لا تندهش ولا تتعجب مما شاهدته عيناك من إثاره للغرائز وما سمعته أذناك من ألفاظ مبتذله خادشة للحياء بعدما تجرأت - أنت و أفراد أسرتك - على مشاهدة تلك المسلسلات . طوال شهر رمضان وإلا اتهمت بالجهل والرجعية وعدم الإلمام بأهمية الدراما الواقعية في تعريه المجتمع ومناقشه قضاياه ! وحتى عندما تتأكد من أنها اكتفت بالعرى وأغفلت -عمدا - مناقشة القضايا .. يبادرك صانعوها بان الفن في حقيقته وسيلة للتسلية والترفيه و أن السياسيين والمختصين هم وحدهم المعنيين بمناقشة قضايا المجتمع وليس إلى أهل الفن ! وعندما " يفور دمك ويوشك نفوخك أن ينفجر " من شده الغيظ وأنت تصرخ :" يا عالم يا هووه .." هل هذا فن وهل ما نشاهده تسلية بريئة ؟! .. قمصان نوم ساخنة وشتائم بالأب والأم وتحريض على الخيانة الزوجية والدعارة والشذوذ وتعدد الأزواج وعقوق والدين وإهانتهم .وتصرخ متسائلا: لما كل هذا ؟! تجد من يخرج عليك ببرود يحسد عليه قائلا :" إذا لم يعجبك المسلسل فما عليك إلا أن تنتقل إلى قناة أخرى أو تغلق التلفزيون وتبحث لنفسك عن وسيلة أخرى للترفيه وتتركنا نعمل في هدوء! فهل أخطئنا كمصريين عندما أعطينا الأمان لصناع تلك المسلسلات ، وسمحنا لأفكارهم وثقافتهم أن تتسلل إلى داخل بيوتنا وتركنا أولادنا وأزواجنا يشاهدونها ونحن نعتقد ونظن - وبعض الظن إثم - أنهم أصحاب رسالة فنيه لاغني عنة في الرقى بالمجتمع والسمو بالأخلاق ؟! لا اعتقد - مثل الكثيرين - أن تكون الإجابة : نعم أخطانا .. أو حتى مجرد التفكير في تطبيق المثل القائل: " الباب اللي يجيلك منه الريح سده وأستريح " فنغلق التلفزيون و ربما نلقى به من النافذة .." ويا دار ما دخلك شر"! - فما الحكاية بالضبط؟! - سؤال كان من الممكن أن يطرحه نائب برلماني علي وزير الإعلام أنس الفقى في جلسة ساخنة في مجلس الشعب ولأن المجلس في أجازه ونوابه مشغولين حاليا بالانتخابات المقبلة فملحق " الأهرام ع الهواء" يقدم ذلك الاستجواب مستعرضا حقيقة ما قدمته مسلسلات رمضان من إسفاف وتدنى لعل وزير الإعلام وغيره من المعنيين بمستقبل تلك البلد .. ينتبه ويبادر باتخاذ قرارات تطمئننا و تسمح لنا بان تمتد أيدينا إلي "ريموت" التلفزيون دون أن ترتجف خشية أن يطلعنا مشهد في مسلسل يسب فيه أحدهم أمه وينعتها ب " الوسخة " كما حدث في مسلسل " اختفاء سعيد مهران " في سقطة أخلاقية تحدث للمرة الأولى في تاريخ الفن المصري أن تسب الأم علانية ، وفى مشاهد أخرى لعقوق الأبناء للإباء كتلك التي شاهدناها في مسلسلي" ماما في القسم " لسميرة أحمد والقطة العمياء لحنان ترك .. أو تطل علينا فنانة بقميص نوم أو فستان يظهر مفاتنها أكثر مما يستر وهى تنطق بكلمات وتقوم بحركات أقل ما يوصف عنها أنها تثير الغرائز كتلك التي ظهرت بها غادة عبد الرازق في مسلسل زهرة وعلا غانم فى مسلسل العار وعبير صبري في مسلسل " نص أنا نص هو" ، ولعل مشهدا جمع الأخيرة بالفنان الكبير محمد وفيق في الحلقة الخامسة والعشرين من نفس المسلسل قد عبر بوضوح عن ذلك عندما دخلت عليه وهى ترتدي ملابس قصيرة للغاية ومثيرة جدا قبل أن تجلس على الكنبة وتمدد ساقيها لثوان استعرضت الكاميرا مفاتنها قبل أن يصرخ وفيق محتدا ضمن أحداث المسلسل :" أية اللي أنت لابساه .. ده فضيحة اختشي استري نفسك بسرعة " .. فانصاعت لأوامره ودخلت إلى غرفتها بخطى بطيئة والكاميرا تتابعها وترصد خطواتها .. يحدث ذلك في مسلسل كوميدي ، وفى مشهد يمكن الاستغناء عنه دون أن يخل ذلك بأحداث العمل أو تلك الحتمية الدرامية التي يتشدق بها البعض ، اللهم إذا كان وجوده مثل تلك النوعية من المشاهد مقصود به تسلية الصائم. الأمر نفسه ينسحب على جملة أكثر ابتذالا في مسلسل كوميدي آخر هو "بيت العيله " في جملة شاعت في "البرومو" -التنويه -المخصص للمسلسل تتردد بين أبطالة هالة فاخر وهنا شيحه وشيرين قائلين لبعضهم البعض :" حسستى.. آه حسست " تاركين للمشاهد إذا ما اكتفى بمشاهده ذلك التنويه أن يذهب بخياله بعيدا في أى اتجاه يشاء كي يتفهم ما المقصود بتلك الجملة . وكذلك الحال مع ألفاظ أخرى مثيرة ومبتذلة في مسلسلات " أزمة سكر" لأحمد عيد و" أهل كايرو" لخالد الصاوى ، " العتبة الحمرا " لمي كساب ، " الحارة " لصلاح عبد الله ، " الكبيرقوى" لأحمد مكى ، والأخير شهد كما من الإسفاف بداية من اسم المسلسل الذى أثار تعليقات مبتذلة عند بعض الناس مرورا بجمل يصعب ذكرها نطق بها مكى كلازمة لشخصيتي" التوءم الصعيدي" و" الأمريكي ". ناهيك عن نماذج أخرى كثيرة ومشاهد متعددة تناولت بالشرح المبسط تأثير الفياجرا على الأزواج وشعورهم بالسعادة والأثر النفسي العائد من وراء تناول الخمور و المخدرات فتكررت جملة على لسان المدمنين :" سبني أنا عامل دماغ وطاير في السما " وهو ما يغرى المراهقين والشباب المحبط على أن يجرب تلك المخدرات التي ربما سمع بعضهم عنها للمرة الأولى في دراما رمضان ، وشاهد يوميا ترتفع بالمدمنين لعنان السماء خاصة وأن المؤلفين قد حرصوا على أن يظل المدمن مستمرا في حياته الطبيعية إلى الحلقات الأخيرة قبل أن يمن المؤلف والمخرج علينا بمشهد عابر للأثر السلبي للإدمان على صاحبة ومن حوله.
كارثة أخلاقية استعراض ما حدث في تلك الأعمال الدرامية التي اهتم صانعوها بتقديم الابتذال قد يطول شرحه وينطبق علية المثل القائل : " البكاء في الفايت نقصان عقل " لذا فما حدث لن نستطيع تغيره وإنما علينا انتظار نتائجه وتأثيره علينا وهوما دفعننا لأن نتوجه بسؤال د. عزة كريم خبيرة علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث : ماذا يمكن أن يحدث في المجتمع المصري بعد أن شاهد مواطنيه مثل تلك المسلسلات المبتذلة يوميا ولمده شهر كامل ؟ فأجابت بشيء من القلق :كارثة أخلاقية بمعنى الكلمة نحن فى انتظارها وأضافت : أشياء كثيرة يمكن أن تحدث أبرزها أن يسود العنف وتتفاقم معدلات الجريمة مما يهدد أمن واستقرار المجتمع ككل وليست فئة أو طبقة بعينها .. فالتلفزيون وسيلة إعلامية بالغة التأثير على المتلقي .. لاسيما في بلد مثل مصر ربع سكانه من الأميين ممن يسهل التأثير عليهم بينما المتعلمين غالبيتهم لا يقرؤون ويعتمدون في معرفة ما يدور حولهم على ما يقدمه لهم التلفزيون يوميا ، فإذا استمع المواطن لأحاديث تدعوه بعقلانية للتمسك بالدين ومكارم الأخلاق ، وشاهد دراما تعلى من قيم العلم والعمل والصبر والكفاح فبالتأكيد ووفقا للدراسات العلمية أن تلك الأفكار ستنتقل إليه يوما بعد يوما وترفع من روحه المعنوية عندما يتعرض لأي محنه يوميه سألناها أيضا : متى يصبح العكس صحيح ؟ قالت : الإجابة على السؤال عايشناها طوال شهر رمضان بأكمله عندما شاهدنا قنوات التلفزيون الحكومية والخاصة تنتج التفاهة وتفسح الوقت لعرض أعمال تحض على الابتذال وذلك عن عمد والمبرر جذب الإعلانات وكسب المال .. مما سيؤدى في القريب العاجل إلى انقلاب المعايير.. فتصبح الرشوة والسرقة وكسب المال الحرام من ثوابت الحياة اليومية ودليل على الفهلوة والشطارة وتكون الخيانة حق مكتسب وقت الخلافات الزوجية وتصبح الشتائم بالأب والأم من مفردات لغة الحوار اليومية .. وممارسة الدعارة والتخلي عن الشرف ضرورة حتمية لتحقيق منفعة شخصية وتشير خبيرة علم الاجتماع إلى أنها فوجئت في أثناء متابعتها لما تطرحه غالبية الأعمال الدرامية من قيم وأفكار بكم كبير جدا من الابتذال والتدني ضاربه مثالا بمسلسل ماما في القسم لسميرة أحمد ومحمود ياسين قائلة : " الأم هنا نشاهدها امرأة طيبة ولكن علاقاتها بغيرها غير سوية لاسيما مع أبنائها فنسمع كم من الحوارات المتبادلة بينهم التي يعاتب فيها الإبن أمه بطريقة فجه لا تخلو من الإهانة .. وهو أمر غريب ويتنافى مع تعاليم كافة الأديان السماوية التي دعت إلى احترام الآباء :" لا تقل لهم أف ولا تنهرهما .... " وتتساءل خبيرة علم الاجتماع : هل هناك من داع لأن تكون الكوميديا وإضحاك الناس بهدف أن نهين الآباء .. فأى إبن أو إبنة سيشاهد هذا العمل سيتأثر به وسيعمل على تقليد أبطاله والنتيجة نعلمها جميعا . وتابعت د. عزة كريم : مسلسل آخر مثل " زهرة وأزواجها الخمسة " إنه كارثة بكل المقاييس فمن دعوة لتعدد الأزواج وإلى ترويج للغش والخداع والكذب وأن الغاية تبرر الوسيلة كما هو شائع فى غالبية حوارات أبطالة إلى جانب كم هائل من الرقص و التعري. وأردفت قائلة : لست متخصصة كناقده فنية وإنما أتحدث من منطلق تأثير تلك الأعمال على المتلقي من الناحية السلوكية ، وما تمثله من تحريض علني على الفسق والفجور ، لافته إلى أن المجتمع مقبل فى حال استمرار عرض مثل تلك الأعمال المبتذلة على مرحلة خطيرة جدا .." ربنا يستر علينا وعلى أولادنا منها " مشدده على ضرورة أن تسارع كافة الجهات المعنية بتشديد الرقابة على ما يقدمه التلفزيون لكونه جهاز موجود فى كل بيت يراه أناس من كافة الأعمار وما يقدمه يلقى قبولا وتقليدا من قبل الكثيرين خاصة وأن هؤلاء الفنانين يأتي بهم التلفزيون في برامج أخرى ويحتفي بهم وبأعمالهم بدعوى أنهم نجوم مجتمع ومسئولين عن توعيته وتثقيفه تحت مسمى رسالة الفنان . وتشدد خبيرة علم الاجتماع على أن مثل هؤلاء الفنانين ممن يقدمون الابتذال لا يجب الاحتفاء بهم في أى وسيلة إعلامية وإلا فالإعلام بدوره يشارك في تلك الجريمة ، ومن هنا أطالب بضرورة أن يسارع وزير الإعلام وجميع الجهات المعنية بأمن واستقرار مصر إلى وضع قوانين رادعه تعاقب كل من يقدم الابتذال والإثارة تحت أى مسمى فاى تأخير أو تقاعس معناه مزيدا من الفوضى والانحدار الذي لا يتمنى أحدا أن تتعرض له مصر ويعانى منه المصريين.
الحق في الإبداع تركنا خبيرة علم الاجتماع ونحن نشعر بالخوف الممزوج بالقلق على حاضر مصر ومستقبلها مما يقدمه أبنائها باسم الفن والواقعية وتوجهنا بسؤال محدد وبسيط للكاتب والسيناريست الشاب بلال فضل : لماذا شاعت ألفاظ السباب و الشتائم ومفردات الابتذال في غالبية الأعمال الدرامية التي عرضت طوال شهر رمضان ومنها مسلسلك " أهل كايرو" ؟ فقال : لا يستطيع أحدا أن ينكر شيوع هذا وبشكل غير مسبوق في تاريخ الدراما ولكن الفن هو مرآة المجتمع يعكس ما يدور بداخله دون رتوش ، لافتا إلى أن تلك الألفاظ ما هي إلا انعكاس لألفاظ أخرى أكثر بشاعة ، سمعنا بها من قبل سياسيين ومسئولين داخل البرلمان وخارجه يتحدثون بها لعل أقربها " مصطلح " هاضربك بالجزمه" ورفع أحد المشاهير لحذائه فى وجهه خصمه أو التشهير بسيدهات الفضائح الجنسية وتسريبها .. " طالما إن ده موجود فى المجتمع فلماذا نلقى باللوم على الفن ونتهم الدراما بأنها من أفسد المجتمع علما بأن كل تلك الجرائم وانتشار المخدرات والدعارة وغيرها موجودة قبل تلك الأعمال الفنية ومن قديم الأزل " واستطرد فضل قائلا: " طالما إن ده موجود فان تقديمه في عمل فني لا يعد جريمة .." مش غلط " من الناحية الإبداعية فمن حق الفنان نقل الواقع كما يراه بكل ما فيه من بذاءات وابتذال فهو لا يتجنى على الواقع ولا يظلم المجتمع فبالعكس الفن هنا يعرى مشاكل المجتمع بصورة أوضح ويدق ناقوس الخطر ويدعو الجميع للانتباه. ويطرح بلال فضل فكرهة لحل تلك الإشكالية مفادها : أن يتم عمل تصنيف عمري للمشاهدة من قبل قنوات التلفزيون وهو النظام المعمول به فى غالبية دول العالم المتحضر ..فهذا مسلسل لكافة أفراد الأسرة وهذا ممنوع لأقل من كذا وهذا يحتوى على مشاهد عنف وبذلك يكون المشاهد على علم مسبق بما سيشاهده. ويؤكد بلال إنه في حال تطبيق هذا الاقتراح ستكون القضية في ملعب المشاهد هو وحده من يحدد ماذا سيرى وطبيعة المادة التي تسمح بها تربيته وأخلاقه في أن يشاهدها ، مضيفا نحن شعب يحب التظاهر بما ليس فيه وإلقاء التهمه على مؤلفي الدراما وإنهم السبب فيما يعيشونه من تردى أخلاقي وبذاءة باتت هي السمة الطاغية في الحوارات اليومية وعند أى خلاف يقع بين اثنين ضاربا مثالا بجماهير كرة القدم التى تظل تسب وتلعن اللاعبين بأقذع الشتائم تحت مبرر التشجيع والغضب وحب النادي ، ويتوقف بلال عند السقطة الأخلاقية التي حدثت في أحد المسلسلات بسب البطل لأحد الأشخاص بأمةه ويقول : يجب ان نواجهه أنفسنا كشعب بصراحة ، إن من عادتنا وقت الخلاف سب الأم وهى عادة توارثناها منذ زمن المماليك وليست بدعه اقترفها صناع الدراما كي نلقى باللوم عليهم وندعى أنهم وراء انتشار عادة سب الأمهات السيئة. ويؤكد أن المؤلف له الحق في أن يقدم صورة واقعية لشخصيات العمل كلا حسب ثقافته ووضعه الاجتماعي وبيئته فهل مطلوب من المؤلف عند الكتابة عن شخصية تعيش فى منطقة عشوائية ومدمن ويتعاطى المخدرات أن يخرج على الناس يقول الحكمة ويدعو للأخلاق الكريمة ؟ بالعكس فالمجتمع به تلك النماذج السوقية المبتذلة بألفاظها المتدنية الجارحة ، والدراما تقدم ذلك وعلى المجتمع مواطنين ومسئولين أن يهتموا بمد يد العون لمثل تلك النماذج ولا يتركوهم هكذا
ابتذال وتكرار من جهته يرى الكاتب الكبير يسرى الجندي أن ما نحن فيه الآن من مستوى متدني في أمور حياتيه كثيرة أسبابه كثيرة ومتعددة وترجع لسنوات كثيرة مضت انعكست بدورها على الفن وما يقدم على شاشة التلفزيون من أعمال غالبيتها مبتذلة ومكررة. وأضاف : لعل ابرز مظاهر التدهور والتراجع الفني هي تلك اللغة المتدنية المبتذلة التي يستخدمها البعض باسم الإبداع ونقل الواقع وأظن أنها بلغت مداها في دراما رمضان الجاري وأعتقد أن الوقت قد حان لمراجعتها والوقوف أمامها كظاهر خطيرة تهدد قيم المجتمع وتعمل على انحلاله وتفسخه. لافتا إلى أن أبرز أسباب ذلك يكمن في كثرة الإنتاج الذي جاء على حساب المضمون وجرى فريق من المنتجين وراء المعلنين والسعي لجذب الجمهور بأي طريقة كان لضمان إقبال وكالات الإعلان عليهم والنتيجة أننا ولأول مرة منذ سنوات نشاهد عزوف عربي عن الدراما المصرية ، فغالبية الأعمال التي أنتجت عرضت في القنوات المصرية بعدما وجد إخواننا بقية القنوات العربية أن مضمونها مبتذل ومكرر فآثروا الاهتمام بعرض إنتاجهم الخاص الذي يلائم بيئتهم وثقافتهم ويحافظ على تقاليدهم. ويؤكد الجندي أن تراجع حجم السوق الإعلانى وسطوة المعلنين بات واضحا للجميع فغالبية الأعمال لم تحقق المرجو منها إعلانيا وهى فرصة لأن تتحرر الدراما المصرية من سطوة شركات الإعلانات ونعود مجددا للمعادلة الصحيحة وهى أن العمل الجيد أولا دون النظر لأسماء النجوم وأن يهتم التلفزيون المصري أولا بالكيف وليس بالكم فيما يقدمه من أعمال، لافتا إلى أنه ليس بالضروري على التلفزيون أن يقوم بعرض 20 عملا كي يكون ناجحا ومستقطبا للمشاهدين فخمسة أو سبعة أعمال جيدة ومتنوعة تحمل قيما نبيلة من شانها أن تحقق ذلك مشددا في نهاية كلامه على أن العودة إلى معيار الجودة هو الضمانة الوحيدة لعدم تكرار ما حدث من مهازل وبذاءات في دراما رمضان2010.
الفن الحقيقي من جهته يرى المخرج الكبير محمد فاضل أن الفن في حقيقته بريء من غالبية ما قدم على شاشة رمضان ، قائلا: الفن في حقيقته هو إعلاء لقيم الحق والخير والجمال ودونهم لا يصبح فنا ويصبح ما يقدم أى شيء أخر لا أن يكون فنا بالمعنى المتعارف عليه ، ولذا فمن العار أن نطلق على بعض مما عرض على شاشة رمضان غسم فن . وتابع : قيمة الجمال تنسحب على الملابس والألفاظ والحوار وحركة اليدين والديكور والإضاءة.. إلخ , كل هذا عند الاهتمام به وتقديمه بشكل جيد يعبر عن الجمال كركيزة أساسية يقوم عليها أى عمل فني ، ولذا عند تأمل ما قدم في بعض المسلسلات من ابتذال وسوقية نتأكد أنه ليس فنا حتى لو ادعى صانعوه أنه جاء تعبيرا عن حاجة الناس وتنفيذا لرغباتهم وأنه حظي بنسبة مشاهدة عالية .. أقول لهم أن المخدرات كذلك تحظى بإقبال فئة من الناس وتزدهر تجارتها بناء على رغباتهم ، فهل يتساوى الفن بالمخدرات ، بالتأكيد الفن ارقي وأسمي من ذلك. محمد فاضل صاحب "أحلام الفتى الطائر - ليلة القبض على فاطمة -عصفور النار - الراية البيضا " وغيرهم من الأعمال الدرامية المتميزة أكد أن مقولة الدراما تعبر عن الواقع بكل تفاصيله ومفرداته بما فيها الألفاظ السوقية هي مقولة خطأ يروج لها أدعياء الفن ممن لايمتلكون موهبة حقيقية تعينهم على تقديم عمل فني راق ، فالفن الذي نعرفه وتعلمناه من الراحلين الكبار ونحرص على تعليمه للأجيال القادمة هو إعادة صياغة للواقع بالشكل الذي يضيف إلى المتلقي قيم الخير والجمال وليس نقل الواقع كما هو الآن. ويرى فاضل أن سيطرة بعضا ممن يطلقون عليهم السوبر ستار على مقدرات العملية الإنتاجية سواء كانت فنانة أو فنان فتدعو المؤلف لكتابة دور يليق بها وتنتقى مخرج تفصيل كل ذلك أدى لما نحن فيه الآن من انحدار وقال: " للأسف الشديد بعضا من هؤلاء السوبر ستار فاقدين للثقافة ولحقيقة الفن كرسالة لتوعية المجتمع بقضاياه وليس شريط تستغله وكالات الإعلان لعرض منتجاتهم بين الفواصل. ويدعو فاضل القطاع الخاص للعودة إلى سابق عهدة كقلعة فنية هامة تهتم بتقديم الجيد من الأعمال إلى جانب التلفزيون ، وأن يكون الحكم على العمل الفني بجودته من حيث الورق والإخراج والتصوير والأداء وليس بمقدار ما يحدثه من ضجيج وصخب ويقدمه من ابتذال الغرض منه تجارى بحت بهدف جذب الإعلانات ، وقتها سيعود الفن المصري إلى سابق عهده رسالة لاغني عنها في نهضة وتوعية المجتمع .