لا يزال مسلسل هدم الأماكن ذات القيمة التاريخية المميزة يتواصل، فبعد «مسرح السلام» بالإسكندرية ومن قبله منازل الشعراء «رامى، وبيرم التونسى، البارودى» يبدو الدور الآن على «محلج القطن» بالقناطر الخيرية، والذى بنى فى عصر محمد على، حيث يتردد أن رجل الأعمال الذى قام بشرائه يستعد الآن لهدمه لبناء برج سكنى. يحدث ذلك فيما صمت القبور يلف العاملين فى «الجهاز القومى للتنسيق الحضارى» والذى حصل منذ فترة على صفة الضبطية القضائية، التى تتيح له التدخل ومواجهة هؤلاء الذين يعتدون على الأماكن التراثية التى لها قيمة جمالية وتاريخية، كما يقول الناقد الكبير أحمد الخميسى، مضيفا أن الجهاز تحول إلى مشاهد يرى ويسمع لكنه لا يتحرك ولا يبدى أى رد فعل تجاه ما يحدث لتلك الأماكن، مشيرًا إلى أنه سبق هدم فيلّا الشاعر أحمد رامى فى حدائق القبة، ومنزل الشاعر بيرم التونسى فى الإسكندرية، فيما تحول منزل الموسيقار سيد درويش فى «كوم الدكة» إلى مأوى للحيوانات الضالة، ويتعرض منزل الشاعر سامى البارودى للانهيار، إضافة إلى متحف هدى شعراوى فى المنيا، ومثله متحف أحمد عرابى الذى تحول إلى وكر لمدمنى المخدرات. ويلفت «الخميسى» النظر إلى غياب دور الدولة التى يتم فى ظل سياساتها الثقافية كما يقول ترميم ذقن تمثال فرعونى بصمغ اعتيادى رخيص، وتحويل مسرح السلام إلى فندق، مضيفًا أنه يلوم من جهته الحركة الثقافية أيضًا التى تصمت تجاه ما يحدث، مشيرًا إلى قيام المواطنين فى ألمانيا بشراء بيت بيتهوفن وترميمه حتى أصبح متحفًا، فيما الحال فى مصر على النقيض، حيث لا يفعل أحد شيئًا بداية من المثقفين والوزارة المسئولة وجهاز التنسيق الحضارى.. إلخ. من جهته يعبر المنتج والسيناريست محمد عبدالخالق عن حزنه لما وصل إليه الحال قائلًا: إن المسئولين عن الحفاظ على تلك الأماكن هم مجرد موظفين وظيفتهم التوقيع فى كشوف الحضور والانصراف، لافتًا إلى غياب دور جهاز التنسيق الحضارى، متسائلًا: كيف ينام رئيسه قرير العين فيما تخسر مصر يوميًا من حضارتها الكثير؟