بالطبع انا لست ناقدا فنيا وعلاقتى بالدراما هى علاقة المشاهد المتذوق للاعمال الفنية واستطيع الحكم عليها بوجه عام مثلى مثل ملايين المصريين المتابعين لهذا الاعمال اما الحكم عليه بشكل علمى مدروس فأتركه للمتخصصين ولكن الذى جذبنى خلال هذا الموسم الرمضانى لكى اكتب عن الدراما التلفزيونية مسألتان فى غاية الاهمية الاولى وهى ان الدراما هى مراة المجتمع ومجتمعنا ليس فيه كل هذا الكم من الانحلال الذى ظهر فى دراما رمضان هذا العام والاكثر من ذلك مساهمتها بشكل كبير فى نشر العادات السيئة والمشينة داخل المجتمع. وليتذكر الجميع حقبة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضى والتى كانت اكبر دليل ومثال على مساهمة الدراما فى الرقى بالذوق العام فانا لست ضد الابداع الفنى ولكن نريد فى هذه الفترة ابداعا فنيا يضيف للمجتمع و يعلم النشء ويقدم القدوة الحسنة فى المجتمع . فكيف نرى فى مسلسلات رمضان بيوت الدعارة و شرب الخمر طوال الحلقات و البلطجة و السحر والقتل والزنا والملابس الساخنة والالفاظ النابية والحوار المبتذل وغيرها من الموبيقات التى نعترف بوجود بعضها ولكنها ليست منتشرة ولا نريد نشرها او تعميمها . ونعرف جميعا ان شهر رمضان يعول عليه القائمين على هذه الصناعة كثيرا نظرا لانه الموسم الحقيقى لها لاسباب عديدة و لكن كان من الاولى الاهتمام بما يقدم فى هذا الشهر الكريم خصوصا من ناحية المضمون دون الاعتماد على الحبكة الدرامية وبدعوى الابداع فقط . فلايختلف اثنان على أن الدراما التلفزيونية احدى وسائل الغزو الثقافي لاى مجتمع وللاسف نجد ان90% من دراما رمضان هذا الموسم قدمت النماذج السيئة وقدمت قيما لا تتوافق مع قيمنا وتربيتنا و تقدم أشكالاً وقيماً سلبية وغريبة على الأسرة المصرية البسيطة وبالتالى سيكون تأثيرها واضح ومباشر عليها وذلك لاننا مهما اختلفنا سنتفق على ان للدراما تأثير ليس بسيط على مشاهدها خصوصا اذا كان من النشئ او المواطنين البسطاء . والمشكلة الاكبر هي أن الدراما المصرية تدخل كل البيوت وشهر رمضان هو موسمها الاكبر و أصبحت احد المصادر الاساسية للحصول على المعلومات وتكوين الثقافات بل والاهم انها اصبحت المؤثر والمحرك الاكبر للعديد من الفئات خصوصا محدودى الثقافة داخل المجتمع كما انها تنقل صورة ذهنية عن مصر لباقى الدول المتابعة لدرامتها .وبالتالى تعطى صورة سلبية عن الوطن وما يدور بداخله والازمة هنا تكمن فى ان هذه الدراما تبيح وتبرر كل الاعمال المشينة والمبتذلة والسلوك الخاطئ والقيم المنحرفة التى تقدمها . لذلك بات مطلوب من الدراما أن تقوم بدور فعّال في تصحيح المفاهيم السلبية والمساهمة في عرض النماذج الجيدة فى المجتمع وتكون ايضا من خلال حبكة درامية جيدة مثلما كان يحدث عندما تقدم الدراما نمازج للمصريين الذين اثروا فى الوطن بشكل ايجابى وكذلك من الممكن ان يكون للدراما دورا هاما فى حل القضايا الراهنة وتوضيح سبل علاجها وتساهم فى الإصلاح والتطوير المجتمعى ، والاهم هو نشر القيم الايجابية لدى كافة افراد المجتمع . واذا كانت العديد من الدراسات اكدت ان الدراما هي من أسرع وسائل التأثيرعلي وعي الإنسان وثقافته ، فبات على القائمين على هذه الصناعة ان يعوا حجم دورهم و مسئوليتهم الوطنية تجاه المجتمع ويجب ان يكون هدفهم الاول هو بناء المجتمع من خلال هذه الصناعة خصوصا ونحن فى حالة تستدعى استنهاض كل القيم الايجابية لدى افراد الوطن لاعادة بناءه من جديد وهذه الهدف الايجابى لن يتعارض مع حالة الابداع التى ينشدها صناع الدراما فلابداع الايجابى افضل بكثير من الابداع السلبى . اما المسألة الثانية فى دراما رمضان هذا العام هى المبالغ المالية الخرافية التى حصل عليها النجوم نظير اجورهم عن بطولاتهم لهذه الاعمال فالاجور مرتفعة جدا وانا لست ضد هذا واعرف ان الدراما صناعة هامة جدا ومصر من الدول العربية الرائدة فيها ولكن انا ايضا مع مساهمة هؤلاء النجوم فى دعم وطنهم ماديا الذى اعطاهم الكثير فلابد ان يردوا له الجميل خصوصا ان الوطن الان فى حالة تستدعى ان يقف الجميع بجانبه فأذا كانت اجور الفنانين عن بطولاتهم لدراما رمضان هذا العام تراوحت ما بين الاثنين الى الثلاثين مليون جنيه اى بحسبة بسيطة تعدت اجور الفنانين الكبار فقط اكثر من 300 مليون جنيه اين هم من صناديق دعم مصر و المساهمة فى اعمال اعادة بناء هذا الوطن وليس هم فقط بل كل من يحصل على الملايين من اموال هذا الشعب من نجوم الكرة ونجوم الغناء ورجال الاعمال وخلافه ويمكن تحقيق ذلك عن طريق تبنى كل فئة لمبادرة جمع التبرعات وتوظيفها فى اقامة مشروعات قومية تخدم الوطن ويجب هنا ان نتذكر دور السيدة العظيمة ام كلثوم التى ساهمت بشكل رائع فى جمع التبرعات لاعادة تسليح الجيش المصرى بعد حرب 67 والتى لن ينسى لها التاريخ دورها العظيم هذا This email address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it.