تصريحات نارية يطلقها مسئولو الأوقاف بمحافظة الجيزة، لا يملكون سواها فى مواجهة التطرف والتشدد، والتعديات على المساجد، التى صارت تحت قبضة السلفيين خاصة فى قرية المعتمدية مسقط رأس القيادى والقطب السلفى المتشدد محمد حسين يعقوب. "البوابة نيوز" ذهبت إلى هناك، لكى تعرف الحقيقة وتكشف المستور، وتتبين ما إذا كان سيطرة أنصار "يعقوب" على مساجد البلدة صدقا أم كذبا، وبالفعل وجدنا أن هناك الكثير من المساجد التى بها حضانات للأطفال، ولجان زكاة تابعة للجماعات السلفية، وغير ذلك الكثير والكثير، من الأشياء التى تؤكد للجميع أن المعتمدية أصبحت بؤرة سلفية، تصدر الفكر المتطرف لجميع القرى والمراكز، التى حولها بامتياز. باتت مساجد القرية تحت سيطرة السلفيين الذين ملكوا زمام كل شيء بها رغم قيام ثورة 30 يونيو، وسقوط حكم الإخوان، ورغم حديث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن تجديد الخطاب الديني، إلا أن الوضع فى قرية المعتمدية محلك سر. ففى مسجد سيدى على بالمعتمدية الذى بناه الصوفية منذ عام 1995 وظل تحت سيطرتهم سنوات طويلة إلى أن تم ضمه لوزارة الأوقاف عام 2000م، إلا أن توجه السلفيين للقضاء على أى وجود صوفى بالقرية كان دافعا للتكاتف مع قيادات الأوقاف لإبعاد الصوفية عن المسجد ووضع السلفيين بدلا منهم بالقوة الجبرية حيث إن حسين يعقوب أصدر تعليماته لأتباعه وأنصاره بالقرية أن تكون كل المساجد سلفية ترفع راية التوحيد ولا يجب بأى حال من الأحوال أن يتواجد الصوفية المبتدعة فى هذه المساجد. وتصاعدت هذه السيطرة السلفية خلال السنوات الماضية، ليبدأوا مخططهم لهدم الجدار الفاصل بين المسجد وساحة ضريح سيدى على، ثم الاستيلاء على دور كامل من المسجد وليس هذا المسجد الوحيد الذى يسيطر السلفيون على الأدوار العليا فيه بل هناك الكثير من المساجد الأخرى التى يسيطر عليها رجال يعقوب. وتكشف مذكرة قدمها الصوفية ورواد المسجد لوزير الأوقاف عن استيلاء لجنة زكاة المعتمدية على الدور الثانى بالمسجد بدعم قيادات سلفية بمديرية أوقاف الجيزة، حيث تم وضع أقفال على عدة غرف وتعليق لافتات (مشغل لجنة الزكاة، مخزن لجنة الزكاة، مقر لجنة الزكاة، بوفيه لجنة الزكاة). ورغم توقيع مفتشى الأوقاف أكثر من مرة فى دفتر الحضور والانصراف للعمال بعدم تمكين لجنة الزكاة من وضع صناديق بالمسجد أو اتخاذ مقر لهم إلا أن لجنة الزكاة وبدعم قيادات مديرية الأوقاف استولوا على المسجد بل وهددوا الصوفية بضم ساحة الضريح للمسجد، وقاموا بهدم الجدار الفاصل بين المسجد وساحة الضريح. تصاعد الأزمة فى مسجد "سيدى على" تحديدا بالمعتمدية وصل إلى ساحة نيابة الأوقاف التى فتحت تحقيقا موسعا فى القضية رقم 515 لسنة 2016، حول تعدى لجنة الزكاة على المسجد، وتم التحقيق مع العمال ومفتشى الأوقاف، ومديرى إدارة أوقاف أوسيم، ورغم ثبوت التعدى على المسجد إلا أن قيادات الأوقاف استمروا فى دعمهم لجنة الزكاة المعتمدية على المسجد، بل وأبعدوا خطيب المسجد الصوفى الذى بنى المسجد، وهددوا الصوفية بمنع إقامة احتفالاتهم وحلقات الذكر ومن يتكلم سيتعرض لكافة أنواع العقاب من قبل رجال يعقوب. وفى شهر نوفمبر الماضى عاينت لجنة من التفتيش العام بوزارة الأوقاف والإدارة الهندسية وأكدوا أن لجنة الزكاة متعدية على المسجد، وأوصوا ببناء الجدار الفاصل بين المسجد وساحة الضريح والذى هدمته لجنة الزكاة والسلفيون، إلا أن مدير مديرية أوقاف الجيزة سلامة عبدالرازق ضرب بهذه القرارات عرض الحائط وترك لجنة الزكاة فى المسجد بل وتمادى بوعده لهم فى تشكيل مجلس إدارة للمسجد يكونون جزءا منه. الأزمة تتفاقم أيضا فى عدة مساجد بقرية المعتمدية بالجيزة، فهناك مخالفات أخرى تمثلت فى هدم ضريح الأربعين بالمعتمدية ضمن خطة تطوير المسجد التابع لوزارة الأوقاف، ولم يتم إعادة بنائه مرة أخرى ضمن التخطيط الهندسى الصادر بمعرفة الإدارة الهندسية بمديرية الأوقاف. وتكشف خرائط المساحة الرسمية لعامى 1929 و1930 عن المكان الأصلى لمقام الأربعين داخل المسجد، والذى تم هدمه بمعرفة السلفيين داخل مديرية الأوقاف. هناك أيضا عدة مساجد يسيطر عليها السلفيون فى المعتمدية، ومنها مسجد التقوى والسنية والهداية وخاتم المرسلين والرحمن وهذه المساجد يمنع منعا باتا أن يقترب منها أحد من الصوفية أو الذين على خلاف مع أباطرة المنهج السلفى وعلى ذلك عندما تقرب من هذه المساجد تجد رجالا بلحى طويلة وجلباب قصيرة يقفون لكى يؤمنوا هذه المساجد حتى لا يدخل إليها من يريدون التجسس على أخبار السلفية أو مشايخهم فى هذه المنطقة المحرمة إلا على السلفية والإخوان. وفى كل منها توجد دور حضانة ومراكز لتحفيظ القرآن تصدر للأطفال ذلك الفكر السلفى المتشدد فضلا عن تعليمهم وتخريجهم على أن من يخالفهم فى الدين فهو كافر حلال دمه. الوضع فى قرية المعتمدية ليس أفضل حالا من مساجد كثيرة بمحافظة الجيزة يسيطر عليها السلفية والإخوان وتابعوهم، فقد أصبحت مساجد الجيزة بين سندان التعديات ومطرقة السلفيين. وتكشف عدة شكاوى قدمها رواد عدة مساجد لوكيل وزارة الأوقاف بالجيزة، عن وقائع جديدة تؤكد استمرار العشوائية والفوضى والتعديات بمساجد الأوقاف بالجيزة، وسيطرة السلفيين والإخوان على بعض المساجد، رغم تصريحات المسئولين التى لا تمت للواقع بصلة. فقد فرض الإخوان والسلفيون سيطرتهم على مساجد كرداسة وناهيا وعلى وجه الخصوص مسجد عثمان بن عفان، بالإضافة إلى مقر الجمعية الشرعية ببنى مجدول التابع لكرداسة الذى يسيطر عليه السلفيون. ومن المساجد التى لا تزال تحت قبضة الإخوان مسجد جمعية عباد الرحمن الخيرية بمدينة الشيخ زايد بأكتوبر، ومسجد الرحمن بقرية طموه التابعة للجيزة وكل هذه المساجد لا يستطيع مسئولو وزارة الأوقاف دخولها. أما فى قرية شبرامنت بالجيزة فقد سيطر السلفيون على مسجد التوحيد ومسجد عباس ومسجد المستشفى حيث استولى عليه السلفيون بالكامل، واستغلوا ملحقاته وهى ثلاثة أدوار تجارة لهم يعلم فيها التابعون لنفس الفكر حيث يرفض رفضا تاما أن يعمل من هو ليس مؤيدا لفكرهم وتوجهاتهم. فى السياق ذاته طالب أهالى المعتمدية من جريدة "البوابة" أن تقوم بتوصيل معاناة أهالى البلدة والبلاد المجاورة إلى مسئولى وزارة الأوقاف الذين لم يتحركوا حتى الآن لفك الحصار من قبل أتباع الفكر المتشدد الذى يصدره أنصار "يعقوب" لجميع المواطنين المتواجدين فى هذه البلدة التى أصبحت معقلا لهم ولأفكارهم. من ناحية أخرى، طالب ائتلاف الطرق الصوفية وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة بتشكيل لجنة من التفتيش العام بالوزارة لمراجعة التعديات الواقعة على عدد من المساجد بقرية المعتمدية بالجيزة، والمتورط فيها عدد من مسئولى الإدارة الهندسية بمديرية الأوقاف بالجيزة وإدارة أوقاف أوسيم التابعة له.