للعقيدة الإسلامية أثر بالغ فى نفوس معتنقيها لسماحتها وملاءمتها للنفس البشرية، وهو الذى انعكس بشكل كبير على الفنون فى شتى مجالاتها، كان أبرزها العمارة الإسلامية. فعلى مدار شهر رمضان المبارك تأخذكم «البوابة» فى رحلة بين مساجد مصر وأضرحتها، لنتعرف على تاريخ نشأتها، وتأثيرها الروحانى فى قلوب مُرتاديها. إن كان منزلتى فى الحب عندكم.. ما قد رأيت فقد ضيعت أيامى أمنية ظفرت روحى لها زمنا.. واليوم أحسبها أضغاث أحلام بتلك الأشعار كان ابن الفارض يودع الحياة، فهو أبوالحفص أبوالقاسم عمر بن أبى الحسن.. المعروف بابن الفارض، والذى ينتهى نسبة إلى إحدى القبائل العربية، وهى قبيلة سعد نسبة إلى حليمة السعيدية مرضعة الرسول، وقدم والد ابن الفارض إلى مصر من حماة وسكنها واستقر بها وتدرج فى سلك الوظائف الحكومية فبدأ بوظيفه الفارض والذى يثبت فروضًا للنساء على الرجال، ثم ترقى إلى نيابة الحكم، وعلى الرغم من تلك المكانية الاجتماعية المرموقة إلا أن ابن الفارض قد زهد كل هذا وآثر العزلة والانقطاع عن الناس معتكفًا للعبادة لله عز وجل، وظل بقاعة الخطابة الجامع الأزهر وظل كذلك حتى وافته المنية. ويرجع تاريخ مسجد عمر بن الفارض إلى القرن الثامن عشر، فقد أنشأه امير اللواء الشريف السلطان على بك قازدغلى أمير الحج، كما بنى لنفسه مقبرة بجوار المسجد ما تزال باقية حتى الآن. ويتكون المسجد من مستطيل ينقسم إلى مربعين منفصلين عن بعضهما تمامًا كما هو الحال فى الطراز العثمانى، فيتكون المربع الأول عبارة عن صحن مكشوف وتحيط به الأروقة من جميع الجهات، أما المربع الثانى فهو يتكون من إيوان القبلة وبداخله الضريح، ويحتوى إيوان القبلة على صفين من الأعمدة الرخامية، ويتكون كل صف من عمودين وتقسم الأعمدة إلى ثلاثة أروقة، وتقوم على أعمدة عقود مدببة وموازية لحائط القبلة. وعاش ابن الفارض فى كنف الدولة الأيوبية، وكان عصره يحفل بطوائف شتى من العلماء والأدباء والفقهاء والزهاد والوعاظ والصوفية، وقد أثر كل منهم فى الحياة المصرية من إحدى نواحيها العلمية والأدبية.. إلخ، وقضى ابن الفارض الأربع سنوات الأخيرة من حياته فى القاهرة، حيث أقام بقاعة الخطابة بالجامع الأزهر، وتوفى ابن الفارض فى عام 632 هجريًا، وقد دفن بالقرافة بسفح المقطم عند مجرى السيل، وتحت المسجد المعروف بالفارض، وهو اعلى الجبل، ويطلق على البقعة اسم «البقعة المباركة»، وقد دفن ابن الفارض تحت قدمى شيخه محمد البقال، وقد أقيم على قبره ضريح منذ العصر الأيوبى، غلا أن الضريح قد توالت عليه يد الإصلاح والتجديد، فقد ورد فى الخطط التوفيقية أن السلطان إينال العلائى، أضاف للضريح مسجدًا، كما قام بتخصيص له الخدم القائمين على رعايته. وفى عام 860 هجريًا تم عمل وقف لصيانة المسجد والضريح ولإطعام الفقراء وتم تعيين برقوق ناظرًا على هذا الوقف. ويقع المسجد بالقرب من مسجد سيدى شاهين الخلوتى، ويرجع الضريح إلى عصر السلطان برقوق وهو عبارة عن غرفة مربعة مكونة من أربعة عقود تقوم عليها قبة حجرية غير مرتفعة، وذلك لأنها ترتكز على منطقة الانتقال من المربع إلى دائرة مباشرة دون وجود رقبة.