سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الكوارث الطبيعية تحل الدمار الشامل بمنطقة وادي النطرون.. والأديرة تستغيث.. "إبراهيم": علينا قراءة التاريخ.. "فانوس": الحكومة مش معاها عصا سحرية.. "حمزة": كلية الآثار تمد يد العون
منذ آلاف السنين وترتدي منطقة وادي النطرون ثوب الدين في معالمها السياحية، وتضم العديد من الأديرة ذات الأهمية الكبرى في عالم الآثار القبطي، وعندما قدمت مصر قديما للعالم المسيحي نظام الرهبنة الانفرادية لعبت تلك الأديرة دورا تاريخيا كبيرا بجانب القيمة الأثرية التي تظهر واضحة على عمارتها، ولكن اليوم وبعد أن دبت روح الخراب في العديد من الجوانب المصرية وليست التاريخية فقط، فجاءت الكوارث الطبيعية لتحل ضيف الدمار الشامل على منطقة وادي النطرون، ودمرت السيول أجزاء عديدة من المناطق الأثرية ومنها أديرة النطرون، دون أن يحرك المسؤولين قدما، وكان تقييم الحكومة كالعادة في هذه الظاهرة "لم ينجح أحد"، في ظل نداءات الاستغاثة من قبل مسؤولي تلك الأديرة، التي يقوم رهبانها بنزح المياه بأنفسهم، كان لزاما علينا استطلاع آراء المتخصصين والمهمومين بهذا الشأن. أكد حجاج إبراهيم، أستاذ الآثار والفنون بالجامعات والمعاهد المصرية، أنه قام بالاتصال بمسؤولي العديد من الأديرة بمنطقة وادي النطرون، وتأكد من سلامة الأديرة هناك، فيما عدا دير "السريان"، الذي تضررت القبة التي تغطي المخزن به، مشيرًا إلى أن تلك القبة غير أثرية، كما تأثر السور الخارجي للدير، وهلكت المزارع السمكية لاختلاط مياهها بمياه المطر. وفي وسط حالة الإهمال الشديدة وغير المبررة وجهل العاملين بقطاع الآثار الإسلامية والقبطية وافتعالهم للعديد من المشكلات مع الأديرة دون فهم للعقيدة المسيحية يجب عليهم أن يتفهموا طبيعة العقائد الدينية والعمل على أساسها وعدم التطرق لمشكلات لا تقف على أرض صلبة فعلى سبيل المثال وليس الحصر: يرفض أحيانًا العاملين بقطاع الآثار أن يقيم رهبان الدير مدفنا بالدير، ويلقى القرار رفضا غير واعٍ قائلين: "من يموت في الدير عليه أن يدفن لدى اهله"، متناسين أن الراهب عندما يترهبن تنقطع صلته بأهله تماما، لذلك يجب على القائمين على الأمر أن يكونوا أكثر رشدا ومسؤولية تجاه الآثار والمناطق السياحية. "لو كنا نفهم التاريخ والآثار لكنا أخذنا الاحتياط" هكذا عبر إبراهيم عن استيائه من حالة الصمت على الأضرار التي تواجهها المناطق الأثرية، وعليه سرد إبراهيم لثغرة تاريخية لا يعرفها الكثيرون وكان من الممكن أن تنقذ بعض الآثار ولو على سبيل المحاولة، قائلا: "إن دخول اشعة الشمس في معبد أبو سمبل في الثاني والعشرين من أكتوبر فيما يسمى بفترة الحصاد، وتبدأ ذروة نهاية الصيف إلى آخره ليبدأ فصل الخريف وتبدأ معه السيول والأمطار والعواصف على سواحل البحر الأحمر والمتوسط ونصبح في مواجهة خطيرة مع تلك الكوارث البيئية حتى السادس عشر من شهر نوفمبر". وأشار إبراهيم، إلى ضرورة توخي الحذر قبل حلول هذه الفترة واتخاذ كل الاحتياطات اللازمة لحماية الآثار وغيرها من المناطق المهمة، مضيفا إلى أن عمل الخزانات والأحواض الكبيرة الواسعة لا يتطلب إمكانيات كبيرة في حين يعتبر عاملًا فعالا في تفادي خطر الأمطار والسيول بل والاستفادة أيضًا من تلك المياه في جوانب أخرى. "الحكومة هتعمل إيه ولا إيه"، هكذا استنكر بهجت فانوس، خبير الآثار المصرية إشارة البعض إلى تخاذل الحكومة والمسؤولين في حماية الأديرة في منطقة وادي النطرون وتضررها من السيول بشكل كبير، مشيرًا إلى أن الأمر ليس بتلك الخطورة وأن العاملين بتلك الأديرة يستطيعون حل الأمر بسهولة. كما أكد فانوس، على أن العامل المادي هو الذي يواجه المسؤولين دائما عند التحرك للوقوف على بواطن الأمور، فهناك بعض الأشياء يتطلب التدخل لحلها ملايين وهو الأمر الذي تعجز ميزانية الدولة على تحمله فالأساس هو عامل مادي وليس تقصيرا من جانب أحد. ونوه محمد حمزة، عميد كلية الآثار بجامعة القاهرة أن الكوارث الطبيعية لها دور كبير في القضاء على العديد من الآثار وهدمها بل يصل الأمر أحيانًا كثيرة إلى اختفائها، فهي تتسبب في العديد من الآثار الضارة ومن هنا يجب تدخل الحكومة المصرية بصفة عامة ووزارة الآثار بصفة خاصة لإنقاذ المناطق الأثرية وحمايتها. كما عليهما إعداد خطة سريعة وتفعيل ما يسمى بإعدادات الترميم السريع، إرسال لجنة ترصد الأضرار، وضع خطة لترميم الأجزاء المتضررة مثل الأسوار، والحصن، إرسال لجنة متخصصة على أعلى مستوى من الخبراء تكون منوطة بعمل تقارير مبدئية عن مظاهر التلف وعليه تتدخل الجهات المسؤولة للعمل على إصلاح التلفيات، مشيرًا إلى أن منطقة وادي النطرون من أهم المناطق السياحية والمسيحية على مستوى العالم حيث كانت تحتوي على مائة دير تقريبا وصل بهم الحال إلى خمس أو ست أديرة. وأكد حمزة، على استعداد كلية الآثار لعمل تقارير ترصد بها مظاهر التلف والأضرار التي لحقت بتلك الأديرة الموجودة بوادي النطرون حتى لا نفقدها إلى الأبد.