مرحلة المراهقة هي من أهم المراحل العمرية، ففي تلك المرحلة تتشكل شخصية الفرد بما يتأثر به ويؤثر فيما حوله، وتمتد المراهقة من سن 11 إلى 21 سنة، وهي أصعب فترة متقلبة تمر على الإنسان، وتكون بمثابة الاختبار الأول له في حياته الممتدة، ومستقبل الإنسان وحضارة الأمم تتأثر كثيرًا بتشكيل وعي أفرادها في مرحلة المراهقة. وحتى تمر تلك المرحلة بشكل صحيح، يجب أن ننظر إلى كل ما يؤثر في أبنائنا من عوامل خارجية ، ومن أهم تلك العوامل ما يشاهدونه من دراما سواء في التليفزيون أو السينما، في السنوات الأخيرة رأينا كيف يقلد المراهقون بعض الفنانين في أعمالهم سواء بالمصطلحات التي يرددونها او بأفعالهم حتى لو كانت خاطئة ومدمرة. ولمواجهة تأثير الدراما فى عقول المراهقين، وكيفية إصلاح ما أفسدته بعض الأعمال الدرامية في تفكير البعض؛ التقينا الدكتور عادل عبد الغفار عميد كلية الإعلام بجامعة بني سويف وأستاذ الإعلام والرأي العام بكلية الإعلام جامعة القاهرة، الذي أجاب على أسئلة "أخبار الحوادث" حول هذه التحديات ما هو تأثير الدراما على تفكير وتصرفات المراهقين؟! قبل الإجابة على هذا السؤال، هناك شيء هام يجب أن نوضحه وهو تأثير الدراما بشكل عام، حيث أن الدراما من أكثر الأشكال التي تؤثر في الناس وهي ممتدة لكافة الأعمار وليس المراهقين فقط، وإذا قمنا بتصنيف لتأثير الدراما، سنجد أن أكثر من يتأثرون بالدراما هي المرأة في المرتبة الأولى ثم المراهقون والأطفال وسنجد تلك الشرائح هم من يقلدون بشكل أعمى سواء ما يشاهدونه في السينما او التليفزيون. وان من أكثر الفئات تأثرا بالدراما هم المراهقون حيث يكونون في مرحلة تمرد والبحث عن بطولة وكذلك الرجولة واحتمالات التقليد والتأثر والبحث عن كل جديد وخارج عن المألوف ، وهذه الفترة من أكثر الفترات العمرية الحرجة في عمر الإنسان والدراما لها شقان؛ أحدهما إيجابي وهو ان ترصد الدراما نماذج بناءة وتقديم حلول إيجابية وكذلك السلوك الرشيد والنماذج الإيجابية للمجتمع. اما الشق السلبي يظهر من خلال المعالجة غير الحقيقية لبعض القضايا وظهر ذلك في الكثير من الأفلام والمسلسلات التي لم تقدم مؤخرا سوى اعمال عن المخدرات او العشوائيات وعرض صورة سلبية لبعض المهن . معنى هذا أن الدراما أفسدت عقول الكثيرين؟! نعم، أفسدته ففي الفترة الأخيرة وجدنا الدراما التجارية التى هدفها الربح فقط وليس تقديم عمل هام يطرح مشكلة ويحلها، فعندما نجد فيلما او مسلسل يقدم موضوع المخدرات نجد في احداث العمل بطله الذي يتعاطى المخدرات بطلا خارقا وفوق القانون لا احد يمنعه من ارتكاب الجرائم وتدور احداث العمل بأكمله حول بطولاته وفي نهاية العمل يأخذ جزاءه وفي لحظات نكتشف ان المخدرات هي التي دمرته. وهنا نطرح سؤالا هل سيتأثر المراهق بمشهد النهاية ام بأحداث الفيلم التى استمرت لقرابة الساعتين؟ سنجده بالطبع يتأثر بقصة الفيلم كذلك نجد أعمالاً كثيرة تقدم صورًا سلبية عن المجتمع وليست الصور الإيجابية وبالتالي لا يتأثر المراهق بأي شيء إيجابي. . لكن ما تقدمه الدراما هو شيء خيالي والمراهق يعرف ذلك جيدا فكيف يتأثر به؟ المتلقي او المشاهد لايفرق بين الخيال والواقع في الدراما ويعتبر الصورة المقدمة في الدراما على انها حقيقة ويحتذي بها في حياته ويقلدها في المواقف التي يتعرض اليها الأخطر من ذلك انه في أحد الدراسات التي إطلعت عليها احد الجرائم التي وقعت في أمريكا كانت بنفس تفاصيل احد هذه الاعمال الدرامية التي تم عرضها. لماذا اختفى مفهوم القدوة لدى المراهقين؟ لأنه ليس هناك قدوة لدى الشباب، فعندما تنظر إلى الأعمال الدرامية ستجد المدرس أو الأستاذ الجامعي أو المحامي والضابط؛ يظهرونهم بصورة سلبية في الأعمال الدرامية فمنهم من يظهر بلا شخصية، أو يكون فاسدًا ومرتشيًا، وبالتالي لا يجد المراهق ما يحتذي به، وللأسف تأثر المراهقون بتلك الأعمال ويستطرد الدكتور عبد الغفار حديثه قائلا: كانت هناك إحدى الرسائل العلمية التي أشرفت عليها، وبها دراسة أُجريت على مجموعة من المدارس الإعدادية والثانوية وتبين ان ألفاظهم الدارجة وأغانيهم يستمدونها من الأفلام التجارية، وهذا يؤكد أن الدراما سواء في السينما او التليفزيون تؤثر بشكل كبير على المراهقين. إذن كيف تتم إعادة القيم الأخلاقية وإصلاح ما أفسدته الدراما؟! لابد من الارتقاء بالمنظومة الأخلاقية وإنتاج دراما تقوم على القيم والخلق والمبادرة الإيجابية والفعلية في مواجهة سلبيات المجتمع، ولابد من وجود أعمال درامية الهدف منها حل المشاكل وإظهار الصورة الايجابية وليس الشباك كما يحدث مؤخرا في الأعمال التي نراها والتي تظهر صور العشوائيات والمخدرات والألفاظ الخارجة، فيجب على الدولة أن تعود بقوة إلى الإنتاج الدرامي لتخرج أعمال تحمل قيمة وتصدر أيضًا صورة إيجابية لمصر. وينهي الدكتور عبد الغفار حديثه قائلاً: لابد من عودة الدولة لدعم الإنتاج الدرامي والذي يعد ضرورة قومية.