«التكفيت» فن مصرى أصيل، عبارة عن تطعيم الأوانى النحاسية بالذهب، حيث تتم عملية جمع وضم جزء من معدن على شكل أسلاك داخل حفر عميق وعريض ومسنن على سطح معدن آخر، وتثبيته بالطَرق التتابعى دون استخدام اللحام بالحرارة. وقد ازدهرت صناع التحف المكفتة فى مصر منذ العصر المملوكى، وأصبح للصناع سوق تسمى «سوق الكفتيين، حيث اشتهرت مصر وحتى الآن بوجود فنانين مهرة يجيدون ذلك الفن، تركزوا خاصة فى السوق التى سميت بسوق «الكَفتين». هذا الفن يواجه مخاطر متعددة الآن تهدده بالاندثار كما يؤكد حسام رضا، أحد فنانى تكفيت النحاس، والذى تابع قائلا: «عشقت تلك المهنة منذ الصغر، فقررت التفرغ لها وبدأت تعلمها فى ورشة يمتلكها شقيقى حتى أصبحت ماهرا فيها، وحاليا مشغول بصنع فنية نحاسية مستنسخة ترجع إلى العصر المملوكي، وهى «كرسى عشاء السلطان الناصر قلاوون، الذى يعد من أهم التحف التراثية لأنه يحتوى على زخارف نباتية ووحدات هندسية صعبة، وكتابات بخط الثلث». ويشير حسام إلى أن عدد الفنانين المتخصصين فى هذا الفن أصبحوا قليلين، أهمهم فنان يدعى «الحاج نادر» ويعد بمثابة موسوعة فى مجال النحت والتكفيت على النحاس. وعن المصاعب التى تواجه المهنة والعاملين أوضح: «التجار يتحكمون فى سوق التحف الفنية، ومنهم من يزعم نسبتها إليه، بل إن بعضهم يجهل قيمة القطع الفنية المملوكية التى يروجون لبيعها بشكل خاطئ دون أن يكونوا على دراية كافية بتاريخها، ويكتفون بتصدير نوع فنى واحد وهو الأطباق النحاسية المكفتة بالفضة، وسيطرة هؤلاء على سوق النحاس دفعت كثيرا من الفنانين المهرة فى هذا المجال للابتعاد عنه، وتلك كارثة كبرى لأن تلك الحرف والفنون التراثية تعبر عن هويتنا الثقافية، لكن هؤلاء التجار يدمرونها، لذا نناشد وزارات الثقافة والآثار الاهتمام بتلك المهن التراثية ودعم الفنانين العاملين بها، عن طريق فتح بعض الأماكن الأثرية ومنها «الوكالات، السبل» وهى مغلقة معظمها خاصة الموجودة فى حى الأزهر، لتصبح بمثابة متاحف مفتوحة يعرض بها أعمال الفنانين المتخصصين فى الحرف اليدوية. فيما يقول محمد حسين: «ورثت تلك المهنة عن جدودى، وهم أشهر ممن تخصصوا فى هذا الفن، وبرعوا فى كافة فروعه، ومنها الحفر والنقش على النحاس والتطعيم بالرسومات الفرعونية والعربية». ويؤكد أن التكفيت على النحاس يستغرق جهدا ووقتا طويلا، لأنه يعتمد على أدوات بسيطة مثل الشاكوش وقلم معدنى فقط ولا تتدخل التكنولوجيا فيه، مما يدفع كثيرين للعزوف عن المهنة ومن ثم لايستمر بها إلا من يعشقها. وعن كيفية تعلمه للمهنة يقول: «كنت أراقب جدى فى صغرى وهو يقوم بالتطعيم على النحاس، ومن هنا بدأت علاقتى بهذا الفن، وعلى يد والدى فيما بعد تعلمت أصولها وأسرارها خاصة أنه هو من قام بتطعيم «باب ضريخ أغا خان». وعن الصعوبات التى تواجههم يؤكد الأسطى عبد المقصود أنها تتلخص فى تحكم التجار فى سوق المهنة بحكم أنهم يمتلكون متاجر وبازارات، فيما الفنان يكتفى بأجره وهو ضئيل، مناشدا وزارة الثقافة، إقامة بازارات أو قاعات عرض بالمتاحف لعرض منتجات الفنانين وبيعها، لافتا إلى ندرة هؤلاء الآن حيث الكثيرون تركوا مهنة التكفيت على النحاس، لما تستغرقه من وقت طويل لإنجاز القطع النحاسية وبيعها، واتجهوا إلى أعمال تجنى ربحا سريعا لمواجهة ضغوطات الحياة.