القمني لا يملك إلا التشكيك بالوحي والأنبياء الأزهر بوابة تجديد الخطاب الديني .. الشرعية برامج الرقص ومناظرات العقيدة .. هل هي مقصودة ؟! "اتركوا الملحدين وشأنهم ، لنبني مجتمعا صحيا" ، "القرآن نص تاريخي يقبل النقد" ، "الفتوحات احتلال استيطاني باسم الدين" ، "نشأة الكون ناتجة عن انفجار كبير" ، "لا أعلم شيئا عن الثواب والعقاب واليوم الآخر" ، "أرفض منع الخمر " ، "لا يوجد شيء اسمه ازدراء أديان" ، آراء كثيرة باح بها الكاتب سيد القمني، في مناظرة أثارت الجدل مع وكيل وزارة الأوقاف سابقا الشيخ سالم عبدالجليل، عبر برنامج توني خليفة "أسرار تحت الكوبري" . وبرغم تأكيد ممثل الأزهر بالمناظرة على أن الدين الإسلامي ليس فيه أمر بمحاربة المخالفين في العقيدة، ما لم يبدأوا بمحاربة المسلمين، أو يسعوا لنشر فكرهم على نطاق واسع، فيخرج الأمر من اعتقاد ديني خاص لفرض حالة تشكيك بالعقيدة وبلبلة بالمجتمع. وقد شهد التاريخ الإسلامي وجود ملحدين ومتشككين معروفين ولم يطلهم أذى . إلا أن د. سيد القمني، رأى أن الشيخ سالم يحرض ضد المخالفين ، وشبهه بتنظيم داعش الإرهابي، خاصة بعد أن طالبه الشيخ بإعلان كفره وإنهاء المناظرة ، على خلفية تشكيكه بصدقية القرآن وكونه صالح لكل زمان ومكان، وقوله أن الفقه الإسلامي به أشياء لا يمكن المجاهرة بها أمام العامة لإباحيتها وعدم معقوليتها! والسؤال هل هذه المناظرة مفيدة للرأي العام ثقافيا أو دينيا ؟! ، وما الهدف من إثارة القضايا العقائدية عبر الفضائيات، خاصة حين لا يكون الطرفين من أهل الاختصاص فعلا، فمعروف أن الدكتور سيد القمني آرائه محل جدل علمي فضلا عن الجدل الديني، وقد رد عليه مثقفون ورجال دين بكتب تفند آرائه في الدين الإسلامي المبنية على أضاليل وتصورات ماركسية لا تمت للفلسفة ومقارنة الديانات والعلم بصلة، وتجعل من الرجل لا يرقى حتى لأفكار نصر أبوزيد أو أركون وكثير من الفلاسفة الذين نقدوا التراث الإسلامي . وبينما طالب القاص أسامة الخياط، في تصريح لمحيط، بتجديد الخطاب الإسلامي عبر بوابة الأزهر الشريف، باعتبار أن تلك المناظرات الهدف منها سياسي أكثر منه ديني، داعيا علماء الأزهر لمجادلة الذين يفتون بغير علم ، ويثيرون بلبلة في الرأي العام لشغلهم المتعمد عن المشكلات الحقيقية، والدليل ما نراه من اهتمام كبير بتلك الحلقات الفضائية عبر وسائل التواصل الاجتماعي . طالب الشاعر أسامة البنا، من جانبه، لطرح تساؤل آخر حول دلالة ظهور سيد القمني الآن ، وببرنامج توني خليفة، الذي وصفه بالمتخصص في "كشف عورات المصريين" وصناعة زوبعة عقيمة مع كاتب مشبوه كسيد القمني . وقال بوضوح ردا على الآراء الداعية لترك مثل تلك المناظرات كمساحة لتجديد الخطاب الديني : فلفتح الأبواب لتجديد الخطاب الدينى بطرق غير مشبوهة و لعلماء متخصصين و ليس لمرضى نفسيين .. للأسف يترك بعض المثقفين الكتب التى قد تمنحهم الكثير و يذهبون للكتب الشاذة .. مثل أن يترك البعض ديكارت و هيجل و غيرهما و يبحثون عن نيتشه .. و هذا ما يلعب عليه المغرضون يا صديقى سيد القمني يرفض منطق نزول الأنبياء و يرفض منطق الروح عند الإنسان و يحول الأمر لعبث . وأضاف: أنا لست ضد العلمانية لمن يراها الأصلح و علينا أيضا أن نطرح المفاهيم للناس بحقائقها و ليس بمنطق جبرى .. تأخرنا كثيرا أو بالأصح عدنا للخلف أكثر كثيرا ما نتخيله . و يكفى أن الدول التى علمناها القراءة و الكتابة صارت فى أفضل مما نحن فيه كثيرا .. واتفق مع دعوة الكاتب أسامة الخياط، في ضرورة مساندة الأزهر كباب شرعي فيما يخص الخطاب الديني. وفي تصريحه لمحيط ، أشار "البنا" إلى أننا نمر بمرحلة استثنائية جدا؛ فالإسلام السياسي كانت له ضربتان فى جسد مجتمعنا المصرى . أولهما استقطابه لمجموعة كبيرة من البسطاء و هذا بديهى جدا فى ظل أزمة كبيرة التعليم عمرها ما يقرب من نصف قرن . ثانيهما وسائل الإعلام التى أرادت أن تُحجم من توغل الإسلام السياسى بشكل أقرب إلى الجهل و خلقت نوعا من تداخل الشك باليقين بطرح الإنحراف الفكرى بأشكال متعددة , لدرجة إطلاق العشرات من قنوات الرقص و العرى . ووجد بعضهم أن طرح القمنى و غيره تجارة رابحة لصناعة جدل فى وقت لا يحتمل الجدل و لا يجدى فيه غير حل أزمات كثيرة و كبيرة تدور حولنا . وبناء عليه فما نشاهده من مناظرات يعبر عن حالات انفلات رخيصة لمكاسب صغيرة . وتساءل البنا : تونى خليفة الذى لا يترك عورة فى بلادنا إلا و طرحها و كشفها بحجم مضاعف , هل تستطيع سلطات بلده أن تتركه يفعل هذا فى مجتمعه ؟ أما القمني فهو فاقد لأي مشروع غير "التخريب" وجائزته مشكوك بصلاحيتها ، وهو لم يطرح جديدا و ما قاله بالبرنامج قاله من قبل و من يعرفه يعلم هذا جيدا . و الغريب أيضا أن الضيفين اللذين جادلاه لم يكن أحدهما مقنعا بما فيه الكفاية و أعتقد أن هذا كان مقصودا أيضا . . أظن أننا أمام أزمة انفلات إعلامى كبير.