انتخابات النواب 2025.. انتظام عملية التصويت في الدوائر ال19 بجولة الإعادة    وزير الإسكان يتفقد المحاور والطرق بمدينة الشروق بعد جولته بالقاهرة الجديدة    خبراء: الاستيراد والتعاقدات طويلة الأجل ساهمت في استقرار أسعار القمح محليًا رغم الارتفاع العالمي    زيلينسكي يلمح إلى حل وسط في مفاوضات أوكرانيا وخارطة طريق اقتصادية حتى 2040    القاهرة الإخبارية: تأكيد سعودي على وحدة اليمن ودعم المسار السياسي لوقف التصعيد    الجيش الملكي يعلن الاستئناف على عقوبات الكاف بعد مباراة الأهلي    كأس مصر.. شريف وجراديشار يقودان هجوم الأهلي أمام المصرية للاتصالات    رونالدو يقود النصر أمام الأخدود في الجولة 11 من دوري روشن السعودي    وزير الرياضة ومحافظ القاهرة يشهدان ختام نهائي دوري القهاوي للطاولة والدومينو    بسبب الطقس السيئ.. سقوط شجرة على سيارة أجرة بالبحيرة    صادر له قرار هدم منذ 22 عاما.. النيابة تطلب تحريات تحطم سيارة إثر انهيار عقار بجمرك الإسكندرية    وزير الثقافة ناعيًا المخرج الكبير داود عبد السيد: السينما المصرية فقدت قامة فنية كبيرة ومبدعًا استثنائيًا    وزير الصحة يكرم العاملين بالمنظومة الصحية تقديرا لجهودهم خلال عام 2025    مكتبة الإسكندرية تحتضن ختام فعاليات "أكبر لوحة في العالم" بمشاركة أطفال المدارس المصرية اليابانية    رمضان 2026| الصور الأولى من مسلسل "فن الحرب"    تأجيل محاكمة أحد التكفيرين بتهمة تأسيس وتولي قيادة جماعة إرهابية    السجن 10 أعوام وغرامة 50 ألف جنيه لمتهم بحيازة مخدرات وسلاح ناري بالإسكندرية    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يستخدم المدرعات والروبوتات المفخخة ويكثف قصفه شرق غزة    رمضان 2026.. الصور الأولى من كواليس "عين سحرية" بطولة عصام عمر    أمم إفريقيا - دوكو دودو ل في الجول: كنا نستحق نتيجة أفضل أمام الكونغو.. ونريد الوصول إلى أبعد نقطة    شوربة شوفان باللبن والخضار، بديل خفيف للعشاء المتأخر    الأرصاد: السحب تتشكل على جنوب الوجه البحري وتتجه للقاهرة وتوقعات بسقوط أمطار    محافظ البحيرة تتفقد لجان انتخابات النواب.. وتؤكد على الحياد أمام جميع المرشحين    الدكتور أحمد يحيى يشارك باحتفالية ميثاق التطوع ويؤكد: العمل الأهلى منظومة تنموية    ترامب يدعو وزارة العدل إلى فضح الديمقراطيين المتورطين في قضية جيفري إبستين    بعزيمته قبل خطواته.. العم بهي الدين يتحدى العجز ويشارك في الانتخابات البرلمانية بدشنا في قنا    عمومية الطائرة تعتمد بالإجماع تعديلات لائحة النظام الأساسي وفق قانون الرياضة الجديد    قرار وزاري من وزير العمل بشأن تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية    تطورات الحالة الصحية للفنان محمود حميدة    اليوم.. العرض الخاص لفيلم "الملحد" ل أحمد حاتم    مواعيد وضوابط التقييمات النهائية لطلاب الصفين الأول والثاني الابتدائي    الرقابة المالية تصدر نموذج وثيقة تأمين سند الملكية العقارية في مصر    هيئة تنشيط السياحة: القوافل السياحية أداة استراتيجية مهمة للترويج للمنتج المصري    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    بولندا تغلق مطارات بسبب غارات روسية على أوكرانيا    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    القبض على أجنبي لتحرشه بسيدة في عابدين    متحدث الوزراء: توجيهات بتخصيص الموارد لتطوير التأمين الصحي الشامل و«حياة كريمة»    تواجد بنزيما.. تشكيل اتحاد جدة المتوقع أمام الشباب بالدوري السعودي    الغش ممنوع تماما.. 10 تعليمات صارمة من المديريات التعليمية لامتحانات الفصل الدراسي الأول    إصلاح كسر خط مياه بشارع 17 بمدينة بنى سويف    روسيا: تنفيذ ضربة مكثفة ضد البنية التحتية للطاقة والصناعة الدفاعية الأوكرانية    27 ديسمبر 2025.. أسعار الحديد والاسمنت بالمصانع المحلية اليوم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    انطلاق الدورة 37 لمؤتمر أدباء مصر بالعريش    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    مفتي مصر بدين الهجوم على مسجد بحمص السورية    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    نجم الزمالك السابق: محمد صلاح دوره مع منتخب مصر مؤثر    121 عامًا على ميلادها.. «كوكب الشرق» التي لا يعرفها صُناع «الست»    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد العسيري يكتب: عرفتهم "15"| مجدى العمروسي.. الصندوق الأبيض
نشر في البوابة يوم 19 - 06 - 2016

شيء ما كان يدفعنى لعدم الاقتراب من ذلك المغنى الكبير الذى طبقت شهرته الآفاق، ولم أتعاطف أبدًا مع قصة مرضه وكنت أحسبها من دواعى الشهرة وأدواتها التى يستخدمها أهل الفن لجذب الأضواء إليهم.. لكننى فى الوقت نفسه لم أكن أستطيع أن أتجاهل أغنياته الوطنية المدهشة لثورة يوليو ورحلتها، رغم أننى أحيانًا كنت أعتقد أن البطل فيها صلاح جاهين وكمال الطويل، وأرى أن حليم لم يكن أكثر من مجرد برواز وفاترينة.. بل زاد الطين بلة أننى اعتبرته رجل السلطة الذى لم يستطع الدفاع عن شاعره، حينما اعتقله نظام عبدالناصر، واكتفى بأن يرسل له السجائر المارلبورو.. ظل هذا الأمر يحيرنى سنوات قبل أن أدرس الموسيقى، وأعرف بعض أسرارها، وأكتشف ذلك الكنز الكبير الذى أضافه الرجل لمسيرة الغناء فى بلادنا.. وفى كل كلمة كنت أقرأها عنه أو حكاية أسمعها.. كنت أجد ذلك الرجل الخفى اللى اسمه مجدى العمروسي.
ذلك المحامى السكندرى الذى ترك مهنة المحاماة، ليصبح رفيق رحلة العندليب ورأسه الذى يفكر.. وذراعه التي تسنده وعقله الذى يدير.. وكان من الطبيعى، وأنا أعمل محررًا لشئون الموسيقى أن يجمعنى به لقاء أو أكثر.. لكننى لم أتخيل أبدًا أنه سيكون أخًا وصديقًا لى ولو لمدة يوم واحد.
كان مقر شركة «صوت الفن» لأصحابها عبدالوهاب وعبدالحليم ووحيد فريد فى شارع عدلى بوسط البلد، مش مجرد مكان للتجارة.. كان أشبه بالثكنة العسكرية.. يعنى ما ينفعش تروح وتطلب تشوف حد كده.. لازم ميعاد مسبق.. ومش ممكن تتأخر عن الميعاد ده دقيقة واحدة.. ولو حكمت الظروف ورحت هتشوف العجب.. تقريبًا كل الأسماء الكبيرة فى عالم الموسيقي.. يعنى ممكن وأنت خارج من الأسانسير الحديدى العتيق تلاقى نفسك وش كده مع عمنا محمد الموجى، وهو خارج زعلان عشان العمروسى مرضيش يزود أجره.. أو أن الست نجاة موجودة جوه.. فمفيش حد يقدر يعدى قدام الطرقة.. أو أن الأبنودى قالبها مسخرة فى أوضة عم ممدوح المدير الإداري!! أو أن المخرج الكبير حسين كمال مش عارف بيعمل إيه.. لم تكن مجرد شركة، بل عالم موسيقى كامل إن دخلت إليه فقدت نصف عقلك.. ولن تسترده بسهولة.
فى تلك الفترة أصدر مجدى العمروسى كتابًا عن عبدالحليم أسماه «أعز الناس».. ونفدت طبعته الأولي.. وكتبت عن «الكتاب» وعن الرجل الذى كتبه.. وفوجئت فى الطبعة الثانية بمقالى مضافًا إلى الكتاب وبرسالة رقيقة من الرجل.. وطلعت فى دماغى أعمل الكتاب مسلسلًا للإذاعة.. وذهبت لأحصل على موافقة العمروسى «كتابة».. ولم يستغرق الأمر دقائق.. وهذا الأمر زاد من حيرتي.. المهم كتبت حلقتين وسلمتهما للمخرج ثروت رضوان أو لنجوى أبوالنجا باسم «عصفور الشتا» واتصلت بعم مجدى لأخبره أننى أريد أن أسمعه صوتًا جديدًا.. وحدد لى الموعد.. وبمجرد أن انتهى من سماعه، وكان معى الموسيقار فاروق الشرنوبي.. أرسل فى طلب نسخة من عقد أصالة
كانت قد وقعت مع الشركة ألبومها الأول وأخبرنى أنه سيتعاقد مع أسامة الشريف بنفس الشروط.. وسألنا ماذا تريدون غير ذلك؟.. وكان الرد «الاستديو وفرقة أمير عبدالمجيد».. وكان أن سجلنا أغنيات ألبوم «مجنون بعشقك».. وفوجئت أن الرجل لم يبخل أبدًا فى أى شيء طلبناه.. بل العكس.. حينما قررنا أن يشارك أسامة فى حفل أضواء المدينة.. أرسل السائق الخاص به ليكون تحت أمره.. وأرسل من منزله طعامًا مسلوقًا.. وصحيًا حتى لا يأكل مطربه ما يتعب صوته.. وأرسل صورًا ومادة صحفية لكل الصحف.. وحدد مواعيد مع مخرجين كبار لاستضافته فى برامج.. والأهم.. أنه لم يكن يغيب لحظة واحدة ليسأل عن «البرد».. و«الكحة».. والسهر.
وقتها عرفت لماذا نجح عبدالحليم.. هذا الرجل البدين - كان يمشى على عكاز فى أيامه الأخيرة.. الذى يذهب للمستشفى ومنها إلى المكتب، ثم إلى الاستديو.. هو «كلمة السر» التى صنعت ذلك المجد الذى لازم عبدالحليم ولا يزال.
المهم أننى كنت قد كتبت أغنيتين فى ألبوم أسامة، وبما أننى كنت قد قدمته للرجل، فلم أنتظر أن أحصل على أجر.. وكنت أعتبر مجرد مشاركة الأبنودى فى الألبوم مكسبًا ندفع نحن فيه فلوس.. ولأننى تعرضت لفترة سجن استمرت 8 شهور.. لم أكن أتوقع أن يسأل العمروسى عني.. لكنه عرف من الأبنودى ذلك.. وحينما أرسلت الزميل خالد حنفى - رئيس تحرير مجلة الإذاعة حاليًا - إليه أطلب مجموعة من الشرائط.. فوجئ خالد بأن الرجل يخبره بأن الشركة مديونة لي.. وأنه يحتاج إلى توكيل منى له ليصرف له أجري.. وفوجئ خالد بالرجل يمنحه أجرى وكرتونة شرائط ويخبره بأنه تحت أمره فى أى وقت «لو عُزت» أو هو أحتاج إلى أى شيء.. وأن محاميه الشخصى جاهز فى أى وقت.
وحينما سمحت ظروفى بأن أذهب إليه بعدها لأشكره.. فوجئت به يقول لي: «أنا أول مرة شفتك أنت وأسامة داخلين عليَّ.. افتكرت حليم وعبدالرحيم منصور».
وتعب العمروسي.. واختلف شركاء «صوت الفن»، ودخل الورثة فى نزاعات قضائية.. وفرضت الحراسة عليها.. لكنه ظل حتى آخر يوم.. وفى كل عيد ميلاد.. أو وفاة للعندليب.. يحتفى بذلك لدرجة أنك كنت تشعر أن العندليب موجود بيننا.. أخبار جديدة.. وذكريات تنشر لأول مرة.. وأسرار لا يعرفها أحد.. يمكنك مثلًا أن تتذكر واقعة مفيد فوزى وزوبعته الخاصة بزواج العندليب من سعاد حسني.. وفى كل مرة يخرج من صندوق العمروسى الأبيض ما لا تستطيع الصحافة والتليفزيون أن تتجاهله.
فجأة غاب العمروسي.. فغاب عبدالحليم.. ولم نعد نحتفل بذكراه كما كان يحدث.. وأغلقت «صوت الفن» وحاول محسن جابر إنقاذ ما تبقى بشراء «حصة أصحابها».. لكن شيئًا كان قد انطفأ.. ولم يعد المبنى المواجه لسنترال عدلى يصدر أنغامًا.. ارتفع ضجيج السيارات القادمة من القبة حتى لم يعد ينافسه سوى صوت الأسانسير الحديدي.. غاب العمروسي.. لكن صندوقه الأبيض ما زال يحتفظ بالكثير.. لكننى لا أعرف قطعًا أن ترك العمروسى مفتاحه!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.