كتب حاجاي عمير، شقيق يغئال عمير، قاتل رئيس الوزراء السابق إسحق رابين، قائلًا أن: “,”التخطيط لاغتيال رابين بدأ منذ اللحظة التي وقع فيها اتفاقية أوسلو مع الفلسطينيين، ولم تكن للأجواء التحريضية التي شاعت من اليمين عقب توقيع اتفاقية وادي عربة أي تأثير على التخطيط ضد رابين“,”. استخدمت إسرائيل لمحاربة منظمة التحرير الفلسطينية عنصر تيار الإسلام السياسي الأكثر تنظيمًا والمتمثل في الإخوان في قطاع غزة، حيث سمح لهم بتحريض الجماهير على الاحتلال الإسرائيلي من خلال المساجد، وبدأت شرارة الانطلاق في 8 ديسمبر1987، عندما دهست شاحنة يقودها إسرائيلي من أشدود، سيارة يركبها عمال فلسطينيون من “,”جباليا- البلد“,” متوقفة في محطة وقود، ما أودي بحياة أربعة أشخاص وجرح آخرين، هدأت الانتفاضة نسبيًا مع الغزو العراقي للكويت 2 أغسطس 1990، ثم جاء تحرير الكويت 26 فبراير1991، لتبدأ التفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين حتى الوصول لأوسلو 1993، بداية السلام مع العدو المباشر الداخلي. جاء اغتيال رابين، في نوفمبر 1995، إعلانًا لرفض المسيرة السلمية مع الفلسطينيين، حيث أعقبه مباشرة حزب الليكود، والمحسوب تاريخيًا على اليمين، بقيادة بنيامين نتنياهو، وتوقفت عملية السلام تقريبًا، وتحولت الاستراتيجية الإسرائيلية إلى الرهان على الوقت بالتوازي مع التغيير السريع للوضع على الأرض، ومنذ ذلك الحين يتصدر اليمين المشهد السياسي الإسرائيلي، حتى وصل إلى يمين اليمين، متفاعلًا مع الوقائع المتغيرة. أدى ذلك الوضع والذي بدأ منذ 1996 مع صعود نتنياهو للحكم، إلى حالة ململة بين الفلسطينيين وإحباط ارتفعت نبرتها منذ العام 1999، مع تولي آرييل شارون رئاسة الحزب، وحتى اشتعال انتفاضة الأقصى سبتمبر 2000. انتهت انتفاضة الأقصى 8 فبراير2005، التي تميزت بمواجهات عنيفة، وكانت الخسائر الإسرائيلية كبيرة على المستويين الاقتصادي والعسكري، كما انعدم االشعور بالأمن الاجتماعي، فأعلن شارون في خطوة تكتيكية 5 أغسطس 2005 عن انسحابه أحادي الجانب من قطاع غزة، في خطوة أثارت الجدل على المستوى الإسرائيلي الداخلي والعربي عمومًا، وعلى إثر السجال الإسرائيلي الداخلي انسحب شارون من حزب الليكود اليميني لينتقل خطوة تجاه الوسط بتأسيسه لحزب كاديما، الذي حاز على الكتلة الأكبر في دورة الكنيست ال17يناير 2006، والتي تميزت بالكثير من القلاقل الداخلية، بسبب حرب اللانصر واللاهزيمة مع حزب الله، وانفراد حماس بحكم قطاع غزة 2007 وفرض الحصار عليها، هذا بالإضافة إلى الأزمة المالية العالمية 2008، والتي تعاني إسرائيل من اثارها حتى اليوم، ما أدى إلى إعادة صعود الليكود اليميني في الكنيست ال18، ولكن بشكل أكثر صقورية، حيث تشكل الائتلاف مع إسرائيل بيتينو برئيسه المتطرف أفيجدور ليبرمان، وبدأت الحكومة بالتوجه أكثر ناحية اليمين، حيث يهودية الدولة، وتوسيع رقعة المستوطنات، والحفاظ على المسيرة السلمية من دون الخوض في الحلول النهائية، والإصرار على تصفية القضية الفلسطينية تمامًا من خلال حل الدولتين يهودية وفلسطينية خارج أرض فلسطين من خلال عملية تبادل الأراضي التي لم تتهيأ لها الظروف بعد، ويبقى أنه على الإسرائيليين الاستمرار في تهويد المناطق العربية، واتساع رقعة الاستيطان، استمرار ممارسات الفصل العنصرية ضد الفلسطينيين لإجبارهم على الرحيل. يساعد على هذه الممارسات أن انتخابات الكنيست الأخيرة، والتي جاءت بحكومة شديدة التطرف، تمعن في تطرفها لضمان ازدياد شعبيتها واستمرارها، حيث حصدت التيارات اليمينية البراجماتية والدينية 61 مقعدًا، في حين حصدت تيارات الوسط ويمين الوسط واليسار 48 مقعدًا، أما الأحزاب العربية الثلاثة فحصدت 11 مقعدًا، ما يدلل على التوجه اليميني لعموم إسرائيل. وعليه فقد أعلن حزب العمل اليساري الأسبوع الماضي، أن الانتخابات الداخلية للحزب ستسقط بلا شك شيلي يحيموفيتش، بسبب سياساتها التي تميل إلى اليمين، فأضرت بالحزب وقادته إلى الفشل والانعزال، وأكد مسئولو الحزب أن القيادة الجديدة ستسعى إلى تحالف مع ائتلاف الليكود - إسرائيل بيتينو، بشروط واضحة تقوم على ضرورة التقدم في عملية السلام، كما سيعمل على التحالف مع حركة شاس التي تؤيد الوصول لاتفاق مع الفلسطينيين، بهدف الضغط على نتنياهو فك ائتلافه مع اليمين المتطرف، وفي المقابل يسعى اليمين الديني في الكنيست بشكل محموم إلى إصدار تشريعات تقيد محكمة العدل العليا، وتمنعها من التدخل في قرارات الكنيست، كما تعمل على إصدار تشريعات تحكم قرارات المفاوضات مع الفلسطينيين، كما تعمل على إصدار قرارات تجبر المحكمة العليا على إعادة طرح قانون يهودية الدولة، وإعطاء أولوية لأحكام الشريعة اليهودية في المحكمة العليا. ومع كنيست ليكود - إسرائيل بيتينو بغالبيته المتطرفة، ارتفع سقف الصراع مع العلمانية الصهيونية، وتميل الكفة ناحية اليمين، فإن نجح حزب العمل على تحقيق التوازن على الساحة الإسرائيلية، قد يبدأ نتنياهو الذي أعلن الأسبوع الماضي عن احتمال إجراء انتخابات مبكرة لحزب الليكود، إما في العودة إلى اليمين، أو ربما اعتزال العمل السياسي.