طالب الخبير الإعلامي الدكتور محمد رضا حبيب، بسرعة إقرار قانون التشريعات الإعلامية، لضبط حالة الفوضى الإعلامية، ومنع استخدام سلاح الإعلام لتوجيه الناخبين لصالح رجال الأعمال، الذين يريدون السيطرة بالمال السياسي على البرلمان المقبل، حتى لو اضطر الأمر لفرض حالة الطوارئ الإعلامية. وأضاف حبيب في حواره ل"البوابة نيوز"، أن مستقبل مصر يتوقف على شكل البرلمان القادم، والمال السياسي لا يقل خطرًا على مصر من الأحزاب الدينية، مشيرًا إلى ضرورة الإسراع في ملف مكافحة الفساد وتطهير المحليات، للقيام بدورها في تقديم كل الخدمات للمواطنين، لتشجيعهم على المشاركة بفعالية في الانتخابات، وحتى يتحملوا المسئولية التاريخية في اختيار النواب، دون ضغوط أو استغلال لحاجتهم للخدمات الأساسية. ما تقييمك لأداء الإعلام المصري في ظل الاتهامات التي تطارده من كل قطاعات المجتمع رسميًا وشعبيًا؟ لا يختلف أحد على أن الإعلام المصري أصبح جزءً من الأزمة التي تعيشها مصر حاليًا، بسبب ممارسات الإعلاميين، التي أفقدت رجل الشارع الثقة والمصداقية في مهنة ورسالة الإعلام ككل، وهذا له أسباب كثيرة، أولها أنه لا يوجد عندنا إعلام حقيقي، فالقنوات الخاصة مملوكة لمجموعة من رجال المال، يبحثون عن حماية مصالحهم، وزيادة ثرواتهم، حتى لو تعارضت مع مصالح الدولة، أما الإعلام الرسمي، فيعاني من مشاكل يعرفها الجميع من عشرات السنين؛ بسبب سيطرة نظرية ثقافة الموظفين، والحل طرحه عشرات الخبراء، والهيئات العلمية، بضرورة إعادة هيكلة وتطوير التليفزيون الرسمي. ثانيا، هناك مشكلة في الإعلاميين أنفسهم، بعضهم جاهل وغير مؤهل، ويعمل لمصلحته الخاصة، لدرجة أن بعض الإعلاميين تحولوا لسماسرة، وبعضهم تضخمت ثروته بصورة مبالغ فيها، وهو ما يحتاج إلى تحقيق، لأن الفساد استشري داخل بعض المؤسسات الإعلامية، بسبب التزاوج الذي تم بين الثروة والإعلام. لكن بعض ممن تتحدث عنهم يزعمون أنهم مقربون للسلطة.. فهل يعني ذلك أن معهم ضوء أخضر من "النظام"؟ معك بعض الحق، ورجل الشارع ينظر إلى هؤلاء باعتبارهم محسوبين على السلطة، وحضر بعضهم أكثر من مرة ضمن اجتماع الرئيس عبدالفتاح السيسي مع الإعلاميين، لكن للأسف، لم تصلهم رسالة الرئيس ولم يفهموها، بل أن بعضهم أصيب ب"حوَّل"، وفهم الرسالة خطأ، وهو ما أضر بشعبية الرئيس في الشارع، وهو الأمر الذي دفعه للاجتماع بشباب الإعلاميين، والتحدث معهم على أمل أن تصل رسالته إليهم، وتجنب الاجتماع مع الإعلاميين المحروقين في الشارع، لدرجة أن الرئيس قرر تجاهلهم تمامًا، وأن يخاطب الشعب مباشرة دون وسيط، من خلال حديثه الشهري للرأي العام، وأدرك الرئيس وأجهزته مؤخرًا أن بعض من ملاك الإعلام الخاص، يبحث عن مصالحه، دون مراعاة مصلحة الوطن، أما الذين يسافرون وراء الرئيس أينما ذهب، على نفقتهم الخاصة، فهذا نفاق مفضوح من أجل المصالح الخاصة. لكن التسريبات الأخيرة لأصحاب أحد القنوات الخاصة فضحت أسلوب إدارة الإعلام في مصر؟ بعيدًا عن الجدل حول نشر هذه التسريبات على الهواء، لكن أقول لك أن الواقع أسوأ بكثير، وكما يقول المثل الشعبي "ما خفي كان أعظم"، ومن يعمل داخل المطبخ سواء في قناة خاصة أو برنامج "توك شو" أو في التليفزيون الحكومي، يستطيع أن يحكي لك وقائع أكثر فسادًا وخطرًا مما تم إذاعته في التسريبات، المشكلة أنه حتى الآن نحن نفتقد لتشريعات تنظم عمل الإعلام، وتضمن أداء رسالته، بدون تدخل وتوجيهات أصحاب رأس المال، وتضمن محاسبة الإعلامي إذا أخطأ أو تجاوز، وتضمن حق المواطن في المعرفة وتداول المعلومات. يكفي أن أقول لك أن هناك عشرات الجرائم التي تُرتكب يوميًا على الهواء من الإعلاميين، ويعاقب عليها القانون، ولا أحد يُحاسب على هذه الجرائم، وفي الوقت نفسه حتى نكون مُنصفين هناك بعض الإعلاميين المُحترمين، الذين يؤدون رسالتهم بكل مهنية ومِصداقية. وماهو الحل من وجهة نظرك لأزمة الإعلام في مصر حاليًا؟ أعتقد أن تأخر الدولة في إصدار "ميثاق الشرف الإعلامي"، الذي نصت عليه خارطة الطريق في يوليو 2013، كان أحد الأسباب فيما وصلنا إليه الآن، بالطبع أتفهم حاجة الدولة وقتها لمنابر ترد على ادعاءات قنوات "ذوات الأربع"، الممولة من الخارج لهدّم الدولة، لكن آن الأوان لتطهير الإعلام من الجهلة والسماسرة والمنافقين والمطبلاتية، لأن البرلمان القادم سيحدد مصير ومستقبل مصر، ولا ينبغي ترك سلاح الإعلام في يد رجال المال؛ لاستغلاله في توجيه الناخبين، والتأثير عليهم حتى لو اضطر الأمر لفرض حالة الطوارئ الإعلامية، وإذا كنت تسألني عن الحل من وجهة نظري، فلا بد للنظام من الإسراع في إقرار قانون التشريعات الإعلامية؛ لضبط حالة الفوضي الموجودة على الساحة، وإنشاء الهيئات الوطنية للإعلام، كما نص عليها الدستور، وأن يراع في إنشائها الاستقلالية والحياد، وأن تكون مهمتها ضمان أداء الإعلام، خاص، وحكومي أو قومي لرسالته بمهنية، دون أي تدخل من المالك، سواء كانت الحكومة أو رجال المال، وحماية حقوق المواطنين في إعلام يعبر عنهم، ويحترم خصوصيتهم، وحتى يحدث ذلك ينبغي توعية الشعب بكيفية التعامل مع الإعلام، من خلال التربية الإعلامية، كأحدث وسائل التصدي لحروب المستقبل، ليست باعتبارها "مشروع دفاع" يهدف إلى الحماية من حروب الجيل الرابع فحسب، بل هي "مشروع تمكين" أيضًا، يهدف إلى إعداد الرأي العام، لفهم كيفية التعامل مع الإعلام، وتعلم مهارات التفكير الناقد، لحسن الانتقاء والاختيار منها، والمشاركة فيها، سواء عن طريق تدريسها في مناهج التعليم أو دورات تدريبية أو برامج توعية في وسائل الإعلام. وبالنسبة لأولويات المرحلة فمصر تواجه الإرهاب والمخططات الخارجية التي تستهدف هدم الدولة؟ وما المانع أن يتم التعامل مع جميع الملفات في وقت واحد فنحن لا نملك رفاهية الوقت، ولا يمكن إلقاء عبء مواجهة الإرهاب على أجهزة الأمن فقط ولكنها مسئولية المجتمع ككل، ولا يمكن القضاء على الإرهاب بدون تعاون وتكاتف أجهزة الدولة والشعب معًا، وأؤكد لك أن الإرهاب والفساد وجهان لعملة واحدة، وعلينا البدء في مواجهة شاملة للاثنين، حتى يشعر المواطن أن هناك تغييرًا يحدث، فرغم نجاح الرئيس خارجيًا إلا إن بعض وزراء الحكومة والجهاز الإداري للدولة، يعملان ضد توجهاته، وكأنهم عن جهل أو عمد يريدون إفشاله، والرئيس في النهاية مسئول أمام الشعب بتحقيق ما وعد به من استقرار الأمن، ومواجهة الفساد، والتنمية، والعدالة الاجتماعية، وإلا فإن الشعب سيخرج مرة أخرى، مطالبًا بالتغيير، وهو ما لا يتمناه أي وطني، لأن هذه المرة ستكون مختلفة، ومدمرة لأن الشعب سيكون وقتها فقد الثقة في الجميع. قررت خوض تجربة الترشح للبرلمان على مقاعد الفردي عن دائرة بلبيس بالشرقية.. فما السبب ؟ السبب وراء قرار ترشحي للبرلمان هو أزمة الإعلام المصري، والذي يحتاج إلى تشريعات تضمن قيامه بأداء رسالته بمهنية وبما يخدم مصلحة الوطن في ظل التحديات التي تواجهها مصر حاليا، وتطور نوع الحروب التي تمارس علينا خاصة حروب الجيل الرابع، والخامس، والسادس، التي يلعب الإعلام دورًا خطيرًا ومؤثرًا فيها، ولا بد من وجود برلمانيين لديهم الخبرة للتعامل مع هذه الملفات. أما السبب الثاني هو أهالينا المنسيين من اهتمامات الحكومة، وبصراحة التجربة ليست سهلة، خاصة في ظل فقدان المواطن الثقة في البرلمان نفسه بسبب وعود النواب السابقين، فأهالي الدائرة شبعوا من الوعود المعسولة للنواب السابقين والتي ذهبت أدراج الرياح ولم يتحقق شيئا لهم على أرض الواقع، وبقيت مشاكلهم كما هي، رغم أنها لا تحتاج لنواب برلمان لكن تحتاج لتفعيل الإدارة المحلية ومواجهة الفساد والإهمال الذي عشش في المصالح الحكومية، فمعظم مشاكل الدائرة تتعلق بالصرف الصحي والخدمة الصحية ومراكز الشباب والفساد في المحليات وقبل كل ذلك البطالة التي يعاني منها الشباب ليس فقط في الدائرة ولكن على مستوي الجمهورية، العجيب في الأمر أن معظم هذه المشاكل يمكن حلها بسهولة من خلال الإدارة المحلية لكن فتش عن الإهمال والبيرقراطية والفساد أيضا، وكأن الإدارة المحلية تعمل ضد الرئيس. هل مازلت عند رأيك خاصة وأن هناك مزاعم تقول إن الشباب مقاطعون للانتخابات البرلمانية؟.. وما أهم ملامح برنامجك الانتخابي؟ بالطبع مازلت متحمسًا لخوض التجربة وغير صحيح بالمرة أن الشباب مقاطعون للانتخابات فهناك عشرات الشباب ولأول مرة أعلنوا عن نيتهم الترشح، رغم المشاكل التي تواجههم في التمويل فمعظمنا يعمل بالجهود الذاتية والتطوعية، ولا يملك المال لمنافسة مرشحي رجال الأعمال، لكن لدينا جميعا ثقة في إدارة حازمة وحاسمة للانتخابات من قبل اللجنة العليا للانتخابات، وأقول لكل الشباب المرشحين الذين يعبرون عن القطاع الأكبر من المجتمع والذي يمثل 60 % من الشعب المصري دعونا نستفيد من خبرات بعضنا ونطلق مبادرة هي في الأساس شعاري في الانتخابات "فرصة جيل.. معا نستطيع". أما بالنسبة لملامح برنامجي الانتخابي فأنا أتواصل مع أهالي الدائرة على كل المستويات والبطالة وتأهيل وتدريب وتشغيل الشباب على رأس الأولويات، وأيضا مواجهة الفساد في المحليات والمطالبة بتعيين قيادات شابة تعمل من أجل خدمة المواطن، والعمل على حل مشاكل الفلاحين وضمان حقوقهم في الرعاية الصحية والاجتماعية والاقتصادية، وتفعيل دور المرأة وحل مشاكلها خاصة المرأة المعيلة عن طريق تمويل وتسويق مشروعات الاسر المنتجة، إلى جانب العمل على حل مشاكل أصحاب المعاشات ماديا واجتماعيا وصحيا من أجل حياة كريمة. إضافة إلى مشاكل العمال في القطاع الخاص ماديًا وصحيًا، أما فيما يخص دوري في البرلمان كسلطة تشريعية ورقابية فأنا حريص على أن تكون التشريعات التي ستصدر في صالح الوطن والمواطن، وممارسة دوري الرقابي على أداء الحكومة واستغلال الأدوات البرلمانية في المراقبة من السؤال إلى البيان العاجل مروًا بطلب الإحاطة وأخيرًا الاستجواب لتصحيح مسار الحكومة بما يخدم المواطنين وليس رجال الأعمال.