في سابقة هي الأولى بمدينة الإسكندرية، حصل أربعة أدباء ومُبدعين سكندريين على جوائز الدولة، “,”التقديرية والتشجيعية“,”، وصولاً لأعلى جائزة وهي جائزة النيل، وذلك في عدة مجالات مختلفة، ومنها في فرع الآداب، ديوان الشعر، الترجمة، والعلوم الاجتماعية، لتعود من جديد مدينة الإسكندرية عاصمة الثقافة لمصر، مركزاً ومساحة لتعظيم أدبائها. فحصدت مدينة الإسكندرية مؤخراً أربع جوائز، عقب إعلان المجلس الأعلى للثقافة، برئاسة الدكتور سعيد توفيق، والدكتور محمد صابر عرب، وزير الثقافة، عن أسماء الفائزين بجوائز الدولة لهذا العام بالفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وعلى رأسهم حصول الدكتور مصطفى العبادي على جائزة النيل في فرع العلوم الاجتماعية عن مُجمل أعماله، وهي أعلى جائزة تقدمها الدولة، ويليها جائزة الدولة التقديرية، ثم جائزة التفوق، ومن ثم جائزة الدولة التشجيعية. فيما حصل الروائي والأديب سعيد سالم على جائزة الدولة التقديرية في الآداب، وحاز الأديب الكبير رجب سعد السيد على جائزة الدولة التشجيعية بفرع الترجمة، وذلك عن قيامه بترجمة كتاب لمؤلف أمريكي، حمل عنوان “,”تبعات المستقبل“,”، بالإضافة إلى حصول الأديب الدكتور مُفرح كريم على جائزة الدولة التشجيعية لديوان الشعر لعام 2013، عن ديوان “,”أستار البحر“,”. وقد رصدت “,”البوابة نيوز“,” أصداء تلك الجوائز بأوسط أدباء الإسكندرية، للوقوف على مؤشر الإبداع بالعاصمة الثانية، فرأى الأديب والناقد شوقي بدر الدين يوسف، أن مدينة الإسكندرية عندما تحصد أخيرا هذا الكم من الجوائز، تأتي بمثابة طفرة ثقافية لديها، خاصة بعد أن تخصصت مدينة القاهرة في حصد مثل تلك الجوائز قديما، بطرق أو بأخرى، كالشللية، حسب قوله، إلا أن الوقت تغير وأصبح لعنصر الشفافية مجال بالوسط الثقافي والأدبي. واعتبر بدر الدين تلك الجوائز بداية لوضع الأيدي على الطريق الصحيح، مؤكداً على أن مدينة الإسكندرية معروفة بالتاريخ الطويل في مجالها الثقافي، قائلاً: “,”المشهد الآن بالإسكندرية يحتاج إلى التغيير من جانب مؤسساتها الثقافية“,”. واقترح بدر الدين، تجديد آليات العمل والفكر بقصور الثقافة بالإسكندرية، في الوقت الذي تحتوى فيه المدينة على أكبر وأهم المنشآت الثقافية كمكتبة الإسكندرية، أتيليه الإسكندرية، قصور الثقافة، وغيرها، موضحاً أن تجديد تلك الآليات من شأنه أن يساعدها على أن تفرز مبدعين جُددا، لافتاً إلى أن مدينة الإسكندرية مليئة بالمُفكرين وتحتاج فقط لتوظيفهم. ومن جانبه، اعتبر الشاعر صبري أبو علم، أن مدينة الإسكندرية أشبه بالدولة، موضحاً أنه لا غرابة في فوز أربعة من أدباء الإسكندرية في وقت واحد، وذلك لأن نسبة التفوق عالية بالمدينة الساحلية، حسب وصفه، قائلاً: “,”فأنا أسعدني أن الأربعة الذين فازوا بالجوائز هم أصدقائي“,”، مؤكدا على أن “,”مُفرح“,” له أسلوبه وشخصيته، واتخذ الجنسية الإسكندرية، حسب وصفه، مؤخراً، بعد أن كان يقيم بمدينة القاهرة، وكان له النصيب في أن يتلقى جائزته وهو بالعاصمة الثانية. فيما أوضح أبو علم، أن الأديب رجب سعد السيد، الباحث العلمي الكبير، له دراسات أدبية عديدة، بعيداً عن مجال الترجمة الذي حصل فيه على الجائزة، أما الروائي سعيد سالم، فوصفه ب “,”المخلص والمجتهد دائما“,”، مؤكداَ على أنه مدَّ مدينة الإسكندرية بمشروعه الكتابي المتميز. ولفت “,”أبو علم“,” إلى أن الدكتور مصطفى عبادي، الذي فاز بجائزة النيل، هو أستاذ له مدرسة وله مُحبون من الدارسين على يده، وهو ابن ل “,”عبد الحميد العبادي“,” أول عميد لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، وصاحب تدرج وظيفي كبير، وكان أول من تطرق لمشروع إحياء مكتبة الإسكندرية. وقال “,”أبو علم“,”، إن مدينة الإسكندرية تستحق أن يفوز بها أربعة أدباء، على الرغم من حالة الارتباك الأدبي التي طالت الدولة في الفترة الأخيرة تزامنا مع الثورات، لافتا إلى أن آخر من حصل بالإسكندرية على جائزة الدولة كان أحمد أبو الليل، والذي حاز على جائزة النيل لعام 2010. وطالب “,”أبو علم“,” بضرورة قيام المؤسسات الثقافية بالإسكندرية بعمل احتفالية كبرى لتكريم أدبائها السكندريين، بعد فوز أربعة منهم بجوائز الدولة لعام 2013، لأول مرة بتاريخ المدينة العريقة. وفى صدد هذا الموضوع، قال الروائي عبد الباري خطاب، خلال حديثه لجريدة “,”أمواج“,”، إنه يشعر بسعادة بالغة وفرحة غامرة لهؤلاء الشعراء والأدباء الفائزين بالجوائز، مؤكداً على استحقاقهم عن جدارة لتلك الجوائز بفضل إبداعهم. وواصل “,”خطاب“,”: أن مدينة الإسكندرية دائما من المدن المتألقة في النشاط الثقافي، وظهر ذلك بشدة هذا العام، نظرا لتزايد عدد الشعراء السكندريين الحاصلين على جوائز، فمدينة الإسكندرية كمحافظة لم يكن تقديرها لعلمائها وشعرائها وأدبا ئ ها يقل عن أية محافظة في مصر، بل على العكس، فهي دائما تهتم بالفن والشعر في المرتبة الأولى، وأن زمن اقتصار الجوائز على محافظة بعينها انتهى، فالشاعر الموهوب المبدع له مكانته ويقُدر أينما كان“,”. وفى ذات السياق، قال الشاعر جابر بسيوني، عضو مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر، إنه سعيد بجوائز الشعراء هذا العام، وإن الإسكندرية دائما ما تقدر شعراءها، ولكنه أبدى أسفه الشديد من حصول بعض الأشخاص على جوائز كنوع من الترضية لموقفهم السياسي، مع بعض الأشخاص الذي تم إقصاؤهم في فترة النظام السابق، وعودتهم مرة أخرى، حسبما أكد. وأشار “,”بسيوني“,” إلى أن نظام جوائز الدولة لابد أن يتغير مع تغير العصور والأزمنة، قائلاً: “,”لابد أن يتوافق مع العصر، ولابد من تجنب السلبيات والتربيطات الموجودة“,”، بالإضافة إلى العمل على تعديل لائحة الجوائز وتعديل عملية التصويت، نظرا لوجود أشخاص يقومون بحق التصويت وإبداء آرائهم وإدراج أصواتهم، وهم ليسوا جديرين بذلك. إلى جانب ذلك، أضاف “,”بسيوني“,” أن عدد الأدباء في الإسكندرية في تزايد مستمر، وأن المدينة بدورها تأخذ مساحة هائلة في تعظيم وتقدير أبنائها كالمعتاد، وأن مستوى الإسكندرية في الشعر والأدب ينطلق إلى الأمام كعادته، مواصلاً: “,”فالإسكندرية كموقع ثقافي وإبداعي تستحق المزيد والمزيد، بل إن هناك فنونا ومواهب لم تكتشف بعد، فبحر الإسكندرية مليء بالمفاجآت دائما“,”.