف والإرهاب وإغلاق الشوارع وتعطيل الحياة، كما يأتي عبر تهريب الأسلحة إلى البحرين، وعبر التحريض الطائفي وتقسيم المجتمع وفق أجندات التيارات العقائدية، وهذا ما لم تدِنه جمعية الوفاق في جميع بياناتها ولم ترفضه حتى الآن". وأضافت "رجب" أن الأحزاب السياسية الطائفية التي يتمّ دعمها من المنابر الدينية تريد أن تجعل من البحرين دولتين بمذهبين مختلفين، كما تعمل على بث الكراهية بين طوائف المجتمع، وقالت إن هذا هو الدور الذي جاء من أجله المجلس العلمائي ليكون غطاء دينيا مذهبيا تمارس من خلاله الوفاق التحريض الطائفي، وأشارت المتحدثة باسم الحكومة البحرينية إلى أن البحرين - وعبر تاريخها - لديها مجلس أعلى للشؤون الإسلامية يمثل الشيعة والسنة، وينظر إليه البحرينيون كمرجعية مؤسسية شرعية موحدة للطوائف والشعب، كما اعتبرت سميرة رجب ما وصفته ب "تقليعة" المجالس العلمائية مع الأحزاب السياسية الطائفية، خطوة تؤسس لمشروع تفتيتي خطير للشعب والمجتمع، وأضافت أن "الشيعة - على مدى تاريخهم - كانت لهم مرجعيات فردية ولهم طقوس في ذلك، وليست المجالس العلمائية إلا واحدة من هذه الطقوس". وفي معرض رد المتحدثة باسم الحكومة البحرينية عن تأثر حوار التوافق الوطني - الذي أطلق في صيغته الأخيرة التي أعلنت منتصف يناير الحالي - بهذا الحكم، قالت إن "المعارضة في كل يوم تخرج بذريعة جديدة للتملص من الحوار"، وأضافت: "بالأمس كانت الذريعة هي التعاطي الأمني مع العنف وإرهاب وتهريب الأسلحة، وبأن ذلك لا يهيّئ الأجواء للحوار، واليوم مع المنابر التي تحث على الكراهية وتقسّم مكونات المجتمع البحريني"، وأشارت إلى أن التصعيد الإعلامي الذي تمارسه المعارضة في مقابل دعوة صريحة وجادة للحوار من قبل القيادة البحرينية، هي خطابات مستهلكة ومحاولة لإثبات قوة غير موجودة على الأرض، وزادت المتحدثة باسم الحكومة البحرينية بالقول: "هناك من يتوهم أن الدعوة إلى الحوار كانت من موقف ضعف من الدولة، وهذا ينم عن أزمة فكرية يعاني منها هؤلاء، فالأقوياء هم من يطرحون الحوار دون الدخول في مهاترات وإعلام استهلاكي"، بحسب تعبيرها. بدورها أشارت "الوفاق" - على لسان عبد الجليل خليل القيادي في الجمعية - إلى أن توقيت الحكم بحل المجلس غريب ويعقد المشهد السياسي، كما أشارت إلى أن اللقاءات الثنائية التي جرت بعد إعلان ولي العهد البحريني لإطلاق حوار التوافق الوطني في صيغته الجديدة، كان عن إجراءات بناء الثقة بين الطرفين واتباع الخيار السياسي في التعاطي مع الأزمة البحرينية وليس الخيار الأمني. وفي ردّه على اللغة التصعيدية التي تتضمنها بيانات "جمعية الوفاق" - كما ترى الحكومة البحرينية - قال إن "توقيت الأحداث التي جرت في البحرين خلال الأسبوع الحالي، كأنما يراد بها ضرب مبادرة ولي العهد التي أعلنها في لقائه مع المعارضة، وتسميم أجواء الحوار والاستمرار في الخيار الأمني".