"الأحياء هيعرفوا يتصرفوا إنما الميتين هيتصرفوا إزاي؟!".. هكذا عبر أهالي قرى جنوب مدينة إسنا جنوبالأقصر البالغ عددهم أكثر من 50 ألف نسمة، عن مأساتهم بعد وصول المياه الجوفية إلى مقابر موتاهم وسط صمت المسئولين وعدم قدرتهم على وضع أي حلول جذرية لتلك المشكلة حتى الآن. ظهرت أزمة "المياه الجوفية" بشكل واضح مع بناء "هويس إسنا الجديد" فيما يقرب من 9 قرى تقع بالناحية القبلية للهويس الجديد، وهي المنطقة الجنوبية لمدينة إسنا، وتشمل قرى "القرايا، والنمسا، والمساوية، والعضايمة، وحاجر كومير، والسريب، والدقيرة، والترعة، وباويل"، حيث يرتفع منسوب المياه التي يحجزها الهويس سنويًا لمدة 6 أشهر فيتسبب في ارتفاع منسوب ترعة الرمادي المحيطة بتلك القرى، وتبدأ الكارثة السنوية لسكان تلك القرى التي امتدت إلى المقابر، فيما لا تتأثر المنطقة البحرية من الهويس بالمياه لأن منسوب المياه منخفض ولم يحجزه الهويس الجديد كما فعل بقرى الجنوب. ومع حلول شهر سبتمبر وحتى نهاية فصل الشتاء، يرتفع منسوب مياه ترعة الرمادي ويزيد 50 سم خلال تلك الفترة، وذلك لوجود ترع فرعية من الرمادي تسحب المياه للوصول لأراضي المزارعين، حيث تبدأ المعاناة لأهالي تلك القرى. "البوابة نيوز" التقت أهالي مدافن قرى "العضايمة والسريب والدقيرة وجزيرة راجح" وعزبة "علي بدر"، الذين رفعوا أصواتهم بالشكوى للمسئولين. ويقول الشيخ محمود عبدالكريم عرابي، مسئول المدافن: إن منطقة الجبانات "تعاني من ارتفاع منسوب المياه الجوفية التي لا نعرف مصدرها وتسببت في ظهور ترشيح للمياه بمنطقة المقابر أو الجبانات ما يهدد بإغراق عدد كبير من جثث الموتى وانتهاك حرمتهم بعد أن طالتها المياه الجوفية"، مطالبا بسرعة تنفيذ مشروع الصرف الصحي. وأضاف عبدالكريم: "الموتى أصبحوا يطفون على سطح المقابر، نضطر لترك الميت بالساعات حتى نستطيع توفير مقبرة ندفنه فيها، لأن المقابر بتكون مليانة مياه جوفية، يعني الأحياء هيعرفوا يلاقوا مخرج إنما الميتين هيتصرفوا إزاي وكل قرى والنجوع مثل العضايمة والدقيرة وعزبة العرب وعزبة وهبان بيعانوا من تلك المشكلة ونتمنى الاستجابة من المسئولين والإحسان إلى موتانا". وأوضح فايز علي إبراهيم، مدرس من جزيرة راجح، أن المياه الجوفية القادمة من باطن الأرض تسببت في وجود تجمعات للمياه بالقرب من منطقة المقابر، و"كلما قامت سيارات الكسح بالوحدة المحلية بشفطها عادت مرة أخرى، كما تسببت في ظهور رشح في جوانب منطقة المقابر ما يهددها بالانهيار على الميتين"، مطالبا بتحديد أسباب ظهور المياه من باطن الأرض وإلحاقها الضرر بالمقابر والمنازل، مضيفًا: "تقدمنا بمذكرات عدة واستغاثات للمسئولين لكن ما من مجيب". ويقول عبدالفتاح عبدالوهاب، من قرية العضايمة: "قمنا بجمع الأموال لفرش مداخل الجبانات بالتربة الزلطية حتى نستطيع دفن موتانا وأحيانا نقوم بوضع رمال في المقبرة لمواجهة المشكلة"، مضيفا: "يعني بدل ما الدود ياكل الجثة المياه الجوفية بتاكلها". فيما أكد مصدر بمجلس مدينة إسنا أن سيارات الكسح التابعة للوحدة المحلية تسحب المياه من مناطق تجمعها بقرى جنوب إسنا بشكل دائم. من جانبه، أوضح خالد عبدالمنعم مجاهد عضو مجلس النواب عن دائرة مركز إسنا، أنه سيقوم بمناقشة مشكلات تلك المقابر مع المحافظ والتنفيذيين؛ لحلها، وعمل دراسة شاملة لمشكلات القرية وعرضها عليهم؛ لبحث الحلول المتاحة، لافتا إلى أنه في حالة وجود عقبات مثل الاحتياج إلى الدعم المالي الخارج عن قدرة المحافظة أو موافقات الوزارات المعنية، سيتقدم بمذكرة لرئيس المجلس ولو لزم الأمر سوف يتقدم بسؤال أو طلب إحاطة.