سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
"الفيس بوك" هل تحول من موقع تواصل إلى مصحة نفسية؟.. حجاب: السبب الرئيس في زيادة معدلات الاكتئاب.. العيسوي: الوسيلة الأفضل للتعبير عن الهلاوس المرضية..وعز الدين: زاد من معدلات "التوحد" بمصر
"سما" طبيبة في العشرينيات من عمرها، خطفها السرطان قبل عرسها بيومين، ماتت العروس وتحول العرس إلى مأتم، ماتت وتركت عريسها حزينا وحيدا لا يستطيع إكمال حياته قائلا "كانت سمايا التي أعيش تحت ظلها"، كما تركت صديقتها ورفيقة دربها دون أن تجد من يخفف عنها حزنها، حتى أطلق عليها الكثيرون من الفتيات "عروس الجنة"، هكذا كانت القصة التي تعاطف معها المصريون جميعا على الفيس بوك.. ولكن بعد أن أصبحت قصة "الدكتورة سما" قصة فتيات وفتيان الفيس بوك التي يبكون من أجلها ويتعاطفون معها، ومنهم من خاف على شبابه من أن يقضي عليه السرطان ومنهم من قرر عدم الاستمرار في تناول العلاج لعدم فائدته في إنقاذ "سما"، كانت المفاجأة أن "سما" ما هى إلا "أكذوبة فيس بوكية" دسها أحد المرضى النفسيين، ونسجها من وحي خياله المريض للتعبير عما يعانيه من مآسي واضطرابات، وهذه ليست بالأكذوبة الأولى التي يصدقها الشعب المصري ويتعاطف معها وليس من المفترض أن تكون الأخيرة، طالما الشعب المصري متمسك بعاطفيته في الحكم على الأمور . وهو ما دفع "البوابة نيوز" إلى استطلاع آراء علماء النفس لنتعرف على الأمراض النفسية التي ساعد الفيس بوك على الكشف عنها : أكد محمد أنور حجاب، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس أن المريض النفسي يجد في الفيس بوك صديقا للتعبير عن ذاته؛ لأنه يعاني من سوء توافق مع الآخرين والحياة، موضحا أنه يؤدي دوره بشكل طبيعي سواء في الجامعة أو العمل ولكن لديه خلل في التعامل مع الآخرين في بعض النقاط وفقا لنوع المرض النفسي لذلك يلجأ المريض النفسي إلى الفيس لكي يستطيع التخلص من الضغوط النفسية التي يعاني منها ويجد فيه مخرج من مكبوتاته ليحدث لديه التوازن النفسي المطلوب . وأوضح حجاب أن هناك فروقا فردية في احتمالية تحول الضغوط التي يعاني منها الفرد إلى أمراض نفسية وفقا لقوة الجهاز، المناعي النفسي، موضحا أنه يشبه جهاز المناعة العضوي فهناك أناس يستقبلون الصدمات النفسية ويتعاملون معها ويسعون إلى حلها، وهناك آخرون يعجزون عن تحمل مثل هذه الصدمات ويتحولون معها إلى مرضى نفسيون يحتاجون إلى معالج نفسي أو يتحولون إلى شخصيات وهمية يعبرون عن ذاتهم عبر الإنترنت وأضاف حجاب أن المريض النفسي يجد في الفيس بوك الوسائط الاجتماعية التي يفقدها في الواقع الذي يعيش فيه، فهو يرى في العالم الافتراضي ساحة مناسبة للتعبير عما بداخله لتفريغ الضغوط التي يسببها مرضه النفسي، مشيرا إلى أن المجتمع لا يمكنه التميز بين الحقيقة والمرض، ولكن مع تكرار انتشار هذه الشائعات والأشخاص الوهمية يحدث لدى الأفراد مناعة ضد هذه الشائعات. وقال حجاب: إنه من أبرز الأمراض التي يسببها الإنترنت هو الاكتئاب نتيجة الانعزال عن المجتمع والأمور الحياتية التي تحدث حوله ليتقوقع داخل ذاته هربا من الواقع، مشيرا إلى أنه كلما زاد الذكاء زاد معدل الاكتئاب والعكس صحيح كلما قل الذكاء قل معدل الاكتئاب، وذلك يرجع بسبب كثرة التفكير في حياته والنظرة إليها نظرة شاملة قائلا "أنا اتولدت واتعلمت واشتغلت وفي الآخرهموت". وأشار حجاب إلى أنه في الفترة الأخيرة انتشر ما يسمى بمرض "الاستعراضية للشخصية الهستيرية" وذلك يتعرض إليه الإناث أكثر من الذكور، وهذا المرض يتمثل في نشر عدد كبير من صورهم بمختلف الأوضاع وذلك رغبة منهم في جذب انتباه الآخرين، موضحا أن هذا ينبع من عدم النضج النفسي والانفعالي. فيما قالت هبة العيسوي، أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة عين شمس إن هناك نوعين من المرض النفسي، أحدهم له مساس بالعقل والآخرلا علاقة له بالعقل، وهناك ما يسمى "اضطراب الضلالات" وهم أشخاص أصحاء في جميع جوانبهم النفسية فيما عدا جانب واحد مصاب باضطراب يؤدى بهم الهلاوس السمعية والبصرية، وفي الفترة الأخيرة أصبح الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي الوسيلة الافضل للتعبير عن تلك الهلاوس. وأكدت العيسوي أن المريض في هذه الحالة لا يريد الشهرة وجذب انتباه الرأي العام ولكنها تمثل له حقيقة يعيشها في خياله ويجب على المجتمع التعاطف معها وليس الإساءة لها، موضحة أنه يعاني من اضطرابات نفسية وعدم إدراك وتشوه في الوعي مما يدفعه إلى نسج أحداث وقصص خيالية. وأشارت العيسوي إلى أن هناك مرضى بالظهور يأخذون من الفيس وسيلة لجذب انتباه الآخرين وذلك من خلال المبالغة في نشر صورهم وخصوصا صور"السيلفي"، وذلك ظنا منهم أنهم محور اهتمام الآخرين، موضحة أن هؤلاء الأشخاص يعانون من السطحية والانفعالية والاندفاعية بدرجة مبالغ فيها فهى شخصيات لا تحسب العواقب عما تفعله مهما كان، مشيرة إلى أن المجتمع لابد أن يضع هؤلاء الأشخاص تحت الرقابة الكاملة، لأن هذه مؤشرات إلى أمراض نفسية أخرى وخيمة . أكد إبراهيم عز الدين، أستاذ علم النفس والاجتماع بجامعة أكتوبر أن الإنترنت من وجهة نظر المريض النفسي هو الوسيلة الأمثل التي من خلالها يستطيع التعبير عن ذاته والتواصل مع الآخرين، فهو يجد أنه من الأفضل أن يتعامل معهم عبر وسيط وذلك من خلال عمل عدد من الحسابات الوهمية على الفيس بوك ويمكنه عبر ذلك خداع الآخرين ومن الممكن أن يصل إلى إزائهم وخصوصا إزاء البنات التي يفعلها عدد كبير من الشباب المرضي وخاصة في الوطن العربي. وأشار عز الدين إلى أن بعض الأفراد الذين يعانون من الاضطرابات النفسية يرون أن ما يصدرونه من شائعات أو أراء تزيدهم ثقة بنفسهم وإرضاء لغرورهم عندما تنال منشوراتهم على عدد أكبر من اللايكات، وهذا ما لا يناله في الواقع الذي يعيش فيه، موضحا أن هؤلاء الأشخاص يعانون من ضعف ونبذ من الآخرين وعدم تقبلهم لآرائه وأفكاره . وقال عز الدين: إن الفيس بوك يعد السبب الأكبر في شعور عدد كبير من الأفراد بالوحدة، فهم يجدون الراحة في التحدث مع الآخرين عبر وسيط، وهو ما يؤدى إلى زيادة نسب التوحد في مصر، موضحا أن الأفراد يعتقدون أنهم يزيدون من علاقتهم من خلال التوسع في التواصل مع عدد كبير الأفراد عبر مواقع التواصل، ولكن في الحقيقة هم ينعزلون ويقتصرون على الاتصال الغير المباشر الذي يزيد من الوحدة والاكتئاب.