فى أعقاب ثورة 30 يونيو 2013، والإطاحة بحكم محمد مرسي، تصاعد دور المرأة داخل جماعة «الإخوان» الإرهابية، أو من يطلق عليهن «الأخوات»، بشكل كبير، وظهر ذلك من خلال نشاطهن المكثف بالجامعات، وصور العنف التى انتهجتها طالبات الجماعة بجامعة الأزهر، وكان أبرزها محاصرة مكاتب عمداء الكليات، وإغلاق بوابات الجامعة الرئيسية بالسلاسل، ومهاجمة رجال الشرطة، واستخدام الطبول لتعطيل الدراسة. ولم يقف الأمر عند ذلك، بل قام بعض منهن بالقفز فوق أسوار الجامعة، وقذف رذاذ الفلفل الحارق على وجه الطالبات المعارضات لهن، واشتبكت «طالبات الإخوان» فى جامعة الأزهر كذلك مع عدد من الأكاديميات، ورفعن لافتات، قلن فيها، إنهن «قادرات على تحقيق حلم عودة الإخوان للسلطة»، حسب زعمهن. ووصل الحال إلى تحريض بعضهن على العنف ضد الدولة، إذ قدم طارق محمود «المستشار القانونى للجبهة الشعبية لمناهضة أخونة مصر»، بلاغًا إلى النائب العام ضد «عزة توفيق» زوجة القيادى الإخوانى «خيرت الشاطر» برقم 2820 لسنة 2014، وذلك على إثر تصريحات لها على مواقع إخبارية، حرضت فيها على العنف. وكانت «توفيق» أمهلت السلطات المصرية (20) ساعة لعودة جماعة الإخوان إلى الحكم، وإلاَّ ستتحول مصر إلى بركة من الدماء، حسب ادعائها، إلى جانب اعترافاتها، التى استند إليها طارق محمود فى بلاغه، بوجود (20) ألف جهادى على الحدود، مستعدون للقيام بعمليات إرهابية، وأن هؤلاء على استعداد لتنفيذ العمليات فور تلقيهم التعليمات من جماعة «الإخوان». تأسيس قسم لهن يتضح دور «الأخوات» بشكل أكبر، عند النظر إلى تاريخ الجماعة، إذ تأسست أول فرقة للأخوات عام 1933، من نساء الإخوان وبناتهن وقريباتهن، وترأس هذا القسم لأول مرة امرأة تدعى لبيبة أحمد، وتعاقب على رئاسة القسم لهن بعد ذلك، آمال العشماوى، ونعيمة الهضيبى، وفاطمة عبدالهادى، ثم زينب الغزالى. واقتصر دور المرأة منذ إنشاء القسم وحتى عام 1944، على تعاليم مؤسس الجماعة حسن البنا، والتى تقوم على أن دورها هو المنزل وتربية الأولاد ورعاية الأسرة، وعلى رأسها الزوج، من منطلق أن البيت هو الأساس الأول فى إعداد الرجال، وهذا ما أكدته فاطمة عبدالهادى فى مذاكرتها، تحت عنوان «رحلتى مع الأخوات من الإمام حسن البنا إلى سجون عبدالناصر»، والتى كشفت فيها أن دور المرأة فى الجماعة، لم يتخط الحفاظ على الكيان الأسرى والعائلى لأفراد الجماعة. ممارسة العمل السياسى منذ تأسيس ما يسمى «فرقة الأخوات» عام 1932، ركزت على الجانب الاجتماعي، ودعوة النساء إلى الجماعة فى الأماكن العامة والمؤسسات والهيئات الحكومية. وأسهم النشاط الاجتماعى لنساء الإخوان فى إنشاء شبكة عميقة وقوية للأخوات، أفادت الجماعة وقت صدامها مع الأنظمة الحاكمة، إذ استطاعت الأخوات التحرك بحرية أكبر فى جمع الأموال والتبرعات والإنفاق على أسر المعتقلين أو الهاربين. وبعد الصدام بين حكومة «ثورة يوليو» وجماعة الإخوان العام 1954، وما نتج عنه من حملة اعتقالات ومحاكمات طالت أعضاء الجماعة، عمل قسم لهن داخل الجماعة على جمع التبرعات وإيصالها إلى بيوت الإخوان المعتقلين أو الهاربين. ومن أبرز الأدوار السياسية، التى لعبتها الأخوات المسلمات، كان عقب قرار حل الجماعة فى 1948، إذ توجهت مجموعة من القسم إلى مجلس الوزراء وقصر الملك فاروق، حاملة رسالة من حسن البنَّا تدحض أسباب حل الجماعة العام 1948. وفى العقود الأخيرة، تطور دور المرأة فى العمل السياسى، عندما قامت جماعة الإخوان بترشيح امرأة للمرة الأولى فى انتخابات عام 2000 البرلمانية، هى جيهان الحلفاوى، نتيجة للضغوطات من قبل العديد منهن. أشهر نساء الإخوان تعتبر زينب الغزالى «زوجة محمد سالم العضو فى جماعة الإخوان»، أبرز مثال على عملية تطور دور المرأة داخل الجماعة، وحجم العمل السياسى الذى بدأته فرقة الأخوات، والانزلاق إلى الصراعات الإيديولوجية. تمثل هذا الحضور فى دورها هى و«أمينة وحميدة قطب»، شقيقتا القيادى الإخوانى سيد قطب فى تنظيم 1965 الشهير، الذى كان يخطط لبناء خلايا سرية لتغيير النظام، وكان السبب فى إعدام سيد قطب. وتطورت أدوار «الأخوات» داخل الجماعة، رغم تناقضها مع أدبيات حسن البنَّا بشأن دور المرأة، والذى لا يتجاوز اعتبارها زوجة وأمًا، وذلك انطلاقًا من تأثر بعضهن بأطروحات سيد قطب، وتعتبر زينب الغزالى من أشهر الأخوات اللواتى تأثرن بنهج قطب، وقد بايعت حسن البنا عام 1948. وتقدم زينب الغزالى فى مذاكرتها بعنوان «أيام من حياتي»، إذ استخدمت مفاهيم سيد قطب بكثافة، مثل «الحاكمية والجاهلية والجهاد والدولة الإسلامية». وقالت زينب الغزالى فى مذكراتها: «كنا على قناعة كذلك بأن الأرض الإسلامية الملتزمة التزامًا كاملًا، كما كان الأمر فى عهد النبوة والخلافات الراشدة، لذلك وجب الجهاد على الجماعة المسلمة التى تحكم الله وتمكن لدينه فى الأرض حتى يعود جميع المسلمين للإسلام، فيقوم الدين القيم، لا شعارات، ولكن حقيقة عملية واقعة». وتنسجم الغزالى مع رؤية قطب حول أدوار المرأة فى المجتمع الإسلامى؛ فهى تقول: «ويوم يحكم الإسلام ستكون مواقع المرأة فى مملكتها الطبيعية لتربى رجال الأمة».