تتداخل السياسة والرياضة في أفريقيا بشكل كبير على نحو يصعب محاكاته في أي من مناطق العالم الاخرى، فقبل ايام قليلة فاز نادي مازيمبي الكونغولي ببطولة دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم للمرة الخامسة في تاريخه ليتساوى في عدد مرات إحراز ها اللقب مع نادي الزمالك المصري إلا أن هذا الفوز قد يبدو خبرا سيئا لرئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية جوزيف كابيلا. وقالت مجلة "باري ماتش" الفرنسية إن الرئيس كابيلا كان قد حضر شخصيا - في نوفمبر 2009 - المباراة النهائية لمسابقة دوري أبطال أفريقيا لكرة القدم التي أقيمت فوق استاد لوبومباشي - ثاني أكبر مدن جمهورية الكونغو الديمقراطية وعاصمة إقليم كاتانجا الغني بالمعادن الثمينة - لتشجيع نادي مازيمبي الذي أحرز اللقب آنذاك للمرة الثالثة. ويمكن تفسير حضور الرئيس الكونغولي تلك المباراة لأنه ينحدر من إقليم كاتانجا ذاته، لكن الرئيس غاب هذه المرة واكتفى بإرسال وزير داخليته إيفاريست بوشاب ليمثله في المباراة النهائية التي أقيمت في استاد لوبومباشي في الثامن من نوفمبر الجارى. وبحسب البارى ماتش، فقد يمهد فوز نادي مازيمبي لهزيمة جوزيف كابيلا سياسيا حيث يستعد رئيس النادي الكونغولي مويس كاتومبي لخوض انتخابات الرئاسة المقررة في نوفمبر 2016، فمن الملاحظ حضور شخصيات بارزة من المعارضة الكونغولية مثل: فيتال كاميرهي، رئيس حزب "الاتحاد من أجل الأمة الكونغولية" المعارض، هذه المباراة في إشارة إلى أن المعارضة على استعداد لدعم ترشيح مويس كاتومبي في الانتخابات المقبلة. وقد ولد مويس لأب يوناني يهودي الديانة غادر جزيرة رودس في البحر المتوسط عام 1940 هربا من الهولوكوست (وهي أعمال اضطهاد وقتل جماعي لجماعات عرقية وسياسية مختلفة تمت على يد النازيين بين عامي 1941 و1945)، وأم تنحدر من أسرة من النبلاء في إقليم كاتانجا الكونغولي. واستطاع أن يحول شركة الصيد والتعدين المملوكة لعائلته إلى واحدة من كبرى المجموعات الاقتصادية في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وبعد عشر سنوات من شراء نادي مازيمبي عام 1997، بدأ المالك والرئيس الشاب للنادي مويس كاتومبي الدخول إلى عالم السياسة حيث أنتخب عام 2006 حاكما لإقليم كاتانجا ليخوض مسيرة أشبه بمسيرة رئيس الوزراء الإيطالي الأسبق سيلفيو بيرلوسكوني الذي بدأ حياته في عالم الأعمال ثم رئيسا لأحد أندية كرة القدم ثم سياسيا. وكاتومبي هو أب لثلاثة أبناء ومعروف بأنه كاثوليكي متدين يحرص على حضور القداسات لا سيما قبل مباريات فريقه المهمة. واستفاد جوزيف كابيلا في حملته الانتخابية عامي 2006 و2011 من الشعبية التي يتمتع بها مويس كاتومبي إلا أن الحملة الانتخابية المقبلة للانتخابات الرئاسية عام 2016 باتت تمثل مشكلة شائكة نظرا لأن كاتومبي يعتزم الترشح لا سيما أن كابيلا لا يمكنه الترشح لولاية ثالثة وفقا للدستور. وأشارت الباحثة سارة هيلمولر - من المؤسسة السويسرية للسلام (سويس بيس) - في مقال نشرته مجلة "ديبلوماسي" (الدبلوماسية) الفرنسية إلى تدني شعبية النظام الحاكم في جمهورية الكونغو الديمقراطية حيث كتبت: "تواجه الحكومة أزمة شرعية وباتت سلطتها ضعيفة". ومن ثم يبدو المناخ مواتيا لظهور وجه سياسي جديد إذا ما تراجع كابيلا عن رغبته في التشبث بالسلطة. وفي يناير الماضي، أجرى الرئيس الكونغولي جوزيف كابيلا استفتاء على تقسيم إقليم كاتانجا إلى أربع مناطق منفصلة وضع على رأس كل منها رجال يثق فيهم. إلا أن كاتومبي، حاكم الإقليم الذي كان يتنقل من دون حراسة شخصية خلافا لمن سبقوه من الحكام والذي كان يأتي سكان الإقليم إلى منزله ليصافحوه ويشدوا أزره، قد أدرك مغزى الرسالة وتقدم على الفور باستقالته من منصبه في سبتمبر الماضي. سرت بعد ذلك شائعة مفادها أن حاكم إقليم كاتانجا السابق مويس كاتومبي يعتزم تشكيل جماعة من المرتزقة للانقلاب على حكم الرئيس الحالي جوزيف كابيلا.. وعلق أحد المقربين من كاتومبي على هذه المسألة قائلا: "إنها وسيلة لمحاولة إفقاده الثقة". كما دخلت قوة تابعة للحرس الرئاسي إلى قرية كاسينجا الصغيرة حيث يقطن بعض أقارب كاتومبي، وكان أفراد هذه القوة يبحثون عن سالومون، شقيق مويس كاتومبي، ولم يعثروا عليه إلا أنهم أردوا حارس منزله قتيلا برصاصة في الرأس، حسبما قال أحد أقارب كاتومبي من القرية. ويدعى الحارس القتيل مويلامبويه ميدار وهو أب لستة أطفال. إلا أن الرسالة تبدو هذه المرة أكثر وضوحا.