شهدت الأعمال الدرامية في الأعوام الأخيرة مناقشة عدد كبير من القضايا المهمة المتمثلة في الفساد وجرائم القتل والمخدرات وغيرها من القضايا وبالرغم من أهميتها إلا ان ما تبعها من الفاظ جاءت غريبة إلي حد كبير علي مسامع جمهور التليفزيون الذي اعتاد علي استمداد ثقافته من التليفزيون بمن فيهم قطاع كبير من الاطفال الذي بني ثقافته وأسلوب حياته من خلال هذه الاعمال.. الاهرام المسائي فتحت ملف التأثير السلبي للاعمال الدرامية علي المجتمع بشكل عام حيث أكد في البداية الفنان محمود ياسين ان الدراما سواء السينمائية أو التليفزيونية دائما ما تقدمالواقعع واذا زادت عليه تزيد من وحي خيال المؤلف , ولكن نظرا لانه يريد ان يقدم دراما تزيد من التشويق للمشاهد وليس لتقديم عمل يضر باخلاقه وأفكاره. وأضاف ان التشويق أمر مهم في كل عمل درامي لكي يحقق النجاح للعمل لان العمل اذا كان بعيدا عن التشويق لن يجذب المشاهد ولن يتشوق لكي يتابع كل حلقاته ومن المحتمل ان يتأثر المشاهدون ذوو النفوس الضعيفة بالمساوئ ويريدون ان يكرروها في حياتهم الشخصية لمجرد التقليد وليس الفهم وهذا أمر يخص فئة واحدة وليس كل الفئات كما ان أي فيلم أو مسلسل يجب ان يقدم المعالجة الحقيقية للمشكلة والخير ينتصر في النهاية ويهزم الشر وهذا دليل علي أن الدراما تقدم ايجابيات وليس سلبيات فقط. بينما رأي المؤلف مجدي صابر انه ضد الرأي الذي يقول ان الدراما المصرية تساعد علي انتشار الجريمة فمثلا البلطجي أو الحرامي أو القاتل الذين تعرضهم الدراما ليسوا إلا صورة مصغرة من النماذج الموجودة في المجتمع المصري وليس من خيال المؤلف وهذا ظهر بشدة في ايام الثورة حيث لم يكتشف احد ان البلطجة والسرقة موجودتين بهذه الكثافة ولذلك علي الدراما ان تبين حقيقة هؤلاء المجرمين فوظيفتها كشف عيوب المجتمع ولكنها لا تساعد علي انتشارها لانها حينما تكشف هذه السلبيات تتحرك السلطات وتعالج هذه الازمات بالقوانين حتي يخشاها المجتمع بأكمله ولا تتكرر الجريمة مرة اخري. واوضحت الدكتورة نسرين البغدادي مديرة مركز البحوث الاجتماعية ان الدراما المصرية من المفترض ان تقدم نوعا لدي المشاهد يشبه الواقع وتظهر المشاكل التي تحدث بالفعل في المجتمع وربما تقدم الحلول ايضا والمعالجة الاجتماعية والدرامية ولكن حاليا ما يحدث عكس ذلك فالدراما اصبحت تقدم الواقع بل وتزايد عليه من وحي خيال المؤلف مما ادي إلي خلل في شرائح كثيرة من طبقات المجتمع مما ادي ايضا إلي ظهور الجريمة بشكل واضح خاصة في الفترة الاخيرة. وأضافت أنها الثقافة السائدة الآن في المجتمع, ويتضح ذلك في الملابس والألفاظ والكلمات التي تساير هذه الثقافة وتعرضها الدراما وبالتالي تجب المراجعة علي كل الانماط الدرامية وعمل دراسات حول كيفية تلقي الجمهور لهذه الاعمال وهل وصل مضمون الفكرة للمشاهد أم لا لانه من الممكن ان يكون المؤلف يقصد شيئا والمشاهد عندما يشاهد العمل يفهم شيئا آخر ليس له علاقة بما قدمه المؤلف في عمله, وبالتالي يجب ان نحمل بعضا من كتاب الدراما جزءا من هذا الخلل لانه يجب عليهم عندما يريدون ان يقدموا نماذج سيئة لكي يتعلم منها المشاهد لايجب ان تكون الفاظا أو افعالا فمن الممكن ان تكون رموزا فقط ولابد من وجود مسئولية اجتماعية من الكتاب لما يتلقيه المشاهد منهم. فيما قال محمد سيد خليل أستاذ علم النفس الاجتماعي في جامعة عين شمس انه عندما يقدم المؤلف عملا دراميا فانه يريد ان يقدم نموذجا من نماذج المجتمع المنتشرة والتي يجب ان يتعظ منها الجمهور ولكن الخطأ عندما يقدم المؤلف عملا ويظهر البطل فيه سواء كان نصابا أو بلطجيا أو قاتلا علي انه انسان توجد بحياته جوانب انسانية تدفعه لذلك ولا يقدم معالجة له لان الآثار النفسية السلبية من المحتمل ان يتأثر بها المشاهد ومن الممكن ان يبرر السلوك النفسي لدي البطل وفي احيان اخري لا يتأثر المشاهد إذا كان مستقيما ولديه مبادئ قوية تجعله يشاهد فقط دون تقليد ما يراه. وأوضح أن الدراما التليفزيونية اكثر وسيط يؤثر في اي منزل لان المجتمع المصري بطبيعته يتأثر بأي سلوك انساني أو عدواني ويقلده دون قصد فمثلا الدراما الحزينة تصيب من يشاهدها بالحزن والسعيدة تصيبه بالفرح وهكذا واكثر فئة تتأثر في المجتمع هي فئة المراهقين لانهم دائما في حالة تمرد دائم وبالتالي فالعرض المكثف لمثل هذه الاعمال يؤثر علي الجو العام ويوجد اخرون لا يفرقون بين الخيال والحقيقة مما يؤدي إلي حدوث كثير من الجرائم. واشار المخرج احمد النحاس إلي ان الدراما التليفزيونية بالطبع لا يكون مقصدها تقديم إساءة للمشاهد خاصة وانها تدخل كل بيت مصري وفريق العمل يعلم ذلك جيدا وبالتالي يحاولون بقدر الامكان عرض النماذج الخاطئة في حدود الادب والتربية فالمؤلف عندما يقدم نموذجا سيئا يقدمه بكل سلبياته وايجابياته لانه من الطبيعي أي شخص في الدنيا مهما كان مجرما فهو بالتأكيد يوجد جوانب انسانية في حياته تجعله يمارس الاجرام وهنا يجب علي المؤلف ان يقدم كل الجوانب حتي يعلم المشاهد الخير والشر وهو عليه الاختيار وليس صحيحا ما يتردد حول ان الاطفال يقلدون هذه المساوئ لان الاسرة تجب عليها المراقبة الدائمة للطفل حتي يتعلم من المساوئ ولا يقلدها تقليدا اعمي فالمؤلف والمخرج والفنان هم اباء وامهات ويهمهم مصلحة المشاهد ولا يقصدون الاضرار به.