اعتمد تنظيم «داعش» على الانتشار عبر الفروع، وهى الإستراتيجية التى أطلق عليها «الانتشار عبر الفروع» مركزًا على آسيا، مستغلا الأوضاع السائدة فى أكثر من بلد فيها، من خلافات وانقسامات قومية ودينية، وطائفية وعرقية، ومستفيدا من خواء السيطرة الأمنية، أو ضعفها فى أكثر من دولة، ومنها أفغانستان، على سبيل المثال لا الحصر. الأسباب التى جعلت قوة داعش تتعاظم فى آسيا من حيث انضمام عناصر كثيرة منها: اعتماده على محطات من الجماعات القريبة منه فكريًا مثل أكناف بيت المقدس، وجماعة أنصار الإسلام، وجماعة المجاهدين فى بنجلاديش. والثانى هو عودة حملة الجنسيات الأجنبية الذين يتمتعون بحرية التنقل، إلى بلادهم، ومنها طاجيكستان وأوزبكستان والشيشان، دون وجود خارطة تفصيلية دقيقة عنهم، بعد أن بدأ التنظيم يفقد معاقله الأساسية فى سوريا والعراق، مصرًا على نسخ تجربته فى مناطق أخرى، لاسيما وسط آسيا، وتحديدا باكستانوأفغانستان والجمهوريات السوفيتية السابقة. كما يستغل التنظيم مشاكل الأقليات الإسلامية فى القارة برمتها للتحريض على رد الفعل، إما من خلال تنظيمات محلية أو من خلال ما يسمى بالذئاب المنفردة، التى تتحرك بشكل معزول، فيما يلعب أيضا على التناقضات التى يجدها فى عدد من المجتمعات وسط وشرق آسيا كى يجند أتباعا له ويوسع انتشاره الجغرافى. وقد استغل التنظيم بعض الشخصيات الجهادية المؤثرة فى منطقة جنوب شرق آسيا للاعتماد عليها فى تجنيد عناصر جديدة، مثل محمد على تامباكو وعثمان باسط عثمان فى الفلبين، إضافة إلى بحرون نعيم الذى ساهم فى تمدد التنظيم بشكل ملحوظ فى إندونيسيا. واستفاد التنظيم، أيضا من تراجع دور تنظيم القاعدة، لا سيما فى أفغانستانوباكستان، حيث أعلن عن إنشاء ولاية خراسان، وبايعه قادة منشقون عن حركتى طالبان باكستان وطالبان أفغانستان. وتأتى العمليات الإرهابية الضخمة من التنظيم وتحديدًا فى منطقة وسط آسيا، بهدف الدعاية والترويج، ولعل هجوم العاصمة البنغالية دكا، جاء فى هذا السياق. التنظيم وجد نفسه فى مواجهة سياسات مختلفة، ومختلة أحيانًا، ووجد البغدادى نفسه، كحلقة من حلقات الصراع بين واشنطن وحلفائها، كما وجد أنه يمكن أن يوظف ما يحصل للبقاء لأطول فترة ممكنة، وهذا ما حصل بالضبط، لذا جاء التمدد الآسيوى كحلقة من حلقات إعادة الحياة للتنظيم من جديد فى مناطق أخرى، هى أبعد عن أمريكا لكنها أقرب إلى روسيا العدو الإستراتيجى. ويعد ما يجرى فى آسيا، هو إشارة واضحة إلى خطر العائدين، الذى حذرنا منه من قبل، وأكدنا مرارًا على أن العنف الداعشى لن ينتهى الآن، لكنه سيتحول ويتحول ويتكور ويتشظى فى أشكال جديدة.