سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هل أفسدت الدراما والسينما المجتمع؟.. حجاب: المسئولية جماعية ويجب التكاتف على جميع المستويات.. محمود علم الدين: لا يمكن أن يتحول المؤلف لمصلح اجتماعي.. طارق الشناوي: الشاشات مظلومة
السينما والدراما مرآة لقيم وتقاليد المجتمع، فالشعوب تتعرف على عادات وثقافات بعضهم البعض عن طريق الأفلام والمسلسلات، ولذلك علينا عدم الاندهاش من صورة المجتمع المصري لدى الغرب أو المجتمع العربي بصورة عامة، فنحن نساهم في تشكيل هذه الصورة التي تكون غالبًا مليئة بنظرات الدونية عن طريق ما يعرض على شاشاتنا من إجرام وإسفاف وتصوير لواقع سلبي للغاية، فنجد أن معدلات الجريمة والتحرش في ازدياد، وسيادة مفاهيم جديدة وغريبة على مجتمعاتنا وديننا مثل الخيانة الزوجية والعلاقات غير المشروعة وغيرها الكثير. قال محمد أنور حجاب، أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس: إن الدراما والأفلام تلعبان دورا كبيرا في المجتمعات وخصوصًا المجتمعات النامية فيمكن عن طريقهما رفع مستوى الوعي لدى الشعب، وضخ قيم إيجابية مهمة، ويمكن على صعيد آخر أن يحدث العكس، وأضاف أن ذلك يرجع إلى أن أفراد المجتمع بينهم العديد من الاختلافات هناك أفراد يشاهدون الأفلام والمسلسلات دون أدنى تأثر وهذا المسار تستحوذ عليه فئة كبار السن بشكل كبير أما الفئات الأصغر تكون أكثر تأثرًا؛ ما يساهم في ضياع القيم الأصيلة التي اعتاد عليها المجتمع والتي تعتبر أهم مميزاته. واستنكر حجاب، تلك الموجة التي سادت المجتمع من مشاهد خليعة وقيم غريبة تتبناها محتويات الأفلام والمسلسلات والتركيز الأساسي على الواقع السلبى الذي يجعل المشاهد الغربي يعتقد بأن المجتمع بأفراده جميعًا ينحصر في شخصيتي البطلة العارية والبطل البلطجي وذلك الأمر غير صحيح بالمرة فكل مجتمع يوجد به فئة لديها قابلية للفساد وفئة معتدلة وأخرى متشددة. وأكد حجاب، على أن التأثر بمحتويات تلك الأعمال الفنية شديد جدًا فالمسئولية جماعية وتقع بشكل أكبر على عاتق الدولة وأفراد المجتمع، حيث يجب عليهم التكاتف واتخاذ إجراءات مهمة أمام تلك المحتويات كمقاطعة تلك الأعمال، كما يجب على القائمين بصناعة هذه الأعمال القيام بدورهم التربوي لأفراد المجتمع. وأضاف أن نسبة تبني القيم الشاذة عن المجتمع ازدادت كثيرًا بعد رواج تلك الأعمال فمعدلات التحرش في الألفية الأولى كانت ضئيلة جدًّا ولكن هذه الأيام ساعدت على وضع المرأة في صورة ذهنية سيئة جدًا. وأوضح حجاب أن أبطال تلك الأعمال بمثابة مجرمين في حق الشعب والدين والمجتمع، كما استنكر عدم محاكمة القائمين على بروز تلك الأعمال بهذا الشكل المبتذل، مشيرًا إلى أن الدولة عليها اتخاذ مجموعة من الخطوات القوية التي ترسخ وتسير نحو أعمال فنية تحترم عقل المشاهد كما يجب أن تقوم الرقابة بتشكيل لجان مهنية قادرة على التصنيف البناء. وأضاف أنه يجب أن يقوم أفراد المجتمع بمقاطعة مثل تلك الأعمال الفنية المبتذلة مما سيؤثر على حجم المشاهدة فيتجه القائمون عليها نحو مسار مهني جديد. من جانبه أكد محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن القضية الرئيسية تنحصر في أن الدراما تعكس مجموعة من القيم والاخلاقيات والعديد من أنماط السلوك وعليه فتكرار مجموعة هذه القيم والعادات يبدأ في ترسيخها في المجتمع بشكل أصيل وتتحول وسط فئة الشباب إلى أنماط حياة اعتيادية. وأضاف أن ذلك يبرز بوضوح في المجتمع عن طريق نماذج العنف بكافة أنواعه وأيضا اتساع دائرة الأعمال الإرهابية والمنافية للآداب. وذكر علم الدين، أن مشاهد الأسلحة البيضاء وتعاطى المخدرات على سبيل المثال، والتي راجت كثيرا في العديد من الأعمال الفنية التي تقدم للمشاهد أصبحنا نجدها بنفس الرواج في حياتنا اليومية، حيث يتم دفع الأفراد معنويًّا على التجريب بكافة وسائله وأشكاله، كما أصبح هناك علاقة تبادلية بين الشارع والدراما في تبني الألفاظ البذيئة فالدراما تقتبس منه ثم ترجع هذه الألفاظ إليه مرة أخرى في شكل محتوى فنى ولكن في تلك الحالة يتم التأثر بها بشكل أكبر مما يساعد على تدمير اللغة وشكل العلاقة بين أفراد المجتمع. وأوضح علم الدين، أن منظومة المجتمع أصبحت قائمة على التآمر والعنف والعلاقات الشاذة التي يتم إبرازها بكل سلاسة حتى أصبحت أمرًا طبيعيًّا. وأضاف أن هناك مسئولية تقع على عاتق مؤلفي تلك الأعمال وهى أن يضعوا في الاعتبار أن المجتمع يمر بحالة من عدم الاستقرار السياسي وأن قيم المجتمع بدأت تنحدر نحو الانهيار ولكن من غير المعقول أن يتحول المؤلف إلى مصلح اجتماعي ولكن عليه أن يؤكد على الثوابت الاجتماعية والقيم الرئيسية ويدعم فكرة المجتمع المنتج وليس المفكك. وأشار علم الدين، إلى أن كتاب ومنتجي الدراما يجب أن ينتبهوا إلى أنهم ينتجون سلعة مطلوبة ومحببة لدى المجتمع كما ينتبهوا أيضا إلى أن المجتمع في حالة من عدم الاستقرار وبالتالي في حاجة إلى ضخ وتثبيت مجموعة من القيم الإيجابية التي تساعد على دعم المجتمع ولا تساهم في زيادة تفككه. وقال طارق الشناوي، الناقد الفني: إن الفن له تأثير كبير على المجتمع ولكنه أيضًا يقتبس تفاصيله من واقع المجتمع بمعنى أن الواقع المصري مليء بالتجاوزات والعنف الحركي واللفظي أكثر بكثير من الذي يتم عرضه على الشاشات، فالبعض يريد إدانة الشاشة ويترك الواقع والبعض يعتقد أنه عندما نقدم شاشة نظيفة ينعكس ذلك بدروه على المجتمع ولكن ذلك بعيد كل البعد عن الحقيقة. وذكر الشناوي أن الواقع المصري يوجد به العديد من المشكلات الخطيرة وعلى الدراما ألا تغض البصر عن هذه المشاكل وأن تبرزها كما هي، ولكن حقا يجب أن نعترف بأن هناك بعضا من القائمين على صناعة هذه الأعمال الفنية يبرزونها بشكل ما باغين منها هدف تجاري في المقام الأول من أجل إثارة انتباه الجماهير. وأشار الشناوي إلى أن مسلسل "تحت السيطرة" على سبيل المثال يراه البعض يحتوي على العديد من التجاوزات ويتهموه بتقديم سلبيات عديدة لفئة الشباب ولكنني أراه صادقًا في فضح كل ما يجري في المجتمع من سلوكيات مبتذلة. وأضاف أن دعاة تقديم الفن النظيف يتهمون الشاشات بأنها ساعدت على زيادة تبني القيم المبتذلة ولكن ما ذلك إلا محاولة لكبح الأعمال الفنية التي تصور مشكلات الواقع وتساهم في فضحها. وأكد الشناوي أن الرقابة بداخلهم تطلب من المجتمع غض البصر عن السلبيات وتقديم صورة مفرقة وإيجابية عن الواقع ولكنها لا تعبر عنه وهناك جزء منهم حسن النية يعتقد أن تقديم دراما نظيفة ينعكس على المجتمع بصورة أكثر إيجابية.