طوال تاريخها، تعمل جماعة «الإخوان» الإرهابية، بلا مبادئ أو قيم، وتعتمد على ال«ميكافيللية»، والتى تقول إن الغاية تبرر الوسيلة، ولا فرق فى ذلك بين وجودها وعملها فى مصر، ووجودها فى أوروبا. وحولت الجماعة الإرهابية المساجد من بيوت للعبادة، إلى مراكز لجمع التبرعات وتمويل العمليات الإرهابية، فأسهمت بذلك فى تنامى «الإسلاموفوبيا»، وتغذية نيران اليمين المتطرف وإعطائه مبررات لنشر أفكاره وحروبه ضد الإسلام والمسلمين، كما استغلت الجماعة المؤسسات الخيرية للعمل السرى فى جمع مزيد من التبرعات. وطوال ستينيات القرن الماضي، حذرت الكثير من الهيئات والمؤسسات الأوروبية من هذه الجماعة وأعمالها التخريبية، واستغلالها مناخ الحرية للعمل والانتشار فى نشر أفكارها العنيفة. شبكة تحالفات مؤخرًا انتقلت التحذيرات من المؤسسات ووسائل الإعلام إلى أجهزة المخابرات بدول الاتحاد الأوروبي، حيث أكدت مجلة «نيو يورو» الدنماركية، أن تقريرا مخابراتيا، قال إن «جماعة الإخوان استغلت تواجدها المؤسسى الدينى فى بريطانياوفرنساوألمانيا، من أجل بناء شبكة من التحالفات التى تمثل الكتل الإسلامية الكبرى فى العالم». وقالت المجلة إن «تواجد الإخوان فى هذه الدول الأوروبية الثلاث الكبرى، سمح للجماعة بالتوسع المؤسسى الدينى فى البلدان الأصغر، مثل بلجيكا انطلاقًا من فرنسا، وأيرلندا انطلاقًا من بريطانيا، وسويسرا انطلاقًا من ألمانيا». وحسب المجلة، «تتوسع مؤسسات الإخوان الدينية فى أوروبا بشكل عرضي، من أجل دغدغة مشاعر المهاجرين العرب المسلمين الجدد فى أوروبا، تحت مظلة (اتحاد المنظمات الإسلامية) بالتحديد». وأضافت المجلة أن «لدى جماعة الإخوان أكثر من 500 منظمة دينية دعوية تستخدمها داخل الاتحاد الأوروبى من أجل جلب التعاطف مع تنظيم الإخوان، بعضها يحمل صفات رسمية مثل المساجد والجمعيات، وبعضها الآخر لا يحمل صفة رسمية لكنه يعمل تحت مظلة الجماعة». وأضافت أن من بين المؤسسات الإخوانية العاملة فى هذا المجال «المركز الإسلامى الثقافى فى جنيف». المخابرات الألمانية تحذر يبدو أن تضافر وتواكب التقارير، والتى كان أخطرها تقرير المخابرات الألمانى، الذى وصف تنظيم الإخوان بكونه أخطر من «داعش» و«القاعدة» جعل الحكومات الغربية تنتبه ولو متأخرا لخطورة جماعة الإخوان، التى تتغلل داخل المجتمعات عبر أنشطة تأخذ الطابع الخيرى تارة والأنشطة المجتمعية تارة أخرى، فضلا عن ترويجها صورة ضحية التهميش داخل الشرق الأوسط الأوسط. وقالت المجلة الدنماركية إن «الإخوان اعتمدوا على مسجد ميونيخ من أجل تسهيل الانتشار فى ألمانيا، استنادًا إلى ثلاث أدوات رئيسية: المجلس المركزى للإخوان فى ألمانيا، ومؤسسة صوت المسلمين الألمانية التى تسيطر على 60 مركزًا إسلاميًا فى جميع أنحاء البلاد، بقيادة المصرى الإخوانى إبراهيم الزيات، وكذلك مؤسسة ميللى جوروش، عرابة الإسلام السياسى المقربة من أردوغان، المسيطرة على الجالية التركية فى ألمانيا». كوادر شمال أفريقيا فى فرنسا، قالت المجلة إن «الإخوان سيطروا على أكثر من 250 مسجدًا عبر اتحاد المنظمات الإسلامية، واستخدموا كوادر من شمال أفريقيا لاستخدام المنابر من أجل التأثير على الأصوات الإسلامية فى الانتخابات الفرنسية». أما فى بريطانيا، فأشارت المجلة إلى أن «فروع الإخوان أسسوا (الرابطة الإسلامية فى بريطانيا)، واعتمدوا كتاب يوسف القرضاوى لعام 1990 حول أولويات الحركات الإسلامية كدستور للمراكز الدينية فى البلاد». وتناولت مجموعة من الدراسات التى أعدتها مركز بحوث أوروبية وغربية مراكز العمليات السياسية للجماعة فى أوروبا والولايات المتحدة والتى فى الجوهر تركزت فى المساجد التى يديرها أئمة من التنظيم. الدكتور عبدالخالق فاروق ويشير الباحث الدكتور عبدالخالق فاروق، إلى أن حركة بناء المساجد فى هذه الدول قد تضاعفت خلال العقود الأخيرة، بما يتناسب مع نمو التنظيم وتنامى وزيادة عدد المهاجرين من الدول العربية والإسلامية طلبًا للجوء أو للدراسة فى الجامعات الأوروبية والولايات المتحدة. وتشير بيانات غير مكتملة إلى أن عدد المساجد فى ألمانيا التابعة للجماعة، تبلغ أكثر من 50 مسجدًا فى عام 2011، فيما فى بريطانيا وصل عددها عام 2002 إلى 329 مسجدًا، منها نحو 50 مسجدًا فى برمنجهام، وتضاعف عددها ليصل خلال عام 2011 إلى 1400 مسجد فى كل المدن والمقاطعات البريطانية واسكتلندا، أما فى دول أوروبا الغربية الأخرى فيزيد عددها على ثلاثة آلاف مسجد، من بينها نحو 1200 تديرها هيئات تركية. استغلال أموال النمسا اتسع وجود الإخوان ليشمل النمسا التى تعتبر أحد المراكز المهمة للتنظيم الدولي، وكشف تقرير حكومى كيف أن الجماعة استخدمت الأموال التى تقدمها الحكومة النمساوية للمراكز الإسلامية فى نشر التطرف، وتطرق إلى استخدام الإخوان البلاد قاعدة انطلاقٍ لأنشطتهم فى الدول المختلفة. وخلص التقرير أيضًا إلى أن الجماعة استخدمت وعلى نحو انتقائى العنف، وفى بعض الأحيان الإرهاب، تحقيقًا لمآربها المؤسساتية، واعتبر تمكين المنظمات التابعة للإخوان المسلمين فى القارة الأوروبية، قد وفر لها أرصدة وإمكانات جديدة للسعى ليس وراء مطامعها السياسية واختراقها المجتمعات الأوروبية فحسب، وإنما أسهم أيضًا فى تقويض دمج المسلمين فى هذه المجتمعات. وفى كتابه (لعبة الشيطان) يخصص الباحث روبرت درايفوس فصلًا كاملًا يتحدث فيه عن علاقة جماعة الإخوان المسلمين ببريطانيا، ويشير إلى أن «الحركة تأسست على يد حسن البنا بمنحة من شركة السويس البريطانية». وأوضح فى الكتاب الذى صدر عن مركز دراسات الغرب والإسلام عام 2010 أن «الحركة تمتعت خلال ربع قرن على تأسيسها بالدعم من رجال المخابرات والدبلوماسيين البريطانيين». وعام 2008 أعلن عمدة لندن كين لفنجستون أمام عشرات الصحفيين فى معرض إجابته عن سؤال من أحدهم عن خطر الجماعات الأصولية «أن جماعة الإخوان كبرى هذه الحركات تربطنا بها علاقة جيدة، وكانت تتلقى تمويلًا ماديًا من الخارجية البريطانية منذ نشأتها». وفى إطار حركة اليقظة، انتبهت الحكومة النمساوية مؤخرا لتلك الجماعة الإرهابية، فحذرت فى تقرير حكومى رفيع من أنشطة مشبوهة لتنظيم الإخوان، فى النمسا، متهمًا الإخوان باستغلال أموال الحكومة فى نشر التطرف واستخدام الأراضى النمساوية كقاعدةَ انطلاق لأنشطتهم فى الدول العربية. ويوثق التقرير الصادر عن المخابرات النمساوية، استغلال التنظيم المتطرف أموال الحكومة النمساوية ومدارسها لنشر التطرف بين الجاليات المسلمة، صدر التقرير المؤلف من 60 صفحة، وخلص التقرير إلى أن جماعة الإخوان «استخدمت العنف بشكل انتقائى، وأحيانا الإرهاب فى السعى لتحقيق أهدافها المؤسسية»، محذرا من عادتها بشأن الحديث السياسى المزدوج. مجتمع مواز فى السويد فى السويد نشرت وكالة الطوارئ المدنية التابعة للحكومة السويدية تقريرا مثيرا للجدل حول جماعة الإخوان، كشف عن أن الجماعة تعمل على خلق «مجتمعًا موازيًا» فى البلاد، على خلاف القيم السويدية. وحذر التقرير، أن أعضاء التنظيم هيمنوا على بعض من أكبر المساجد والمدارس الإسلامية، ونظموا إعادة توطين اللاجئين وقاموا بتدريب الأئمة الشباب على الوعظ باللغات المحلية. وهكذا تحولت تقارير المخابرات بدول الاتحاد الأوروبى إلى قوانين ضد الجماعة وشعاراتها كما حدث فى النمساوألمانيا.