أكد الشيخ نشأت زارع، إمام وخطيب مسجد سنفا بميت غمر بمحافظة الدقهلية خلال خطبة اليوم الموحدة بعنوان ((الحج بين الرحمة والتيسير وبيان أن قضاء حوائج الناس أولى من تكرار الحج والعمرة))، أن من رحمة الله بعباده أنه لم يجعل عليهم فى الدين من حرج وأنه لا يكلف نفسا إلا وسعها وجعل الطاعة على قدر الطاقة، وفى كل العبادات نجد التيسير والتخفيف والرحمة واليسر، وكان أشد مايكرهه النبي صلى الله عليه وسلم، التنطع والتشدد، بل كان يقول: "هلك المتنطعون" أى الذين يتشددون فى غير موضع التشدد، مؤكدا أن الأمثلة على ذلك لاتعد ولا تحصى. وأضاف الشيخ زارع، أن من رحمة الله بعباده فى الحج الذى نحن بصدده، أنه فرضه عليهم مرة واحدة فى العمر، وفى حال الاستطاعة، ولم يطلب منهم تكراره، وقد حج النبي صلى الله عليه وسلم مرة واحدة فى العام العاشر من الهجرة في حجة الوداع، وفى مناسك حجته اشتهرت عنه مقولة: ((افعل ولا حرج، افعل ولاحرج))، وكانت عن أسئلة الحجاج مع النبي مثل واحد يقول: يارسول الله حلقت قبل أن أذبح، وآخر يقول: نحرت قبل أن أرمى، وكان ييسر عليهم بهذه المقولة. وأشار إلى أن ما يقع من بعض المسلمين فى مسألة تكرار الحج والعمرة، وإغفال الجوانب الأخرى فى الشريعة، يدل دلالة واضحة على غياب «فقه الواقع» وأيضا «فقه الأولويات»، إذ بسبب غيابهما يفهم كثير من الناس أداء العبادات خطأ، والأولى والأفضل توجيه نفقة نافلة الحج والعمرة إلى أعمال الخير وتنمية المجتمع ومواساة الفقراء وأصحاب الحاجات ومساعدة المرضى غير القادرين، وسداد ديون الغارمين أرجى فى القبول وأجزل فى الثواب وأكثر فى الأجر عند الله تعالى من تكرار الحج والعمرة. واكد خطيب الجمعة أن تكرار الحج فى هذه الايام قد يصل إلى الكراهية واحيانا للحرمة، لأنك تتسبب فى معاناة الآخرين وربما تتسبب فى قتلهم بسبب الزحام، وقد رأينا فى العام الماضى المئات يموتون دهسًا تحت الإقدام بسبب الزحام، مضيفا أن فقه الواقع والاولويات أن يمتنع من قرر التكرار والأولى والافضل من ذلك إنفاق هذه الاموال فى زواج اليتيمات والانفاق على الفقراء ومد يد العون لأصحاب العوز والحاجات وفك أسر الغاريمات وما أكثر هذه الحالات في المجتمع. واوضح أن هناك حديثا لإبن مسعود عن النبي أن الله قد كشف له الحجب، وتكلم عن أحداث القرن ال21 منذ اكثر من 14 قرنا، حيث قال: ((فى آخر الزمان يكثر الحج بلا سبب، يهون لهم فى السفر ويبسط لهم فى الرزق، فيهوي بأحدهم بعيره بين الرمال والقفار يضرب في الأرض للحج، وجاره إلى جنبه مأسور لا يواسيه))، مشيرا الى أنه احيانا تجد إنسانا قد مد يده إلى المال العام أو الرشوة والاختلاس ويظن أنه يذهب للحج لكى يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، نقول لهؤلاء: من شغله الفرض عن النفل فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض فهو مغرور، وان الله لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة. وأضاف: أنه اليوم يوجد رحلات حج 7 نجوم بتكلفة قد تصل الى ال100 الف جنيه وربما للمرة العاشرة متسائلا: كم مليون مسلم يحجون كل عام حجة نافلة؟ معظم الحجيج ليست الحجة الأولى لهم، فالاولى إنفاق هذه المليارات فى أولوياتها. واشار الى أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح وخصوصا إذا كانت المفاسد عامة والمصالح خاصة، فإذا كانت مصلحة بعض الأفراد أن يتنفل بالحج والعمرة مرات ومرات، وكان من وراء ذلك مفسدة عامة للألوف ومئات الألوف من الحجيج مما يلحقهم من الأذى والضرر فى أنفسهم وأبدانهم حتى هؤلاء المتنفلون أيضا يتأذون من ذلك كان الواجب منع هذه المفسدة بمنع ما يؤدى إليها، وهو كثرة الزحام خاصة أن أبواب التطوع بالخيرات واسعة وكثيرة، ولم يضيق الله على عباده فيها والمؤمن البصير هو الذى يتخير منها ما يراه أليق بحاله وأوفق بزمانه وبيئته ومجتمعة، فإذا كان فى التطوع بالحج أذى أو ضرر يلحق بعض المسلمين فقد فسح الله للمسلم مجالات أخري يتقرب بها إلى ربه دون أن تؤذى أحدا فهناك الصدقة على ذوى الحاجة والمسكنة، ولا سيما على الأقارب وذوى الأرحام والفقراء من الجيران وهناك دعم اقتصاد وطنك يعد من اعظم صور الجهاد بالمال فى هذه الأيام. واشار إلى أنه لو صح الفهم وعرفوا فقه الأولويات لعلموا أن إطعام البطون الجائعة وكسوة الأجساد العارية وإيواء النسمات المشردة وكفالة الأيتام وإيواء اللاجئين وتخفيف آلام المرضى وتعليم الجاهلين وتشغيل العاطلين أرضى لله رب العالمين، فإن واجب الوقت يقتضي علينا نحن المسلمين قبل أن نكون حريصين علي الطواف حول الكعبة والسعي بين الصفا والمروة، أن نطوف حول قلوب الفقراء والمشردين وأطفال الشوارع ونسعى في حاجة الأمة، ولو وجهت هذه النفقات إلي النهوض بالأمة لأصابت صلاح الدنيا بالدين.