يونان فقد السلام الداخلى لأنه عاند الله.. وكان يحب نفسه..«وأما الرب فأعد حوتًا عظيمًا ليبتلع يونان، فكان يونان فى جوف الحوت 3 أيام وثلاث ليال، وأمر الرب الحوت فقذف يونان إلى البر»، بهذه الكلمات تحدث سفر يونان النبى أحد أسافر العهد القديم عن معجزة توبة أهل نينوى وابتلاع الحوت ليونان بعدما رفض الذهاب إلى المدينة ودعوتهم للتوبة. يونان اسم عبرى معناه «حمامة» وهو ابن أمتاى، وأحد أنبياء إسرائيل، وكان من مدينة جت حافر فى سبط زبولون، وكان نبى فى مملكة إسرائيل (المملكة الشمالية)، وتنبأ فى الفترة بين 793 – 735 ق.م، حيث عاصر يربعام الثانى ويذكر سفر الملوك الثانى أنه قد تنبأ بأن يريعام بن يهوآش ملك إسرائيل سيجمع إسرائيل من مدخل حماة إلى بحر العربة «خليج العقبة». وبحسب ما جاء فى الأنجيل فإن الله كلف يونان بالذهاب إلى نينوى والمناداة بهلاكها، وكانت نينوى عاصمة كبيرة فيها أكثر من 120 ألف نسمة، ولكنها كانت أممية وجاهلة وخاطئة جدا، ولكن بدلًا من الذهاب إلى نينوى التى تقع إلى الشمال الشرقى من السامرة ذهب إلى يافا- مدينة على البحر- وأخذ سفينة ذاهبة إلى ترشيش، والتى تقع إلى غرب مدينة السامرة فى البحر المتوسط.. قصة يونان النبى لم تذكر فقط فى سفر يونان، ولكنها فى سجل ملوك بنى إسرائيل فتوجد فى سفر الملوك الثاني، فيعلن الكتاب اسمه واسم أبيه ومكان إقامته، بل واسم الملك الذى كان يحكم البلاد فى وقته، كما ذكرت فى العهد الجديد، وعلى لسان المسيح نفسه، عندما قال: «جيل شرير وفاسق يطلب آية، ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي. وعن يونان قال البابا تواضروس الثانى إن العناد أفقد يونان السلام الداخلى لأنه عاند الله، وكان بيحب نفسه أكثر من شىء آخر، وكان بلا توبة كان ساقطًا فى هذة الخطية، وعقله جعله يقع فى الاستهتار والعناد والأنانية. فيما وصف الراحل البابا شنودة قصة يونان على أنها قصة صراع بين الذات الإنسانية والله. ويونان النبى كان إنسانا وكانت ذاته تتعبه، ومشكلة يونان النبى أن ذاته كانت بارزة ومهمة فى طريق كرازته، وكانت تقف حائلا بينه وبين وصية الله. وأضاف، هكذا فكر يونان بعد أن كلفه الله بالذهاب إلى نينوى، والمناداة بهلاكها، سأنادى على المدينة بالهلاك ثم تتوب ويتراءف الله عليها فلا تهلك ثم تسقط كلمتي، ويكون الله قد ضيع كرامتى على مذبح رحمته ومغفرته، فالأفضل أن أبعد عن طريقه المضيع للكرامة، وهكذا وجد سفينة ذاهبة إلى ترشيش، فنزل فيها وهرب، ولم يكن يونان من النوع الذى يطيع تلقائيا إنما كان يناقش أوامر الله الصادرة هل توافق شخصيته وذاته أم لا؟ واستطرد، وفى جوف الحوت وجد يونان خلوة روحية هادئة، ففكر فى حاله إنه فى وضع لا هو حياة ولا موت، وعليه أن يتفاهم مع الله، فبدأ يصلي، إنه لا يريد أن يعترف بخطيئته ويعتذر عنها، وفى نفس الوقت لا يريد أن يبقى فى هذا الوضع. فاتخذ موقف العتاب، وقال: دعوت من ضيقى الرب، فاستجابنى لأنك طرحتنى فى العمق طردت من أمام عينيك. وأضاف بطريرك الكنيسة الراحل لقد دخل شعب نينوى فى التاريخ، ولم تكن لهم مظاهر عظمة تدعو إلى ذلك على الإطلاق، كانوا شعبًا أمميًا لا يعرف الله.