تقرير هبة عادل برغم أن رجال الدين دائما ما يؤكدون أن المطر خير من الله، فإنهم لم يتوقعوا أن يقضى هذا المطر على الأخضر واليابس ويحصد الأرواح، فى منطقة وادى النطرون، العامرة بالمقدسات الدينية المسيحية، والتى تعد أول تجمع رهبانى يعود للقرن الرابع الميلادي، على يد مقار الكبير الذى أنشأ ديرا يحمل اسمه، ما أكد غياب الرؤية فى مواجهة مثل هذه الأحداث التى وصلت لحد (الكارثة)، وإذا كان المسئولون لا يفيقون إلا على الكوارث التى ضربت الأماكن الدينية، وهو ما ألقت عليه (الأهرام العربي) الضوء من خلال هذا التقرير. فى البداية، يصف الراهب صرابامون الأنباء بيشوى، مسئول العلاقات العامة بدير وادى النطرون، الأضرار التى ضربت الدير الأثرى، حيث تعرض لشروح كبيرة فى معظم القباب والسور الخارجى - الذى يعود للقرن الخامس - كما لحقت بالكنيسة من الداخل أضرار كبيرة خصوصا فى الأرضيات، حيث استمرت بها المياه أكثر من ثمانى ساعات متواصلة، أما الجزء الذى لم يتعرض للضرر، هو الجزء الذى قمنا فى وقت سابق بتجديد أرضياته فى الدير الأثرى فى نوفمبر 1994، وهو العام الذى ضربت فيه السيول مصر. وأضاف، أن ارتفاع المياه وصل إلى حوالى 30 أو 40 سم، وتم التخلص منها بالجهود الذاتية للسيطرة على الموقف، وإنقاذ الدير الذى يعد تراثا مهما لجميع المصريين، كما يأتى له الأجانب من جميع أنحاء العالم للتبرك بزيارته. وتعجب صرابامون من موقف محافظ البحيرة، قائلا: إنه لم يفعل شيئا، لافتا النظر إلى أن البنية التحتية الخاصة بالمزارع والأراضى لديهم دمرت وأغرقت المياه كل المحاصيل، بسبب وقوع الدير فى منطقة منخفضة، وشدد على ضرورة تجديد شبكات الرى والصرف والمزارع. كما تضرر أيضا دير السريان وغرقت المزارع ومخزن الدير ومزرعة المواشى ونفق منها عدد كبير، ولفت صرابامون، إلى أن زراعة إعادة استزراع الأراضى يحتاج إلى تكاليف باهظة، فضلا عن الوقت، وطالب فى الوقت نفسه بالإسراع فى إصلاح شبكة الطرق، التى تأثرت من المياه، ما تسبب عليه إعاقة الحركة التى تحتاج لسيارات النقل الكبيرة، أيضا لابد من عمل مشروع لدر السيول وعمل بنية تحتية جديدة ومصبات للسيول والنظر للجانب، وهو كيفية الاحتفاظ بتلك المياه والاستفادة منها لأنها خير لنا من السماء. وبعيدا عن الأضرار، يصف صرابامون الدير، كأثر وبناية تاريخية قائلا، يتكون الدير من المنيسة الرئيسية بالدير للأنباء بيشوى وهى أكبر كنائس بالدير وأكبر كنائس على الإطلاق فى وادى النطرون، وقد أعيد بناؤها فى القرن التاسع الميلادى بعد غارة البربر الخامسة على الدير، فالهيكل يرجع إلى القرن السادس الميلادى أو السابع الميلادى وتحتوى الكنيسة على معالك، وترع التفاصيل الأخرى مثل إضافات القباب المرتفعة والزجاج الملون والزخارف الجصية وعمارة الصحن ربما ترجع جميعها إلى القرن العاشر أو الحادى عشر الميلادي. كما أُدخلت تعديلات على مبانى الكنيسة ترجع إلى نهاية القرن الحادى عشر، وأوائل القرن الثانى عشر الميلادي. وفى عام 1330 م فى عهد البابا بنيامين الثانى، وكان هناك إصلاح للمبانى التى تسبب النمل الأبيض فى إتلاف أخشابها. وتُعد هذه الكنيسة من طراز الكنائس الطويلة، التى تتفق مع الطراز البازيليكى فى معالمها الرئيسية. حيث تتكون من صحن وجناحين جانبيين، وجناح آخر غربى دائر،وحورس مستعرض، وثلاثة هياكل. ولقد تحوّلت إلى بناء رباعى الأضلاع غير منتظم الشكل بإضافة كنائس صغيرة وملحقات لها. ففى أواخر القرن الحادى عشر وأوائل القرن الثانى عشر الميلادي، بُنيت كنيسة أبو سخيرون فى الجانب الجنوبى لهذه الكنيسة، ويُلامس ركنها الشمالى الغربى الجدار الجنوبى من الكنيسة التى بُنيت فى القرن التاسع الميلادي. ويوجد أيضاً بداخله مزار ومدفن البابا شنودة الثالث، وهذا الجزء لم يتضرر، لأننا قمنا بعمل بما يسمى مواسير للصرف ساعدت على التخلص من المياه وإنقاذه. كما توجد مائدة أثرية للرهبان ومدخل المائدة يوجد إمام الباب الغربى لكنيسة الأنبا بيشوي، وهى عبارة عن صالة طويلة ضيقة يبلغ طولها 27،5 متر وعرضها 4،5 متر، ويوجد فى وسطها منضدة حجرية على كل جانب من جانبيها مصطبة لجلوس الرهبان، وفى الطرف الشمالى لحجرة المائدة توجد حجرة مربعة، كانت تستخدم كمطبخ للمائدة. كانوا يجتمعون بهاء وقت الطعام .. وتوجد الطاحونة الأثرية .. ولدينا الحصن الأثرى من القرن الخامس الميلادى وبه كنيسة للملاك ميخائيل ويُغطى جسمها قبو نصف برميلي. وتحتوى الكنيسة على هيكل واحد فقط تغطيه قبة منخفضة قائمة على مقببات، وحجاب الهيكل يرجع وجوده إلى العام 1782 م ويرجع تاريخ الحصن إلى أواخر القرن الحادى عشر الميلادي، بعد غارة البربر على الدير عام 1096 م، حيث حلَّ محل الأقدم منه الذى تهدم بسبب الغارة، والذى أمر ببنائه الإمبراطور الرومانى زينون فى القرن الخامس الميلادي، بعد علمه أن ابنته الأميرة «إيلارية» التى اختفت من قصره فجأة، قد التجأت إليه وترهبت فيه حسب بعض المصادر، والذى تهدم بسبب تلك الغارة، وطراز هذا الحصن يُطابق طراز حصن دير الأنبا مقار بشكل عام؛ فيما عدا بعض التفاصيل الثانوية. ويتكون الحصن الآن من طابق أرضى وطابق واحد علوي، ويظهر أنه كان هناك طابق علوى ثانٍ لكنه تهدم. والجسر المتحرك فى هذا الحصن تستقر إحدى نهايتيه فى الجدار الشمالى للطابق للأول، بينما تستقر نهايته الأخرى فوق سقف مبنى الحراسة، ويتصل بسلالم المبنى الآخر، فكان يُرفع بعد أن يلتجئ الرهبان إليه ويدخلوا فيه. والطابق الأول بالحصن يحوى على ممر أمام المدخل، وإلى الشرق منه توجد صالة تتكون من ست وحدات تغطيها قباب محمولة على دعامات، والتى تتكون من خورس وثلاثة هياكل. ولكن تم نزع حجابها ونقله إلى الهيكل الشمالى بكنيسة الأنبا بيشوي، كما أزيلت مذابحها الثلاثة وأبطلت فيها الصلاة.وربما كان يحتوى هذا الطابق على مكتبة الدير يوماً ما، أما الطابق الثانى فقد تهدَّم جزئياً، ولم يتبق منه سوى «كنيسة الملاك ميخائيل» التى ما زالت تُقام بها الصلاة. وقد رمم هذه الكنيسة البابا يوحنا التاسع عشر عام 1935 م، ويتضح ذلك من خلال كتابة نقش على جدارها الشرقى ويرجع وجودها إلى عام 1782 وكنيسة للسيدة العذراء مريم، فالقبة الخاصة بالهيكل فيها تصدعات شديدة ونحاول أن نرممها بعد الحصول على التصاريح والترميمات على حسابنا بالكامل وقد قمنا بكتابة هذا التقرير للمحافظ. وبداخل الدير أيضاً ثلاث كنائس، هي: كنيسة الأنباء بيشوى الأثرية وكنيسة مارجرجس الصغيرة وكنيسة للقديس أبسخيرون القلينى والبابا. من جانبه، أكد القس قزمان السريانى، مسئول العلاقات العامة بدير السريان بوادى النطرون، أنه تم احتجاز 15 كاهنًا داخل قلايتهم بمزرعة الدير بسبب حصار مياه السيول». ويرجع تاريخ الدير إلى القرن الخامس الميلادي، فنجد حواجز كنيسة العذراء السريان يرجع تاريخها إلى ما قبل عام 700 م وتشبه فى ذلك كنيسة الأنبا بيشوى وكنيسة العذراء البراموس وهذه الكنائس أقدم آثار منطقة برية شهيت، وقد تضرر الدير بشدة ، ولحقت له خسائر مادية وتاريخية كبيرة، حيث سقطت قبة الكنيسة الأثرية، كما غرقت كنيسة الأنبا كاراس بكل محتوياتها ومزرعة الدير وغرق المواشى، واحترق محول الكهرباء الرئيسى للدير ما أدى إلى انقطاع الكهرباء، وغرق منحل الدير، ومكتبة الدير، وتأثرت معظم قلالى الرهبان وتعطل مواتير رفع المياه. كما تضرر أيضًا دير العذراء البراموس وغرقت القرى المجاورة . بينما قال الراهب أيسيذوروس المقارى أحد رهبان دير أبو مقار الكبير بوادى النطرون أن قداسة البابا تواضروس قام بزيارة الدير للاطمئنان عليهم، بعد السيول التى أغرقت منطقة وادى النطرون وقرعت الأجراس فرحة باستقباله. وكان فى استقباله 15 راهبا ورئيس الدير نيافة الأنبا إبيفانيوس، حيث لم تستغرق الزيارة أكثر من 15 دقيقه زار خلالها الكنائس الأثرية، وأكد فى كلمته لتكن إرادة الله، معلقا على السيول التى ضربت بعض محافظات مصر أن كل شيء يعمل للخير، وأن يحفظ الله مصر وأرضها وشعبها ثم غادر البابا الدير بعد زيارته السريعة للاطمئنان على رهبان الدير. وأما عن دير الأنبا مقار الكبير فلا يمكن تحديد تاريخ محدد لنشأة وبناء دير، أو حتى تاريخ بداية التجمع الرهبانى بمنطقة الدير، ولكن يمكن اعتبار ظهوره كتجمع رهبانى أوّلى فى صحراء وادى النطرون، بدأ فى الثلث الأخير من القرن الرابع الميلادي، وتحديداً بعد وفاة القديسين ماكسيموس ودوماديوس مباشرة عام 384. وبدأ هذا التجمع الرهبانى بقلاية واحدة هى قلاية مقار الكبير نفسه، التى كانت عبارة عن مغارة مسقوفة بالجريد والبردي، وتقع غرب الدير الحالى مكان دير البراموس. كما يضم الدير عددا من كنائس الحصن كنيسة للسيدة العذراء، قد بنيت بين عامى 1874 و 1880 وكنيسة الشيوخ ويرجع تأسيسها إلى القرن السادس عشر الميلادى وكرسها البابا يوحنا الثالث عشر عام 1517 وهى باسم كنيسة التسعة سواح الأنباء صموئيل المعترف والأنبا يحنس أسقف شهيت، والقديس أبو نفر السائح والأنباد إبرام والأنباء جرجة والأنباء أبيب والأنباء ميصائيل لسائح والأنبا بجيمى .. وأوضح الراهب «إيسيذوروس» أن الدير لم يتأثر بطوفان السيول التى ضربت المنطقة لأول مرة نتيجة وجود الدير على « تبة عالية» وهو ما قلل من تأثير المياه على المبانى الأثرية، فضلا على أن الدير يتمتع بتأسيس ورعاية قوية منذ أن تم ترميمه، ولم يكن للمياه تأثير سوى رشح طفيف على أرضيات الكنائس وتم وضع السجاد والموكيت فى الهواء وإعادته مرة أخرى بعد تجفيفه، ولم تؤثر المياه سوى على حظيرة الماشية وتم تجفيف المياه وإعداد الحظيرة وإعادة الماشية مرة أخرى. كما يشتهر الدير باعتقاد وجود مقبرة لرفات النبيين يوحنا المعمدان وإليشع فى كنيسة الأنبا مقار الرئيسية، والتى تم الكشف عنها عام 1976 بشكل غير رسمى، عندما بدأت عمليات ترميم وتوسيع للدير بإشراف القمص متى المسكين، وتم الإعلان رسمياً عن هذا الكشف فى نوفمبر 1978. وقد لاقى هذا الإعلان رفضاً واسعاً خاصةً لدى المسلمين، باعتبار أن أجساد الأنبياء لا تبلى، كما أن هناك أضرحة منسوبة بالفعل لهذين النبيين يزورها المسلمون. كذلك أثار التناقض كشفٌ آخر فى بلغاريا لرفات منسوبة ليوحنا المعمدان تحت أنقاض كنيسة قديمة عام 2010.يحتوى الدير أيضاً على رفات لقديسين آخرين وبطارك فإن حجم السيول كان مخيفا وأنه يعيش فى دير أبو مقار منذ 40 عاما لم يشاهد فى حياته مثلما حدث من السيول التى فتحت أودية فى قلب الجبل، فإن ارتفاع دير أبو مقار على التبة قلل من تأثيرها ولم يتضرر الدير.